تسريبات

وثيقة مزورة وفيديو مشبوه: كيف يقود سوداني وصحيفة إيطالية حملة “المرتزقة الكولومبيين” ضد الإمارات؟


نشر المؤثر السوداني محمد عبد الرحمن هاشم عبر حسابه في فيسبوك في 14 أغسطس 2025،  ما زعم أنها وثيقة رسمية تكشف تورط الإمارات في جلب مرتزقة كولومبيين للقتال في السودان. الوثيقة التي سرعان ما أثارت جدلا على المنصات، رُوّجت على أنها دليل يربط العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كيخانو بيسيرا بعمليات تجنيد ونقل مقاتلين سابقين من الجيش الكولومبي لصالح قوات الدعم السريع.

إلا أن التمحيص في المستند أظهر أنه وثيقة مزيفة، فخالية من العلامات الأمنية المعتمدة في تراخيص وزارة الداخلية الإماراتية، كما أن تنسيقها لا يتطابق مع القوالب الرسمية المعروفة. أضف إلى ذلك الأخطاء الشكلية واللغوية، والتوقيع غير المطابق للمعايير، وغياب البيانات الأساسية مثل رقم السجل التجاري والعنوان المسجل. مقارنة الوثيقة المروّجة مع نسخة حقيقية كشفت بوضوح أنها صيغت خارج القنوات الرسمية، وهو ما يؤكد أن ما نُشر لم يكن سوى محاولة للتضليل.

دور العقيد بيسيرا في رواية التضليل

وفقاً لما نشره هاشم، فإن العقيد بيسيرا، الذي خدم في الجيش الكولومبي حتى 2007 قبل فصله بتهم تتعلق بمافيا “نورتي ديل فالي”، عاد للواجهة عبر مزاعم عمله في “اللواء الخاص للأجانب” بالإمارات منذ 2010، ثم تأسيسه مع زوجته شركة أمنية تدعى A4SI. وزعمت الرواية أن هذه الشركة شكّلت واجهة لتوظيف المرتزقة بالتعاقد مع شركة إماراتية تدعى Global Security Service Group، وأن مئات الجنود الكولومبيين خُدعوا بعقود عمل ليجدوا أنفسهم لاحقاً على جبهات القتال في السودان.

غير أن التدقيق في السجلات والشواهد المتاحة لا يقدم أي دليل حقيقي على صحة هذه المزاعم، ولا يثبت أن بيسيرا أو أي جهة إماراتية متورطة في النزاع السوداني.

من فيسبوك إلى الصحافة الإيطالية

لم تقف الحملة عند حدود منشورات فيسبوك. فقد نشرت وكالة Agenzia Nova الإيطالية خبراً عن مقطع مصور على منصة X يظهر ما قيل إنه “كتيبة مرتزقة كولومبيين” قرب مسجد في الفاشر، يشتبكون مع قوات تابعة لسلطة بورتسودان. وأعيد الترويج لرواية أخرى مفادها أن طائرة إماراتية استهدفت في نيالا بينما كانت تحمل مرتزقة كولومبيين.

غير أن المقطع نفسه أظهر تناقضات، إذ تبيّن من التحقق البصري أن الجنود الظاهرين في الفيديو هم في الحقيقة جنود سودانيون، وأن ما نُشر كان جزءاً من سردية إعلامية مفبركة تستهدف الإمارات وتبحث عن تسويق صورة زائفة بربطها بإدارة شبكات مرتزقة.

خلفيات الحملة وأهدافها

الحملة الأخيرة تندرج ضمن سياق أوسع من محاولات الإعلام المعادي لتشويه صورة الإمارات في الساحة السودانية. المحاور الرئيسية التي تقوم عليها هذه الرواية يمكن تلخيصها في:

  1. تزييف الأدلة: استخدام وثائق غير أصلية وفيديوهات مشبوهة للترويج لرواية سياسية.

  2. توريط شخصيات بلا أدلة: استدعاء اسم بيسيرا كـ”كبش فداء” رغم غياب أي سند قانوني أو واقعي لارتباطه بالأحداث.

  3. استهداف الإمارات بشكل مباشر: تقديمها كطرف مدبّر لحرب بالوكالة رغم أن سياساتها المعلنة تركز على الاستقرار الإقليمي والالتزام بالقوانين الدولية.

  4. تسويق عبر منصات خارجية: إشراك وكالات وصحف دولية لمنح الرواية المفبركة غطاء من “المصداقية” الزائفة.

الإمارات: استقرار لا مرتزقة

من المهم التأكيد أن الإمارات تلتزم بالقوانين الدولية ولم يثبت عليها أي خرق يتعلق بتجنيد أو نقل مرتزقة، وأن خطابها السياسي والدبلوماسي يتمحور حول دعم الاستقرار في المنطقة.

أما محاولات إلصاق تهم “المرتزقة الكولومبيين” بها، فتندرج ضمن حملات تضليل ممنهجة تسعى إلى إضعاف دورها الإيجابي وتشويه صورتها لدى الرأي العام السوداني والدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى