أحداث

ود مدني بعد الاشتباكات: تطورات ميدانية وتحذيرات أمنية


القصف المدفعي الذي نفذته قوات الدعم السريع مؤخرًا في شرق ود مدني أثار مخاوف كبيرة بشأن إمكانية العودة إلى الحياة الطبيعية، حيث من المتوقع أن يستمر هذا الوضع في الأيام القليلة المقبلة. ينتظر السكان تحسن الأوضاع الأمنية وتوفير الظروف الملائمة لعودة النازحين إلى منازلهم، مما يزيد من تعقيد المشهد الإنساني في المنطقة.

تسببت قوات الدعم السريع في تدمير العديد من مؤسسات الدولة، حيث لم تسلم أي منشأة خدمية أو متجر تجاري من آثار التخريب. النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى تدمير واسع النطاق للعديد من المباني، مما أثر سلبًا على البنية التحتية للمدينة وأدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

على الرغم من فرحة سكان مدينة ود مدني والمناطق المجاورة باستعادة الجيش السوداني السيطرة على المدينة، إلا أن خيبة الأمل سرعان ما تلاشت عندما أدركوا أن الأفراد الذين كانوا يعانون من انتهاكاتهم لا يزالون موجودين في المدينة. كما أن الانتهاكات التي ارتكبتها المجموعات المسلحة المتحالفة مع الجيش أثارت قلق سكان الكنابي، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.

يقول إلياس سعد الدين، وهو نازح من ود مدني إلى القضارف: “كنا متفائلين بتحرير الجيش للمدينة، لكن ما سمعناه جعلنا نشكك في العودة في الوقت الحالي”.

ويقول: “لا يمكن للقوات التابعة لأبوعاقلة كيكل أن تبقى في المدينة بعد أن ارتكبت فسادًا خلال فترة وجود قوات الدعم السريع، والآن يتجولون دون أي محاسبة تحت مسمى استخبارات تتبع لقوات درع السودان التي دعمت الجيش.”

وأشار إلياس إلى تحديات إضافية، مثل انقطاع التيار الكهربائي وضعف خدمات الاتصالات، إلى جانب تدهور الأوضاع البيئية.

وفقاً لشهادات المواطنين، كانت هناك قوات تابعة لأبوعاقلة كيكل موجودة في المدينة منذ فترة قتال كيكل مع الدعم السريع، ولم تغادر حتى بعد دخول الجيش، حيث زُعم أنها تتبع لاستخبارات درع السودان.

يقول عثمان إبراهيم لـ (التغيير): “ما تم ذكره على مواقع التواصل الاجتماعي هو صحيح. معظم الذين عذبونا وآذونا من قوات الدعم السريع الآن يدعون أنهم يندرجون تحت جهاز الاستخبارات الخاص بككي.

من جانبها، أكدت قوات أبوعاقلة كيكل في بيان صحفي عدم وجود أي علاقة لها بالعناصر المتواجدة في ود مدني، وذلك في ظل أنباء عن انسحاب مجموعة من القوات من المدينة التي بدأت تشهد زيادة في انتشار الشرطة.

يقول إبراهيم: “طلبت من أفراد عائلتي الانتظار قليلاً وعدم العودة حتى تتحسن الظروف. فلا توجد خدمات أساسية، والإنترنت ضعيف، والمياه والكهرباء غير متوفرة.”

وأضاف: “غادر أهلي ود مدني بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، والآن لا يمكنهم العودة فقط لأن اللصوص والقتلة قد غيروا ملابسهم من الدعم السريع إلى الجيش”.

أما يوسف المعروف بـ “ود إبراهيم”، فيقول لـ (التغيير): “كانت الأوضاع الأمنية سيئة بعد التحرير، لكن الشرطة انتشرت الآن، وبدأت الحياة تعود تدريجيًا. لا زلنا نعاني من نقص في المواد الغذائية، وتأخر وصول الإغاثة إلى جميع الأحياء، بالإضافة إلى قلة الأدوية، خصوصًا تلك التي تنقذ الحياة”.

وفقًا لشهادات بعض الشهود، عُثر على جثث مجهولة في عدة أحياء ومنازل، وخاصة بالقرب من نهر النيل، مما أدى إلى صدور روائح كريهة وانتشار كلاب الشوارع.

شهدت المدينة حملة نظافة شاركت فيها الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني. ودعا المواطن حبيب عثمان إلى عودة السكان، مشيرًا إلى أنه “لا يمكن للحكومة تقديم الخدمات لمناطق فارغة من السكان، وإن عودة المواطنين ستجبر الحكومة على تسريع تقديم الخدمات.”

من ناحيته، دعا محمود محمد الحاج، عضو تجمع أهل الجزيرة، إلى اتخاذ الحيطة والحذر عند العودة، قائلاً: “التحرير لا يعني أن الأمور قد عادت كما كانت، فهناك مخاطر مثل الألغام والآثار المتبقية من الاشتباكات”.

ودعا المواطنين إلى التحلي بالصبر والالتزام بالتعليمات من أجل الحفاظ على الأرواح، مشيرًا إلى حادثة انفجار عبوة ناسفة أدت إلى إصابة طفل بجروح خطيرة.

أكد مصدر أمني لموقع (التغيير) أن السلطات لم تعطي تصريحًا نهائيًا لعودة المواطنين إلى ود مدني، مشيرًا إلى وجود قذائف غير متفجرة وألغام يتم العمل على تفكيكها. وأوضح المصدر أن الطريق الرابط بين شندي وود مدني لا يزال غير آمن بسبب وجود العصابات.

أعلنت السلطات المحلية عن فرض حظر تجوال في ود مدني، يبدأ يوميًا من الساعة السابعة مساءً حتى الساعة السادسة صباحًا. كما دعت قوات الدفاع المدني المواطنين إلى عدم لمس أو نقل أي أشياء مشبوهة.

أكد والي الجزيرة الطاهر الخير على بدء تنفيذ خطة للعودة الآمنة، والتي تتضمن إزالة الأجسام غير المتفجرة، بالإضافة إلى تحسين خدمات الكهرباء والاتصالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى