6 ولايات منكوبة.. فيضانات السودان تثير جدلًا حول تشغيل سد النهضة

شهدت عدة ولايات سودانية أمس موجة فيضانات عارمة اجتاحت المنازل والأحياء السكنية والأراضي الزراعية، في كل من إقليم النيل الأزرق وولايات سنار والجزيرة والخرطوم ونهر النيل والشمالية. وتسببت مياه النيل المرتفعة في أضرار جسيمة، وسط تحذيرات من استمرار ارتفاع المناسيب خلال الأيام المقبلة، ما يهدد بمزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات.
-
تصريحات إثيوبية عن سد النهضة تفتح أزمة جديدة مع مصر والسودان
-
لأول مرة.. اتفاق سوداني–إثيوبي سري حول قواعد تشغيل سد النهضة
تحذيرات رسمية
أصدرت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل التابعة لوزارة الزراعة والري تنويهاً عاجلاً للمواطنين القاطنين على ضفاف النيل، دعتهم فيه إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية ممتلكاتهم وأرواحهم. وأشارت الإدارة إلى أن مناسيب النيل لا تزال في حالة ارتفاع مستمر، ما يستدعي الحذر الشديد. كما كشفت عن انخفاض إيراد النيل الأزرق إلى 699 مليون متر مكعب يومياً، وتخفيض تصريف سد الروصيرص إلى 613 مليوناً، في حين بلغ تصريف سد سنار 688 مليون متر مكعب، وسجل سد جبل أولياء أكثر من 130 مليوناً، وسد خشم القربة تجاوز 120 مليوناً، بينما بلغ تصريف سد مروي أكثر من 730 مليون متر مكعب يومياً.
مناطق مهددة
أوضحت الإدارة أن عدداً من المحطات والولايات والأنهار وصلت إلى منسوب الفيضان، من بينها محطات ود العيس (سنجة)، الخرطوم، مدني، شندي، عطبرة، بربر، وجبل أولياء. أما الولايات المتأثرة فهي النيل الأزرق، سنار، الجزيرة، الخرطوم، نهر النيل، والنيل الأبيض. وتشمل الأنهار المتضررة النيل الأزرق (الديم – الخرطوم)، النيل الأبيض (الجبلين – الخرطوم)، والنيل الرئيسي (الخرطوم – دنقلا).
أسباب مناخية
في مقابلة مع راديو دبنقا، أرجع المهندس أبوبكر مصطفى، استشاري السدود والبنى التحتية، أسباب الفيضانات إلى الأمطار الغزيرة الناتجة عن التغيرات المناخية، نافياً وجود علاقة مباشرة بين سد النهضة والكارثة الحالية. وأوضح أن ظاهرة النينيو وارتفاع درجات حرارة المحيطات ساهمت في رفع معدلات التبخر واضطراب الفاصل المداري، الذي تحرك شمالاً حتى مدينة أسوان المصرية.
سيول مدمرة
أشار المهندس أبوبكر إلى أن بعض المناطق شهدت أمطاراً تجاوزت 150 ملم يومياً، ما أدى إلى سيول جارفة اجتاحت مدناً مثل كسلا، بورتسودان، دنقلا، وادي حلفا، عطبرة، شندي، الخرطوم وأم درمان. كما سجل نهر عطبرة تدفقات بلغت 550 مليون متر مكعب في أغسطس، وهو أكثر من ضعف معدله المعتاد. وأكد أن النيل الأزرق كان في ذروة فيضانه، لكن امتلاء سد النهضة ساهم في الحد من تفاقم الكارثة.
-
السيسي يبحث مع رئيس وزراء إثيوبيا أزمة السودان وسد النهضة
-
تصعيد جديد.. آبي أحمد يطلق مشاريع في حوض النيل متحديًا مصر والسودان
دور السدود
أوضح أبوبكر أن سد النهضة كان مغلقاً خلال شهر أغسطس، مكتفياً بتصريف محدود عبر التوربينات، وهو ما أنقذ السودان من كارثة محتملة، إذ كان من الممكن أن تتجاوز التدفقات مليار متر مكعب يومياً إذا اجتمع فيضان عطبرة مع تصريف السد. وانتقد غياب التنسيق بين إثيوبيا والسودان، والاعتماد على معايير قديمة لإدارة السدود، معتبراً أن ذلك فاقم الأزمة.
