نزاع السودان في يومه الـ69.. معارك تتوسع
تتكالب الأحداث على السودان مع دخول الصراع الدائر فيه يومه الـ69، على وقع محاولة غير مجدية للتوصل إلى هدنة جديدة ونزاع تتوسع جبهاته.
ولا يزال دوي القصف المدفعي يهز أرجاء العاصمة السودانية وبعض المناطق الأخرى، مع تواصل القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط تبادل اتهامات بين الطرفين بارتكاب انتهاكات في حق المدنيين.
لا هدنة جديدة
وأعلنت واشنطن، الخميس، فشل التوصل إلى هدنة جديدة، رغم المحادثات المستمرة بمدينة جدة، والتي ترعاها السعودية والولايات المتحدة، والتي توصلت سابقا لأكثر من هدنة لكن مددها انتهت وشهدت خروقات واتهامات من الجانبين.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، مولي في، الخميس، إن “الولايات المتحدة أرجأت المحادثات بشأن السودان لأن الصيغة المتفق عليها لا تحقق النجاح المنشود”.
وأبلغت مولي في، لجنة فرعية للشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، الخميس، بأن “اتفاقات وقف إطلاق النار لم تكن فعالة بشكل كامل لكنها سمحت بنقل المساعدات الإنسانية العاجلة”.
وطالبت في الحكومات الأخرى بالانضمام إلى الولايات المتحدة في فرض عقوبات، مضيفة أن “بريطانيا تدرس القيام بذلك لكن الاتحاد الأوروبي بطيء إلى حد ما في اتخاذ قرار مواصلة العقوبات”.
وأشارت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، إلى أن “الولايات المتحدة تجري أيضا مباحثات مع شركائها العرب”.
وفرضت الولايات المتحدة هذا الشهر عقوبات على شركات اتهمتها بإذكاء الصراع في السودان مستهدفة شركتين مرتبطتين بالجيش، وأخريين مرتبطتين بقوات الدعم السريع.
وردت في على سؤال عن احتمال أن تفكر وزارة الخارجية الأمريكية في اضطلاع مبعوث خاص بدور في تطبيق السياسة الأمريكية في السودان، قائلة إن “الوزير أنتوني بلينكن يدرس تعزيز دور السفير الأمريكي في الخرطوم جون جودفري”.
وأضافت: “الحكومة الأمريكية بأكملها منهمكة تماما في معالجة هذه الأزمة نظرا لتأثيرها ليس فقط على السودان وإنما على المنطقة بأسرها”.
الاشتباكات تهز الخرطوم
ولا يزال القتال متواصلا بين الجيش وقوات الدعم السريع وتزداد سخونته، حيث أكد شهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسية، أن “قصفا مدفعيا ضرب شارع الستين شرقي الخرطوم”.
وأكد آخرون توجيه ضربات صاروخية من شمال أم درمان غرب العاصمة، حيث يقع الكثير من مراكز الجيش الرئيسية، باتجاه جنوب أم درمان ومنطقة بحري في شمال الخرطوم.
كما قال شهود عيان أيضا إن “اشتباكات اندلعت في الشوارع مع تحليق طائرة عسكرية في سماء منطقة بوسط الخرطوم، كان الهدوء يسودها منذ 10 أيام”.
وتركز القتال إلى حد كبير في العاصمة وإقليم دارفور (غرب)، لكن الجيش اتهم “الحركة الشعبية” بمهاجمة قواته في ولاية جنوب كردفان على بعد مئات الكيلومترات جنوب غرب الخرطوم، كذلك، شهدت مدينة الأُبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان قصفا مدفعيا.
دارفور.. أبعاد جديدة للصراع
وفي دارفور اتخذ القتال الأكثر دموية منحا آخر، وحذّرت الأمم المتحدة من أن الصراع “اتخذ بعدا عرقيا”.
وشهدت مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور “اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وقوع “46 هجوما على مرافق الرعاية الصحية منذ بدء الاقتتال”.
وأكدت المنظمة الأربعاء خروج نحو ثلثي مرافق الرعاية الصحية من الخدمة في مناطق القتال في السودان، محذّرة من “زيادة مخاطر الأوبئة مع موسم الأمطار الذي بدأ هذا الشهر”.
وأوضحت أن نحو 11 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة صحية، مبدية قلقها بشأن محاولات السيطرة على أوبئة الحصبة والملاريا وحمى الضنك المستمرة.
أزمة إنسانية
وكان المجتمع الدولي تعهّد خلال اجتماع عقد في جنيف الاثنين تقديم 1.5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الإنسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية.
ويعتمد 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكّان السودان، على المساعدات الإنسانية للاستمرار في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة “غير مسبوقة”، وفق الأمم المتّحدة.
وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي راو، من أنّ “الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات قياسية في وقت لا تبدو فيه أيّ مؤشّرات على نهاية للنزاع”.
وفي مختلف أنحاء السودان، بلغ عدد النازحين نحو “مليوني شخص”، وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، كما أحصت المنظمة الدولية للهجرة نحو 600 ألف شخص فرّوا إلى الدول المجاورة.
جبهة قتال جديدة
وكان شهود عيان أكدوا أن سكان مدينة كادقلي في جنوب غرب السودان بدأوا الفرار من المدينة، الخميس، مع تصاعد حدة التوتر بين الجيش والحركة الشعبية، وهو ما يهدد بفتح جبهة صراع أخرى في الحرب الدائرة بالبلاد.
ويأتي الحشد حول كادقلي، وهي عاصمة ولاية جنوب كردفان، بعد 10 أسابيع تقريبا من بدء القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي يدور أغلبه في العاصمة الخرطوم.
واتهم الجيش السوداني، الأربعاء، الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تسيطر على أجزاء من ولاية جنوب كردفان، بانتهاك اتفاق قائم منذ فترة طويلة لوقف إطلاق النار وبمهاجمة وحدة تابعة للجيش في كادقلي، وأكد التصدي للهجوم لكنه أعلن عن تكبده خسائر.
وتسبب النزاع الدائر منذ منتصف أبريل/نيسان في نزوح أكثر من 2.5 مليون شخص عن ديارهم وأوقع أكثر من ألفي قتيل وهدد بزعزعة الاستقرار في دول مجاورة تعاني هي الأخرى من الصراع والفقر والضغوط الاقتصادية.
وصباح الأربعاء، انتهت هدنة مدتها 72 ساعة تم الاتفاق عليها بين الطرفين بوساطة أمريكية-سعودية لكن الأطراف لم تنجح في تجديدها.