قاعدة روسية في السودان.. ماذا يعني الاتفاق الجديد للمنطقة؟

أعلن وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف خلال زيارة إلى موسكو الأربعاء عن اتفاق لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية روسية في بلاده.
وأكد أنه “لا عقبات” أمام سعي روسيا لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية في السودان على ساحل البحر الأحمر، فيما يأتي هذا التقارب بينما تشهد العلاقات بين الحكومة السودانية وواشنطن توترا خاصة بعد فرض عقوبات أميركية على رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.
وتتطلّع موسكو منذ سنوات لإنشاء قاعدة بحرية لها قرب مدينة بورتسودان في محاولة لتوسيع نفوذها في القارة السمراء.
-
رياح روسية في الأزمة السودانية
-
الدعم السريع ينفي علاقته مع مجموعة فاغنر الروسية… البرهان من استعان بقوات أجنبية
وقال وزير الخارجية السوداني خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف “نحن متّفقون تماما بشأن هذه المسألة، ولا توجد أيّ عقبات على الإطلاق” متابعا “هذه أيضا مسألة سهلة”.
كما قال في مقابلة مع قناة روسيا اليوم عقب محادثات في موسكو “في اللقاء بيننا لم نتفاوض حول الاتفاق.. لم نبحث ماذا نريد أن نتفق عليه، لأنه هذا كان قد تم توقيع اتفاق بين البلدين ولم يكن هناك أي خلاف حول هذا الموضوع”.
من جهته، لم يعلّق لافروف على تصريح نظيره السوداني بشأن القاعدة العسكرية.
وعملت روسيا على تعزيز العلاقات مع طرفي الحرب الأهلية السودانية المستمرة منذ قرابة العامين، وزار مسؤولون روس في الأشهر القليلة الماضية بورتسودان، المدينة التي يتخذها الجيش قاعدة له خلال الحرب.
-
تصعيد خطير في السودان.. معارك عنيفة تحصد عشرات الضحايا
-
هل تتخذ واشنطن موقفًا حاسمًا ضد السودان بعد جرائم الجيش السوداني؟
وفي العام الماضي، قال أحد كبار القادة السودانيين إن روسيا طلبت إقامة محطة تزود بالوقود على البحر الأحمر مقابل أسلحة وذخيرة.
وقال يوسف إن مثل هذه المحطة لا تشكل تهديدا لأي دولة أخرى أو لسيادة السودان. مشيرا إلى جيبوتي التي تستضيف العديد من القواعد الأجنبية.
وستكون مثل هذه المحطة مفيدة لروسيا. خاصة بعد أن أثار سقوط نظام بشار الأسد في سوريا الشكوك حيال وضع قاعدتيها ذاتا الأهمية هناك.
وتدخلت قوى إقليمية وعالمية متنافسة في الحرب في السودان، لأسباب منها ساحله الطويل على البحر الأحمر، فضلا عن موارده من الذهب.
-
طائرات بيرقدار التركية: تعميق الصراع وزيادة الجراح في السودان
-
تحت غطاء المساعدات.. تركيا تقدم مسيراتها واسلحتها الى الجيش السوداني التي يستعملها في قتل المدنيين
واعتمد السودان عسكريا على روسيا في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح به في 2019. بعد ثلاثة عقود في السلطة اتّسمت بعزلة دولية وبعقوبات أميركية صارمة.
وفي عهد البشير أبرمت الخرطوم وموسكو اتفاقا مدّته 25 عاما يتيح لروسيا أن تبني .وتشغّل قاعدة عسكرية بحرية على البحر الأحمر.
لكن بعد الإطاحة بالبشير وضع الجيش السوداني هذا الاتفاق “قيد المراجعة”. ومنذ ذلك الحين ومصير هذه القاعدة غير واضح. وزاد مصير هذه القاعدة غموضا في ظلّ الحرب الأهلية المستعرة في السودان منذ 2023.