ضعف التخطيط
انتقد الخبير ضعف التخطيط العمراني وغياب حماية ضفاف النيل، مشيراً إلى أن التعديات السكانية على مجاري الأنهار والسيول ساهمت في تفاقم الخسائر. كما لفت إلى ضعف استخدام السودان للتقنيات الحديثة مثل الأقمار الصناعية والرادارات، واعتماده على بروتوكولات قديمة تفترض انتهاء ذروة الأمطار في منتصف سبتمبر، بينما استمرت الأمطار بغزارة حتى نهاية الشهر.
دعوة للتحديث
شدد المهندس أبوبكر على ضرورة تحديث أنظمة الرصد والإنذار المبكر، ووضع خرائط دقيقة لمجاري السيول، ووقف التوسع العشوائي قرب النيل. كما دعا إلى تفعيل التعاون الإقليمي بين السودان وإثيوبيا ومصر لإدارة مياه النيل بشكل يخدم مصالح شعوب المنطقة ويقلل من المخاطر المستقبلية.
تقييم مصري
في المقابل، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، لوكالة “أسوشيتد برس”، إن من المتوقع أن تتراجع مستويات المياه خلال الأسبوع الجاري. وأشار إلى أن إثيوبيا دشنت مطلع الشهر الجاري سد النهضة، الذي يُعد أكبر سد في أفريقيا، بتكلفة بلغت نحو 5 مليارات دولار، ومن المتوقع أن ينتج أكثر من 5000 ميجاواط ويضاعف قدرة توليد الكهرباء في البلاد.
انتقادات للسد
رغم الأهداف الاقتصادية للسد، اتهم البعض سد النهضة بالتسبب في الفيضانات الحالية بالسودان. وقال شراقي إن الوضع الراهن هو نتيجة “خطأ بشري”، موضحاً أن السودان يستفيد من تدفق مياه السد خلال الموسم الزراعي، لكن انتهاء موسم الحصاد جعل هذه التدفقات تسبب ضرراً أكثر من نفع.
خلل تقني
أشار شراقي إلى أن سد النهضة لم يتم تفريغه تدريجياً، بل خزن المياه خلال موسم الأمطار في إثيوبيا بين يونيو وأغسطس، ما حمّله عبئاً إضافياً. وأضاف أن التوربينات الأربعة التي كان من المفترض أن تساعد في تقليل المياه فشلت في العمل، مما منع إثيوبيا من إطلاق المياه الفائضة، التي تدفقت بكميات ضخمة باتجاه السودان هذا الأسبوع.
-
تسريبات عن وجود عبدالرحيم دقلو في قطر لمقابلة رئيس مجلس الوزراء القطري
-
تصريحات وزير خارجية السودان تهدد إثيوبيا بالحرب وتعمّق عزلة البرهان
خطر داهم
وجهت غرفة طوارئ جبل أولياء نداءً عاجلاً، حذرت فيه من خطر حقيقي يواجه مناطق ضفاف النيل الأبيض بمحلية جبل أولياء، بعد أن اجتاحت المياه جميع الحواجز في مناطق مثل العسال، طيبة الحسناب، الشقيلاب، والكلاكلات. وأكدت الغرفة أن المياه غمرت الأحياء السكنية وهددت المنازل بالانهيار، وسط تزايد مطرد في منسوب النيل.
خسائر زراعية
في ولاية الجزيرة، كشف مدير الزراعة بوحدة ود الحداد الإدارية، مبارك عبد الرحمن يعقوب، عن تضرر 1764 فداناً موزعة على 176 مزرعة بمنطقة قندال، يستفيد منها أكثر من 238 مزارعاً. وتنتج هذه المزارع الخضروات والمنتجات البستانية مثل الورقيات والمانجو والموالح والموز، وقد تضررت بفعل فيضان النيل الأزرق في مناطق ديم المشايخة وأم دلكة وقندال بمحلية جنوب الجزيرة.
