البرهان ونظام البشير.. هل تعود رموز الماضي إلى المشهد السوداني؟
يشهد السودان تطورات متسارعة على خلفية الحرب المستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا، وسط اتهامات متزايدة للمتسبب باندلاعها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بالتعاون مع رموز نظام الرئيس السابق عمر البشير، ومحاولات لإعادتهم إلى المشهد السياسي.
وبرز في الآونة الأخيرة انتخاب أحمد هارون، المقرب من البشير والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني خلال اجتماع عُقد في عطبرة تحت حماية الجيش السوداني.
هذا التطور أثار جدلًا داخليًا ودوليًا، حيث يُنظر إليه كخطوة لإعادة بناء العلاقة بين الجيش والحزب المنحل، مع محاولات لتجنب انشقاقات داخل الحزب قد تؤدي إلى انقلاب على البرهان نفسه.
وفق مصادر سودانية فإن البرهان “مجبر” على التعامل مع رموز النظام السابق بسبب الضغوط التي تمارسها الحركة الإسلامية، التي تحكم قبضتها على بعض مراكز القرار داخل الجيش.
وعلى الرغم من محاولات البرهان إنكار أي علاقة بين الجيش واجتماعات أنصار البشير، إلا أن الأحداث على الأرض تعكس عكس ذلك.
انتقادات وتحذيرات
انتقد البرهان، يوم الثلاثاء، انقسامات الفصائل داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقًا، محذرًا من تداعياتها على وحدة البلاد.
إلا أن تصريحاته اعتُبرت محاولة لنفي ارتباط الجيش برموز الحزب المنحل.
بالمقابل، وصف مستشار قوات الدعم السريع، الباشا طبيق تصريحات البرهان بأنها “محاولة لتضليل الرأي العام”، مشيرًا إلى أن البرهان يعمل بتوجيهات من قيادات الحركة الإسلامية، مثل علي كرتي، لتوفير الحماية لرموز النظام السابق وتسهيل تحركاتهم.
يرى محللون أن انتخاب هارون رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني قد يعمّق عزلة البرهان خارجيًا؛ نظرًا لسجل هارون كمتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
المحلل الأمني، عادل بشير، صرّح أن هذه الخطوة “تؤكد تداخل المصالح بين الجيش والحزب المنحل؛ ما يؤدي إلى عرقلة أي جهود للتفاوض وإنهاء الحرب”.
وأضاف بشير أن قيادات الحزب المطلوبين للعدالة لجأوا إلى مناطق سيطرة الجيش منذ بداية الصراع، وسيطروا على قرار الحرب؛ ما يعقّد أي مبادرات تهدف إلى وقف القتال.
البرهان بين المطرقة والسندان
يحاول البرهان التعامل بحذر مع هذا الملف الشائك، حيث يخشى انقلابًا من داخل الجيش بدعم من رموز النظام السابق. وفي الوقت نفسه، يعوّل على الميليشيات الموالية له لحماية مصالحه واحتواء أي تهديد داخلي.
ورغم نفي البرهان الصريح للاجتماع الأخير لشورى الحزب المنحل، إلا أن تصريحاته لم تُقنع الكثيرين. فحديثه عن رفض شق الصفوف وانشقاق المقاتلين يعكس قلقه من صراع داخلي محتمل، خاصة أن الصراعات داخل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني أصبحت واضحة للعيان، وفق تعبير طبيق.
من جهة أخرى، يشهد حزب المؤتمر الوطني انقسامات داخلية حادة، حيث رفضت مجموعة يقودها إبراهيم محمود حامد انتخاب هارون، معتبرة أن الاجتماع “مخالف للنظام الأساسي”.
وأشارت إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى شق صف الحزب وتعميق أزماته.