-
أبو الغيط في بورتسودان: دور الجامعة العربية في حل الأزمة السودانية
-
إنجاز جديد.. «الدعم السريع» تسيطر على معبر حدودي مع جنوب السودان

وكانت الولايات المتحدة اتهمت روسيا بتمويل الطرفين المتحاربين في السودان. وردا على ذلك رفض السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا في ديسمبر/كانون الأول ما أسماه “الافتراءات التي تروجها الدول الغربية ووسائل إعلامها” بأن موسكو تحاول استغلال الجانبين لتحقيق ميزة من الحرب.
-
السودان: ما الثمن الذي سيدفعه البرهان مقابل “الفيتو” الروسي؟
-
الأزمة الإنسانية تتصاعد في السودان.. خطر الإبادة الجماعية يزداد وضوحاً
ويقول محللون سياسيون أن الولايات المتحدة جددت اهتمامها بالخرطوم خشية أن تفقدها لصالح منافسيها الصين وروسيا، لاسيما في ظل موقع السودان الاستراتيجي في إفريقيا، خاصة سواحله على البحر الأحمر.
ووفق مراقبين، صارت وجهة السودان مغايرة فلم يعد التقارب مع الولايات المتحدة هدفه الأول، ولم تستطع الأخيرة تقديم ما يقنع الخرطوم بمحاولة إرضاء واشنطن.
وخلال عامين قبل الحرب، انخرطت حكومة السودان في خطة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، في محاولة لإرضاء واشنطن وتحقيق أهداف سودانية. كما ثبُت أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لا تمتلك ما يكفي من القوة للضغط، أو لا تريد الضغط، على طرفي الحرب لتحقيق ولو سلام مؤقت في السودان. فلم تنجح مفاوضات مدينة جدة، برعاية الولايات المتحدة والسعودية، في تحقيق أي اختراق في الأزمة السودانية، ولو وقف مؤقت لإطلاق النار.
-
مقاتلات جزائرية تخدم أجندة طهران في تأجيج «حرب الكيزان» بالسودان
-
الجهود الأمريكية لوقف حرب السودان.. هل تحقق نتائج ملموسة؟
وحاليا لم تظهر إدارة الرئيس دونالد ترامب اهتماما كبيرا بالملف السوداني وسط نهج لتقليل الانخراط الأميركي في الصراعات الدولية.
وانهارت أكثر من هدنة جرى التوصل إليها في جدة، وسط تبادل للاتهامات بخرقها بين الجيش و”الدعم السريع“، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/ كانون الأول 2023. وتفيد مؤشرات، بحدوث تباعد بين واشنطن والخرطوم، إذ اتجهت الأخيرة إلى روسيا والصين وإيران. وحدث تبادل للزيارات بين المسؤولين.
وفي أكثر من مناسبة، شدد مسؤولون سودانيون على متانة واستراتيجية العلاقات مع الدول الثلاث، التي تمتلك ملفات خلافية عديدة مع الولايات المتحدة. وغداة اتصال بلينكن والبرهان، أدلى نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار بتصريح اعتبره المراقبون رسالة واضحة من الرجل الثاني في الدولة بأن الخرطوم غير راضية عن سياسات واشنطن الأخيرة تجاه السودان.
-
السودان على شفا مجاعة تاريخية: أزمة غذاء تهدد الملايين
-
السودان في أزمة: تزايد القتال ونفاد الموارد التمويلية الإنسانية
ومنذ اندلاع الحرب، تؤكد واشنطن على الحديث عن طرفي الحرب ومساواة “الجيش” بـ”الدعم السريع“، وهو ما يرفضه البرهان، ويقول إن الجيش هو “قوات مسلحة وطنية”. بينما “الدعم السريع” هو “قوة متمردة على الدولة”. لكن لا أحد يشارك البرهان هذه الادعاءات التي في حقيقة الأمر عطلت التوصل إلى سلام حتى الآن.
ورغم التقدم العسكري للجيش السوداني في عدد من المناطق خاصة. ولايتي الخرطوم والجزيرة لكن ليس من المرجح تحقيقه الحسم العسكري.