أكد والي الجزيرة أهمية هذه المناطق في دعم الصادرات البستانية وتحقيق الأمن الغذائي، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية ساهمت في حدوث الفيضان. وأعلن الوالي عن دعم وتعويض المزارعين المتضررين، في خطوة تهدف إلى تقليل آثار الكارثة على القطاع الزراعي.
انهيارات وسيول
في ولاية نهر النيل، سجلت منطقة حجر العسل ارتفاعاً كبيراً في المناسيب، فيما اجتاحت السيول قرية ناوا شمالي دنقلا صباح اليوم. متسببة في أضرار مباشرة بالمنازل والبنى التحتية. وأكد شهود عيان أن بعض المنازل انهارت جزئياً، وغمرت المياه مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. كما أدى الفيضان إلى قطع الطريق القومي بين ناوا ودنقلا عند الكيلومتر 32 و34. بعد أن جرفت السيول أجزاء من الأسفلت، ما تسبب في شلل حركة المرور وعزل عدد من القرى.
-
تفسيرات فتح المعابر بين السودان وإريتريا: ما هي الدلالات؟
-
تصريحات وزير خارجية السودان تهدد إثيوبيا بالحرب وتعمّق عزلة البرهان
تهديد مستمر
غمرت الفيضانات أجزاء من جزيرة بدين بالشمالية ومناطق في مروي. كما هددت جزيرة توتي. وفي ولاية سنار، اجتاحت مياه فيضان النيل الأزرق قرية الرايات بمحلية سنجة والمناطق المجاورة لها. أما في النيل الأزرق، فقد تضررت مساحات زراعية واسعة بالقرب من مدينتي قيسان والدمازين، وسط تحذيرات من استمرار الخطر.
جهود الخزان
أكدت إدارة خزان سنار أنها بذلت جهوداً مكثفة خلال الأيام الماضية لتقليل آثار الفيضانات، في ظل الزيادات الكبيرة التي رُصدت في الأحباس العليا للنيل الأزرق. وأوضح مدير الخزان، المهندس محمد الحاج محمد سند، أن الإدارة تعاملت مع التدفقات المرتفعة عبر تنفيذ تفريغ جزئي للبحيرة. بهدف حماية المناطق المنخفضة الواقعة خلفها من الغرق. وأشار إلى أن الإدارة العامة لشؤون مياه النيل بوزارة الري أصدرت نشرات تحذيرية بشأن هذه الزيادات، لافتاً إلى أن نمط تدفق المياه في السنوات السابقة كان يتركز عادة بين النصف الثاني من أغسطس والأسبوع الأول من سبتمبر.
وأضاف سند أن تشغيل سد النهضة الإثيوبي ساهم في تعقيد الوضع المائي. نتيجة غياب المعلومات الدقيقة حول التصريف، ما اضطر السلطات السودانية إلى الاعتماد على محطات القياس الداخلية بعد دخول المياه إلى البلاد. وناشد المواطنين المقيمين قرب ضفاف النيل والمناطق المنخفضة ومواقع الهشاشة البيئية توخي الحذر، مؤكداً أن الزيادة الحالية في مناسيب المياه لن تستمر لأكثر من ثلاثة أيام. لتعود بعدها إلى معدلاتها الطبيعية.
-
قوات البرهان تغلق معبرًا مع إثيوبيا: خلفيات وأسباب التوترات الأمنية
-
الجيش السوداني يقصف مواقع “الدعم السريع” في الأبيض
-
مفوضية اللاجئين تتعامل بقسوة مع السودانيين في إثيوبيا: تهديدات وترحيل قسري
-
الموت يحصد أرواح اللاجئين السودانيين في إثيوبيا
-
المجتمع الدولي يضغط.. والإخوان يرفضون مخرجات الحل في السودان
-
160 مستشفى خارج الخدمة: كيف يواجه السودانيون الموت بلا دواء ولا أمل؟
