أحداث

الحرب السودانية تدمّر المنظومة الصحية: أزمة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة الملايين


يشهد السودان أزمة إنسانية خانقة مع دخول الحرب الأهلية شهرها التاسع، حيث ألقت الصراعات المستمرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بظلالها الكارثية على مختلف القطاعات، وعلى رأسها القطاع الصحي الذي يُعاني من انهيار شبه كامل.

مستشفيات خارج الخدمة

أفادت تقارير صادرة عن منظمات دولية، مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي، بأن أكثر من 70% من المستشفيات في مناطق النزاع خرجت عن الخدمة، إما بسبب القصف المباشر أو نفاد الإمدادات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المولدات. وقد أدى ذلك إلى تفاقم معاناة المرضى الذين يجدون أنفسهم بدون مأوى صحي أو رعاية طبية مناسبة.

الأمراض والأوبئة تُهدد حياة الملايين

مع انهيار البنية التحتية الصحية، تصاعدت معدلات الإصابة بالأمراض المعدية، بما في ذلك الملاريا وحمى الضنك، وسط نقص حاد في الأدوية واللقاحات. وفي معسكرات النزوح التي تعج بالآلاف، يعيش النازحون في ظروف صحية متدهورة مع غياب شبكات المياه النظيفة والصرف الصحي، مما يُهدد بتفشي وباء الكوليرا.

الأطباء بين الهجرة والانقطاع عن العمل

لم تسلم الكوادر الطبية من آثار الحرب، حيث فرّ العديد منهم إلى خارج البلاد بحثاً عن الأمان، بينما توقّف آخرون عن العمل بسبب عدم دفع الرواتب أو تعرّضهم للتهديد المباشر. وتُشير التقديرات إلى أن السودان فقد ما يقارب 60% من كادره الطبي منذ اندلاع النزاع.
دعوات دولية لإنقاذ الموقف

أطلق المجتمع الدولي نداءات عاجلة لوقف إطلاق النار وتأمين ممرات إنسانية للسماح بإيصال المساعدات الطبية والإنسانية إلى المناطق المتضررة. كما تعهدت بعض الدول والمنظمات بتقديم الدعم المالي واللوجستي، إلا أن هذه الجهود تصطدم بعقبات سياسية وأمنية تعيق وصول المساعدات إلى مستحقيها.


كارثة إنسانية تستدعي تدخلًا عاجلًا

الحرب السودانية لا تهدد فقط حاضر البلاد، بل ترهن مستقبلها، خاصة مع الانهيار الصحي الذي يزيد من معاناة الملايين. ومع استمرار الصراع، تبدو الحاجة ماسة لتكاتف الجهود الدولية والمحلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتخفيف حدة المأساة الإنسانية.

صرّح المحلل السوداني عبدالرحمن الطي بأن الحرب المستمرة في السودان أدت إلى انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، مما يعكس حجم الكارثة التي تعيشها البلاد في ظل غياب أي حلول سياسية أو إنسانية جذرية.

وقال الطيب “النظام الصحي في السودان كان هشًا حتى قبل اندلاع النزاع، ولكن الحرب جاءت لتقضي على ما تبقى منه. المستشفيات أصبحت أهدافًا عسكرية، والأطباء يواجهون تحديات لا يمكن تصورها، من انعدام الأمان إلى نقص الموارد الأساسية”.

وأضاف أن “الأزمة لا تقتصر فقط على تدمير المنشآت الصحية، بل تمتد إلى أزمة ثقة بين المواطنين والنظام الصحي، حيث أصبح الناس يعتمدون على العلاج التقليدي أو يفرون إلى الدول المجاورة بحثاً عن الرعاية الطبية”.

دعوة للتحرك الدولي

وأشار الطيب إلى أن المجتمع الدولي يتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية في التعامل مع هذه الكارثة. وقال: “نحن بحاجة إلى تدخل دولي أكثر فاعلية، ليس فقط من خلال إرسال المساعدات، بل بالضغط لوقف إطلاق النار وتأمين ممرات إنسانية. ما يحدث الآن هو فشل جماعي يدفع ثمنه الشعب السوداني”.

وأكد أن “إعادة بناء النظام الصحي في السودان ستكون مهمة شاقة، لكنها ضرورية لضمان استقرار البلاد في المستقبل. هذه الحرب لن تنتهي دون معالجة آثارها المدمرة على القطاعات الحيوية، وأهمها القطاع الصحي”.

تحذير من كارثة طويلة الأمد

واختتم الطيب تصريحه بالتحذير من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى أزمات صحية متجددة حتى بعد توقف القتال، خاصة مع انتشار الأمراض المعدية ونقص الكوادر الطبية المؤهلة. ودعا الأطراف السودانية إلى تغليب لغة الحوار على لغة السلاح لإنقاذ ما تبقى من البلاد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى