أحداث

شرق السودان على شفا انفجار: تصاعد الصراع بين الميليشيات القبلية


برزت مخاوف واسعة من انفجار إقليم شرق السودان، جراء تعدد الميليشيات القبلية التي جاء بها قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، لمساندته في حربه ضد قوات “الدعم السريع“.

وبعد أن تعددت الميليشيات في الإقليم الذي يتخذه الجيش مقرًا لحكومته، بدأت الخلافات تدب فيما بينها على الرغم من أنها ترفع جميعًا شعار مساندة الجيش في ما يسمى بـ”حرب الكرامة”.

“الأورطة الشرقية”

ومن أحدث الميليشيات التي برزت إلى السطح في إقليم شرق السودان، هي قوات “الأورطة الشرقية” برئاسة الأمين داؤود، التي أعلنت انتشارها في مدينة كسلا الأسابيع الماضية؛ الأمر الذي فجّر الخلافات بينها والقوة المشتركة للحركات المسلحة من جهة، و”قومية البجا” من جهة أخرى.

وتضم قوات “الأورطة الشرقية” مقاتلين من قبيلة “البني عامر” المشتركة مع دولتي السودان وإريتريا، ويرأسها الأمين داؤود، الذي يرأس تنظيم “الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة”، والذي كان جزءًا من اتفاق “جوبا للسلام” في السودان، ولكنه وجد معارضة واسعة في الشرق؛ ما علّق تنفيذ الاتفاق هناك.

وأشارت تقارير صحفية إلى أن “الأورطة الشرقية” تُعدّ ضمن أربع ميليشيات تلقّت تدريبات عسكرية بمعسكرات في إريتريا؛ ما يثير مخاوف من دخول أطراف مسلّحة جديدة في النزاع الدامي بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع“.

1d78c598-79dc-4c7b-8cfd-afac48baf2c0

رفض قومية البجا

وأول من اصطدمت به ميليشيا “الأورطة الشرقية” هي قومية البجا الأوسع انتشارًا في شرق السودان، حيث اعتبرت الميليشيا الجديدة تدخلًا من دولة إريتريا للسيطرة على إقليم شرق السودان بمعاونة حزب المؤتمر الوطني المنحل، الذي كان حاكمًا في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

وأصدر المجلس الأعلى للبجا بيانًا عنونه بـ”حول نشر قوات إريترية في إقليم البجا”، كال فيه الاتهامات للقوات الجديدة ولقائدها الأمين داؤود ووصفه بـ”عضو جبهة التحرير الإريترية”، الحزب الحاكم في إريتريا.

كذلك ظل القيادي بالمجلس الأعلى لنظارات البجا، سيد علي أبو آمنة، يشن هجومًا متواصلًا على “الأورطة الشرقية” منذ الإعلان عن نفسها. مؤكدًا أنها محض قوات أجنبية تريد الاستحواذ على شرق السودان.

وقال على صفحته بموقع “فيسبوك” “لن نسلم السيادة التاريخية للبجا، لأي جهة أخرى أجنبية أو عنصرية كيزانية، وسوف نرفض خلق أي ميليشيا عسكرية قبلية في الشرق، وسوف نقاوم ذلك”.

47a34585-2e85-4a66-94c0-4e00e02ac1c1


وأضاف  أبو آمنة، “لن نكون يوماً ضد أهلنا البني عامر، (يقصد القومية التي تنحدر منها ميليشيا الأورطة الشرقية)، ولكننا سنظل عدوًّا للمنتحلين ولمنسوبي المخابرات الأجنبية والكيزان اللابسين قميص الثورة، والميليشيات الكيزانية القبائلية المسلحة”.

وأكد أن قوات “الأورطة الشرقية”، “ميليشيا قبلية أجنبية تدربت في إريتريا”، موضحًا أنها “تنتشر في إقليم سوداني وتدّعي أنها تحرسه وتجتمع وتتفق مع رئيس دولة أخرى لحماية السودان”.

وكان سيد علي أبو آمنة، يعلق على بيان لـ”الأورطة الشرقية” صدر يوم الاثنين، تكشف فيه تفاصيل اجتماع عقدته مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي. حول حماية السودان وبناء مشروع وطني يحصّن سيادة البلاد.

غطاء لتدخل خارجي

وكان مصدر مطلع أن قوات “الأورطة الشرقية” لا تزيد على 200 مقاتل. لكنها ستصبح غطاءً لتدخل الجيش الإريتري في شرق السودان. مشيرًا إلى أن المقاتلين من كلا الطرفين هم من قومية واحدة؛ مما يصعّب التفريق بينهم.

وأشار المصدر إلى الأطماع الإريترية في ولاية كسلا السودانية الحدودية. التي تقطنها قوميات مشتركة بين الدولتين، وذكر أنه “من غير المستبعد أن يمنحها البرهان للرئيس الإريتري أسياس أفورقي مقابل تدخله ومساعدته في الحد من تقدم قوات الدعم السريع إلى شرق السودان”.

بدورها أكدت مصادر إعلامية أن ميليشيا “الأورطة الشرقية” ما هي إلا قوات تتبع للجيش الإريتري وستدخل الحرب لصالح الجيش السوداني تحت غطاء الميليشيا الجديدة. في محاولة من الرئيس الأريتري توفير الدعم العسكري للجيش السوداني.

وأشارت المصادر إلى أن أفورقي يسعى، بمعاونة قيادات تنتسب للشرق. منهم إبراهيم محمود حامد، وإبراهيم دنيا، والأمين داؤود، للسيطرة على شرق السودان كهدف إستراتيجي محاولًا استغلال الأوضاع الراهنة في البلاد.

وكان رئيس حزب المؤتمر الوطني المنحل، إبراهيم محمود حامد. قد ظهر خلال الأيام الماضية، في مدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة. وسط استقبال رسمي من سلطة الجيش السوداني.

وقال مصدر سياسي سوداني في وقت سابق، إن إبراهيم محمود حامد هو رجل علي كرتي. الذي تربطه علاقات مع دولة إريتريا، ومع الأمين داؤود قائد “الأورطة الشرقية”.

القوة المشتركة

“والقوة المشتركة” هي ميليشيا أخرى تابعة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني. تنتشر بدورها في شرق السودان، وتواجه رفضًا واسعًا من أهالي الإقليم.

وظل رئيس تحالف أحزاب شرق السودان، الجنرال شيبة ضرار. يهاجم باستمرار هذه الحركات الدارفورية المتحالفة مع الجيش، منتقدًا استحواذها على المال والآليات العسكرية من خزينة الدولة،.ويطالب بطردها من شرق السودان.

ولا يستبعد المحلل الأمني، عادل بشير، أن يفك قائد الجيش السوداني تحالفه مع الحركات المسلحة، لانتفاء سبب بقائها، وفق قوله.

وقال بشير إن ظهور قوات “الأورطة الشرقية” في شرق السودان. دليل على أن البرهان أدار ظهره لحلفائه في الحركات المسلحة، مشيرًا إلى أن الهجوم المتكرر من الجنرال شيبة ضرار. على قادة هذه الحركات، لا يأتي منفصلًا عن رغبة قائد الجيش في ذلك.

وأضاف أن “هنالك مؤشرات على وجود مخطط لتقسيم السودان. يبدأ بدارفور، ويتطلب ذلك فك الارتباط بهذه الحركات وإجبارها على العودة إلى غرب السودان تمهيدًا لمرحلة الفصل، وهو ما جعله يأتي بالبديل الأورطة الشرقية”.

وتوقع بشير أن تنشب الخلافات بين القوة المشتركة للحركات المسلحة، مع الجيش السوداني من جهة وقوات “الأورطة الشرقية” من جهة أخرى. وذلك لرفض هذه الحركات مخططات التقسيم حال بروزها إلى العلن، مشيرًا إلى أن الخلافات المحتملة قد تؤدي إلى انفجار إقليم شرق السودان. لأن كل الأطراف مدججة بالسلاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى