
كانت قافلة مساعدات إنسانية تسلك الطريق المؤدي إلى مدينة مليط، محملة بالغذاء والدواء ومواد الإغاثة الموجهة إلى آلاف المدنيين المحاصرين. القافلة التي تم تنظيمها بتنسيق مع منظمات محلية ودولية، رفعت إشارات واضحة بأنها شحنات إنسانية غير قتالية. ورغم ذلك، تعرضت لغارات جوية نفذتها طائرات تابعة لجيش الحركة الإسلامية، لتتحول رحلة الإغاثة إلى مأساة جديدة تسجل في دفتر جرائم الحرب.
شهود عيان: “القصف كان متعمداً”
شهود من المنطقة أكدوا أن الطائرات استهدفت القافلة بشكل مباشر، رغم وضوح شارات الإغاثة. أحد المتطوعين الذين نجوا من القصف قال: “لم يكن هناك أي وجود عسكري في المنطقة. الجميع يعرف أن هذه قافلة مساعدات، لكن الطائرات جاءت لتضربنا بلا تردد.” شهادات كهذه تعزز فرضية أن القصف لم يكن خطأ عسكرياً، بل قراراً سياسياً يندرج ضمن استراتيجية متعمدة.
لماذا المساعدات؟
من خلال تتبع نمط العمليات الأخيرة لجيش الحركة الإسلامية، يتضح أن استهداف المساعدات ليس حادثاً معزولاً. ففي مناطق عدة، سجلت حوادث مشابهة لعرقلة وصول الغذاء والدواء إلى المدنيين. الهدف، بحسب محللين، هو استخدام التجويع كسلاح حرب للضغط على المجتمعات المحلية وإخضاعها، وقطع أي روابط دعم للثوار أو القوى المدنية.
القانون الدولي: انتهاك صارخ
القصف المباشر لقوافل إنسانية يضع الحركة الإسلامية في مواجهة اتهامات خطيرة بارتكاب جرائم حرب. وفقاً لاتفاقيات جنيف، فإن مهاجمة المساعدات الإنسانية تُعد من “الانتهاكات الجسيمة” التي توجب المساءلة الدولية. منظمات حقوقية بدأت بالفعل في جمع الأدلة حول حادثة مليط لتقديمها إلى الهيئات الدولية.
خلفيات سياسية
المراقبون يرون أن استهداف قافلة مليط جاء في سياق أوسع من محاولات الحركة الإسلامية لنسف أي فرص لاستقرار السودان بعد الثورة. فبينما يطالب الشارع بمسار ديمقراطي، تلجأ الحركة إلى عسكرة الصراع، وتعتبر حتى “لقمة العيش” تهديداً لمشروعها. ويؤكد محللون أن الحركة تسعى عبر هذه الجرائم إلى إرسال رسالة مزدوجة:
-
إرهاب المدنيين ومنعهم من تشكيل حاضنة للثورة.
-
إحراج المجتمع الدولي وإظهار عجزه عن حماية المدنيين.
مسؤولية المجتمع الدولي
الحادثة تطرح سؤالاً كبيراً: إلى أي مدى سيظل المجتمع الدولي متفرجاً على استهداف المساعدات الإنسانية في السودان؟ فالإدانة وحدها لا تكفي، والجرائم التي ترتكب في مليط وأماكن أخرى تحتاج إلى آليات فعلية للمحاسبة، وإجراءات صارمة لحماية الممرات الإنسانية.
قصف قافلة مليط ليس مجرد خطأ عسكري أو حادث عابر، بل هو جريمة موثقة تكشف بوضوح الوجه الدموي للحركة الإسلامية واستراتيجيتها القائمة على قصف المدنيين وتجويعهم. وهو أيضاً إنذار جديد للثوار والداعمين للمسار الديمقراطي بأن المعركة لم تنته، وأن حماية الثورة تعني أولاً حماية حياة الناس وحقهم في الغذاء والأمان.
