أحداث

“ود مدني” بين الحياة والموت.. جثث ومخلفات حرب تعرقل العودة


تتنائر جثث لقتلى في شوارع مدينة “ودمدني” وسط السودان، إضافة إلى مخلفات الحرب من الذخائر والأجسام غير المنفجرة. فيما يسارع  الجيش لدفن الجثث قبل عودة المواطنين إلى منازلهم، وفق شهود عيان.

يأتي ذلك في وقت انطلقت فيه تحذيرات على نطاق واسع من عودة النازحين إلى منازلهم في ود مدني، بسبب مخلفات الحرب. التي دارت في شوارع المدينة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “اوتشا” إن الأحداث الأخيرة في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة زادت خطر التلوث الناتج عن مخلفات الحرب القابلة للانفجار والذخائر.

 وحثّ المكتب الأممي “السكان على توخي الحذر عند وجودهم بالقرب من المناطق الخطرة وعدم التقاط أو لمس أي أجسام غربية”.

وشهدت ود مدني أخيرًا معارك عسكرية محدودة تمكن بموجبها الجيش والمليشيات المتحالفة معه من استعادة السيطرة عليها، بعد نحو عام من سقوطها في يد قوات الدعم السريع.

وارتكبت قوات الجيش والمليشيات المتحالفة معه ما وصفت بالمجازر البشعة في حق المدنيين بمدينة ود مدني بعد اجتياحها، وصلت حد ذبح المواطنين وإلقاء آخرين أحياء داخل مياه النيل. وتصفيات بالرصاص بحق الشبان، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، وفق ما وثقته منظمات حقوقية.

جثث ومتفجرات

وقال شهود عيان إن بعض جثث القتلى من المدنيين لا تزال في شوارع مدينة ود مدني. فيما يسابق الجيش ومليشياته الزمن في جمعها ودفنها قبل عودة المواطنين إلى المدينة.

وأكد أحد شهود العيان أن الجثث تُجمَع بواسطة جرافات وتحملها سيارات مكشوفة إلى خارج المدينة. مبينا أن بعضها يُدفن في مقابر جماعية وأخرى يتم التخلص منها في مياه النيل وما يعرف بـ”الترع” الزراعية.

وأكد شاهد عيان آخر أن شوارع مدينة ودمدني مليئة بمخلفات الحرب مثل السيارات العسكرية المحترقة وبداخلها أسلحة وأجسام غير منفجرة. كما تتناثر الذخائر في شوارع المدينة الحيوية وداخل الأحياء السكنية.

وأشار إلى أن المدينة لا تزال تشهد انقطاعًا للتيار الكهربائي، مع عودة إمداد مياه الشرب وشبكات الاتصال وبعض المراكز الطبية. كما عادت الحياة بشكل متوجس ومحدود لبعض طرق المدينة كشارع النيل. مبينا أن الأسواق التي طالها دمار كبير ما تزال مغلقة حسب الشهود.

وأكد أن عودة المواطنين إلى المدينة تكاد تكون منعدمة حتى اليوم، مشيرًا إلى غياب مقومات الحياة. وسط إغلاق الأسواق وانعدام الكهرباء، كما أن الوضع الأمني لا يزال مضطربًا.

مكاسب سياسية

ويقول المحلل السياسي صلاح حسن جمعة إن الجيش يسعى إلى عودة السكان إلى مدينة ود مدني بغرض تحقيق مكاسب سياسية دون أدنى اعتبارات لسلامتهم الشخصية.

ويشير إلى أن العودة إلى ود مدني لم تكن بالمهمة السهلة خاصة بعد الانتهاكات الواسعة. التي شهدتها، حيث توجد الكثير المخاوف لدى المواطنين من التعرض لأفعال انتقامية من المليشيات الإخوانية المتطرفة.

وأضاف أن هنالك مخاطر التلوث البيئي جراء ما وصفها بـ”المذابح” التي وقعت داخل المدينة. ما يستدعي التدخل لنظافة وتطهير الشوارع من مخاطر التلوث البيئي.

محو أثار الجريمة

من جهته، رأي المحلل السياسي، داوود خاطر، أن الجيش وميليشياته لا يرغبون في العودة السريعة للمواطنين إلى ودمدني حاليًا. قبل محو أثار الجرائم التي وقعت في شوارع المدينة، وفق قوله.

وتوقع خاطر في تصريح أن يعمل الجيش على تعطيل عودة المواطنين إلى منازلهم مؤقتًا. رغم أنه أكثر حرصًا على العودة والمتاجرة بها سياسيا، حسب تعبيره.

وأضاف أن “الجيش ربما يسارع لدفن جثث القتلى من المدنيين. ويهمل إزالة مخلفات الحرب من الأسلحة والذخائر غير المنفجرة التي تهدد حياة المواطنين القادمين إلى منازلهم”.

وتوقع خاطر أن يبدأ الجيش عمليات تفويج المواطنين إلى ود مدني بمجرد فراغه من إزالة اثار الجرائم التي ارتكبها في ود مدني، لأنه يريدون من ذلك تحقيق مكاسب سياسية سريعة. حتى وإن كان ذلك على حساب السلامة الشخصية للمواطنين، على حد قوله.

وكانت مليشيا درع السودان التي يقودها أبو عاقلة كيكل والمتحالفة مع الجيش، طلبت من سكان مدينة ود مدني تأجيل العودة إلى منازلهم لبعض الوقت حتى تتم نظافة المدنية. الأمر الذي اعتبره البعض يعزز فرضية محو آثار الجرائم في المدينة.

واستهدف الجيش والكتائب الإرهابية في مدني رعايا من دولة جنوب السودان ومواطنين تعود جذورهم إلى غرب السودان على أساس جهوي عنصري.وتسببت هذه الانتهاكات في توتر العلاقات الشعبية بين شعبي البلدين.

وفجرت جرائم قتل الجيش السوداني للمواطنين من جنوب السودان. غضبًا واسعًا في جوبا أدى إلى استهداف عكسي للسودانيين هناك، ما أسفر عن قتل عدد منهم وتدمير ممتلكاتهم.

واستدعت جنوب السودان السفير السوداني لديها. وأبلغته احتجاجها على سلسلة الانتهاكات التي لحقت برعاياها على يد قوات الجيش السوداني في الجزيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى