الجيش السوداني تحت المجهر.. تصريحات داخلية تثير مخاوف من انقلاب وشيك

أفادت تقارير صحفية بوجود قلق متزايد داخل الجيش السوداني تجاه “انقلاب” من قبل الإخوان، وذلك بعد ملاحظة تزايد وجود عناصر من كتائب إسلامية في المدن. ويأتي هذا في ظل تصريحات “نادرة” من القيادة العسكرية التي عبرت بوضوح عن مخاوفها من زيادة نفوذ هذه القوى ورغبتها في الوصول إلى السلطة.
تُثير هذه الأنباء مجددًا المخاوف السابقة من احتمال نشوب صراع داخلي داخل الجيش السوداني، وذلك مع تزايد نفوذ جماعات الإخوان المسلمين والميليشيات التي انضمت إلى الصراع الأهلي إلى جانب المؤسسة العسكرية قبل عامين. ومع ذلك، فإن الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها هذه الجماعات ونتج عنها ضغط دولي على الجيش، بالإضافة إلى الرفض الشعبي لتكرار نموذج حكم الإخوان السابق بقيادة الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، قد تسارعت من فرص المواجهة.
شكّلت تصريحات نائب قائد الجيش، الفريق شمس الدين كباشي، آخر إنذار بشأن المواجهة المحتملة، حيث ذكر أن “انتشار السلاح يمثل تحديًا أخطر من العدو الواضح”، مُشيرًا إلى ضرورة إبعاد القوات المقاتلة عن المدن التي استولى عليها الجيش، على أن تُعهد مهام حفظ الأمن إلى الشرطة.
أكدت تصريحات كباشي التي أُدلي بها أمام ولاة الولايات وبعض الوزراء في مقر حكومة ولاية البحر الأحمر، صحة الأنباء التي تحدثت عن زيادة حدة الخلافات بين قيادة الجيش السوداني وقادة الكتائب الإخوانية، وذلك بعد سلسلة من القرارات التي استهدفت تقليص نفوذهم في شمال وشرق البلاد.
أظهرت تسريبات من وسائل إعلام محلية أن قرارات الجيش، التي تتضمن وقف التجنيد وطرد الكتائب المسلحة من ولايات شمال وشرق السودان بالإضافة إلى وقف تزويدها بالتمويل والسلاح، قد أثارت استياء قادة تلك الكتائب.
اتُخذت تلك التدابير للحد من الانتهاكات والجرائم الفظيعة التي ارتكبتها تلك الكتائب في المدن التي تقدم فيها الجيش مثل الجزيرة وأم درمان والخرطوم، حيث شهدت عمليات إعدام ميدانية وتنكيل بالمدنيين، مما زاد من الضغوط الحقوقية الدولية على قيادة الجيش.
أثارت تلك التجاوزات مخاوف من إمكانية حدوث عمليات انتقامية، وهو ما أشار إليه كباشي بوضوح، حيث أكد أنها أفضت إلى وجود “خطاب كراهية وعنصرية وجهوية”، محذراً من عواقب ذلك على “تلاحم المجتمع”.
لحظة الحقيقة
يعتقد المراقبون أن الفوضى الأمنية وتزايد احتمالات الصراع بين الجيش والميليشيات المتحالفة معه هما نتيجة طبيعية لمحاولة قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان تكرار تجربة الرئيس السابق عمر حسن البشير، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى عودة الإخوان المسلمين إلى الحكم.
يرون أن أي خطوات سيقوم بها الجيش للحد من تأثير الكتائب الإخوانية ستكون “متأخرة” بعد أن توسعت بشكل كبير داخل الجيش والمدن التي يسيطر عليها، بالإضافة إلى تسليحها بأحدث الأسلحة والتقنيات، مما يجعل الصراع معها مكلفاً وغير مضمون النتائج.
ما يعزز مخاوف قيادة الجيش من “فوات الأوان” هو التعليمات التي صدرت مؤخراً من مجلس السيادة، والتي تشير إلى أن “تنسيقيات القبائل لن تحل محل الإدارة الأهلية”. هذه التعليمات، بالإضافة إلى إجراءات أخرى، تعكس قلقاً عميقاً بشأن احتمال وقوع انقلاب مدعوم من بعض القبائل.
كانت تقارير سابقة قد نبهت جهات في الجيش من خطر “الانفلات” داخل المعسكرات، مع رصد شعارات “متطرفة” تشير إلى عناصر إخوانية تابعة لأنصار الرئيس المخلوع، البشير.
أصبحت الخلافات في الجيش السوداني، مع استمرار النزاع، تشير إلى أن الصراع الذي انطلق قبل عامين من أجل السلطة بين مكونين مختلفين، قد تطور إلى صراع أعمق تديره جماعة الإخوان من وراء الستار، حيث تمكنت من التغلغل في هياكل الجيش الذي أصبح يواجه احتمالات صراع داخلي.
