ملفات

السودان على شفا الحرب الأهلية


اتسعت دائرة الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في الخرطوم، وامتدت لدارفور غرب البلاد، واتخذت طابعا عرقيا.

وأفاد شهود عيان بأن الاشتباكات العنيفة في العاصمة الخرطوم وبحري (شمال) وأم درمان (غرب) بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.

وطبقا للشهود، فإن الطيران العسكري حلق بكثافة ما أدى إلى نشوب حرائق وتصاعد ألسنة اللهب والدخان في سماء العاصمة الخرطوم.

وأبلغ شهود عيان من دارفور أن مدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، على الحدود مع دولة تشاد، أصبحت مدينة أشباح جراء انقطاع الكهرباء والمياه والدواء.

وأكد الشهود أن الجثث ملقاة في الشوارع، وأن النيران ما زالت مشتعلة في المنازل والمرافق الحكومية.

وأشار الشهود إلى أن القتل في مدينة الجنينة اتخذ طابعا عرقيا، ما يؤدي إلى كارثة حقيقية تقضي على الأخضر واليابس.

تحذير أممي

وحذر رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس من أن “الأوضاع الأمنية والإنسانية في السودان مستمرة في تدهور سريع مع استمرار القتال بين قوات الجيش والدعم السريع”.

وقال بيرتس، في بيان أصدره الثلاثاء، إنه “منذ اندلاع النزاع بين القوات المسلحة والدعم السريع في 15 أبريل الماضي استمرت الأوضاع الأمنية والإنسانية وحقوق الإنسان في التدهور السريع في جميع أنحاء البلاد، لا سيما بالخرطوم ودارفور (غرب) وكردفان (جنوب).

وأضاف: “في حين أن الأمم المتحدة في هذه المرحلة غير قادرة على التحقق من جميع الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، فإن المعلومات الواردة من العديد من كيانات المجتمع المدني وشبكات المدافعين عن حقوق الإنسان ترسم صورة واضحة لنطاق التأثير المدمر على السكان المدنيين”.

وذكر المبعوث الأممي أنه “مع استمرار تدهور الوضع في دارفور، يساورني القلق بشكل خاص إزاء الوضع في الجنينة (غرب دارفور) في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر أبريل والتي اتخذت أبعادا عرقية”.

وقال بيرتس: “هناك نمط ناشئ من الهجمات واسعة النطاق التي تستهدف المدنيين على أساس هوياتهم العرقية، هذه التقارير مقلقة للغاية، وإذا تم التحقق منها فقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”.

 ارتفاع القتلى

وأعلنت نقابة أطباء السودان، الأربعاء، ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى 958 شخصا، جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل الماضي.

وقالت النقابة (غير حكومية) في بيان، إن “عدد الضحايا بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات ارتفع إلى 958 حالة وفاة، و4 آلاف و746 إصابة”.

وأكدت أن “الاشتباكات ما تزال جارية بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع لليوم التاسع والخمسين على التوالي”.

وأفادت بأن “الاشتباكات أسفرت عن مزيد من الضحايا يجري حصرهم في العاصمة (الخرطوم) والأقاليم”، موضحة أنها “لم تتمكن من الوصول إلى المستشفيات لصعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد”.

وآخر إحصائية أعلنتها النقابة كانت في 28 مايو الماضي، وبلغت حينها حصيلة القتلى المدنيين 866 شخصا، إضافة إلى 3 آلاف و721 إصابة.

وبخصوص الوضع في مدينة الجنينة (غرب دارفور)، قالت نقابة الأطباء إن “الاقتتال أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا، بينهم أطفال ونساء وكبار سن”.

ووصفت النقابة الوضع في الجنينة بأنه “كارثي والأسوأ على الإطلاق”، مشيرة إلى أنه “تعذر تماماً حصر الضحايا في المدينة بسبب خروج المستشفيات عن الخدمة وانقطاع الاتصالات”.

سيناريوهات محتملة

يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد الأسباط: “الحرب العبثية فجرها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في 15 أبريل الماضي، أحدثت دمارا وتخريبا وكوارث ومآسي وعذابات لم يعرفها السودانيون خاصة في عاصمة بلادهم طوال تاريخها”.

وأوضح الأسباط أن “مستقبل هذه الحرب يمكن أن يمضي نحو احتمالين، الأول أن تنجح الوساطة السعودية الأمريكية في الضغط على الطرفين بعد نجاح هدنة الـ24 ساعة في 10 مايو الجاري، إلى هدنة طويلة نسبيا، من 10 أيام أو أسبوعين يتم أثناء هذه الهدنة عقد مفاوضات تستهدف وقفا نهائيا لإطلاق النار تعقبها عملية سياسية لحل الأزمة في السودان، وهذا وفق ما ذكرته بيانات وتصريحات صدرت عن الوساطة خلال الأيام الماضية”.

أما الاحتمال الثاني -بحسب المحلل السياسي السوداني- أن يتمكن المتطرفون من الجانبين من فرض إرادتهما وموقفهما وبالتالي الاستمرار في الحرب، وهو السيناريو الكارثي والذي يؤدي حتما نحو انزلاق البلاد نحو حرب أهلية، لا سيما أننا بدأنا الآن نلحظ المؤشرات الأولية لهذه الحرب الأهلية خصوصا في غرب دارفور في منطقة الجنينة.

حيث يتم القتل على الهوية، حيث العرب يقتلون أيا من القبائل الأفريقية، ومقاتلو القبائل الأفريقية يقتلون أيا من القبائل العربية، وهذه هي الكارثة التي إن انزلقت ستحرق الإقليم كله، خاصة أن السودان يرتبط بحدود غير مؤمنة مع أكثر من 7 دول أفريقية، وكل هذه الدول تربطها علاقات قبلية تشاركية بينها خاصة تشاد، حيث هناك قبائل عديدة جدا نصفها في تشاد ونصفها الآخر في السودان”.

وتابع يقول: “الأكثر كارثية أن هذه القبائل تنتمي إلى المكونين العربي والأفريقي، وهناك قبائل عربية نصفها في السودان ونصفها الآخر في تشاد وبنفس القدر في أفريقيا الوسطى وليبيا، ونفس التداخل موجود في إريتريا وجنوب السودان، بالتالي فإن انزلقت البلاد نحو حرب أهلية ستصيب الشظايا كل دول الإقليم السبع، وكل ما يخشاه المراقبون أن يتمكن المتطرفون من اختطاف القرار لدى الطرفين وتؤدي الحرب في نهايتها إلى حرب أهلية كارثية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى