وباء الحميات يفتك بالسودان.. والنظام الصحي على حافة الانهيار

تصاعدت المخاوف الصحية في السودان بسبب التصاعد المتسارع في انتشار الحميات وعدد من الأمراض الأخرى في جميع مناطق البلاد، خصوصا العاصمة الخرطوم التي وصفت لجنة نقابة أطباء السودان الوضع فيها بأنه تفشي “وبائي”.
وحذرت النقابة من تداعيات خطيرة بسبب عدم الاعتراف بتفشي الجوائح، مع تسجيل معدلات مرتفعة من الوفيات وسط السكان المنهكين بالحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.
تقاعس رسمي
اتهمت نقابة أطباء السودان وزارة الصحة بالتقاعس في مواجهة الجائحة، وقالت في بيان الإثنين: “نتابع ونراقب بقلق بالغ تفشي حالات الحميات المختلفة ونواقل الأمراض في أغلب ولايات السودان، وبشكل وبائي في ولايتي الخرطوم والجزيرة، إلى جانب استمرار انتشار حالات الكوليرا في ولايات دارفور وكسلا”.
وأضاف: “يأتي هذا في ظل الانهيار التام للنظام الصحي، وانعدام وجود نظام موحد لتقصي الأوبئة ومراقبة الأمراض، الأمر الذي جعل وزارة الصحة عاجزة عن توفير إحصاءات دقيقة حول حجم التفشي، ومواجهته. وتشير كل المؤشرات إلى وجود أزمة صحية وإنسانية كبيرة”.
وطالبت النقابة وزارة الصحة والجهات المعنية بإعلان تفشي المرض رسميا وإبلاغ منظمة الصحة العالمية، وتفعيل بروتوكولات التعاون الدولي والإقليمي.
كما دعت لإطلاق حملة عاجلة للتصدي للأزمة الصحية الخطيرة التي تجتاح جميع أنحاء البلاد وتنفيذ بروتوكولات علاجية.
وحذرت أديبة إبراهيم السيد استشارية الصحة العامة وعضو لجنة نقابة أطباء السودان، من التقاعس في مواجه الأوضاع الصحية الحالية، مشيرة إلى تدهور الأوضاع البيئية وتراكم النفايات وانعدام المياه الصالحة للشرب.
وشددت السيد على ضرورة التدخل العاجل من منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر، لكنها قالت لموقع إن وزارة الصحة هي الجهة المعنية بالتواصل مع منظمة الصحة والمنظمات الدولية الأخرى.
وأوضحت: “ما لم تعلن وزاره الصحة وجود الوباء بما يسمح بتدخل عاجل لمنظمة الصحة العالمية والمنظمات الأخرى فإن الأوضاع ستزداد سوءا”.
وألقت السيد باللوم على الحرب والتداعيات المرتبطة بها واعتبرتها سببا مباشرا في تفشي الأمراض ومفاقمة الأوضاع الصحية في البلاد.
تدهور مريع
أشار تقرير نشرته تنسيقية المهنيين والنقابات السودانية التي تضم عدد من الأجسام الصحية إلى تدهور كبير في القطاع الصحي مع خروج 80 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة ونزوح أو هجرة ما يزيد عن 70 بالمئة من الأطباء والممرضين والكوادر الصحية.
ولفت التقرير إلى تردي أوضاع العاملين المتبقين في القطاع الصحي في ظل انقطاع الرواتب منذ أكثر من 24 شهراً، ومقتل ما لا يقل عن 73 من الكوادر الطبية منذ بداية الحرب.
كما تعاني المستشفيات من الانقطاع المتواصل للكهرباء والمياه، ما يعطل تشغيل الأجهزة الطبية.
وقالت التنسيقية: “يعيش السودان اليوم واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث. فمنذ اندلاع الحرب، انهارت المنظومة الصحية بشكل شبه كامل، وتفشت الأوبئة على نطاق واسع، فيما عجز الاقتصاد عن توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة. وقد بات ملايين المواطنين محاصرين بين المرض والجوع وانعدام الرعاية والحرمان من الخدمات الأساسية”.
أزمة حقيقية
تزيد الأوضاع الاقتصادية المتردية في ظل فقدان 60 بالمئة من الأسر لمصادر دخلها وارتفاع أسعار بعض الأدوية بنسب وصلت إلى 500 بالمئة من معاناة المرضى.
وفي أعقاب الحرب تراجعت قدرة السكان على الوصول إلى الرعاية الصحية إلى أقل من 17 بالمئة من إجمالي سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 48 مليون نسمة.
وعلى الرغم من توفير منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية أخرى كميات كبيرة من الأدوية المجانية المنقذة للحياة، إلا أن ذوي المرضى يشتكون من نقص حاد في الأدوية في المستشفيات، وسط اتهامات بعمليات فساد واسعة في توزيع الأدوية وضخ كميات منها للبيع في السوق السوداء.
ويقول محمد النور “أنفق يوميا أكثر من 200 ألف جنيه على علاج زوجتي وأبنائي الاثنين بعد إصابتهم بحمى الضنك وهو ما يعادل راتبي الشهري”.
ويوضح النور الذي يعمل معلما “نواجه صعوبة كبيرة في الحصول على المحاليل والأدوية من المستشفيات ونضطر لشرائها من السوق السوداء”.
تفشي مريع
- أكثر من 105.000 إصابة بالكوليرا و2620 وفاة مسجلة في 15 ولاية حتى 20 سبتمبر 2025 وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
- 14500 إصابة مؤكدة بحمى الضنك وأكثر من 187 وفاة في ولاية الخرطوم وحدها وفقا لتقارير محلية.
- أكثر من 1.25 مليون إصابة بالملاريا منذ بداية 2025
