أحداث

واشنطن وموسكو على خط النار: حرب السودان تتحوّل إلى ساحة صراع دولي مفتوح


أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال تصريحات رسمية في واشنطن أنه تلقى طلباً من قادة دول إقليمية للتدخل في النزاع السوداني، مشيراً إلى أن الأزمة لم تعد شأناً داخلياً فحسب، بل تحولت إلى تهديد للأمن الإقليمي وخطوط التجارة العالمية، إضافة إلى كونها كارثة إنسانية غير مسبوقة في شرق أفريقيا. وأكد أن إدارته تدرس خيارات متعددة تشمل تعزيز المسار الدبلوماسي ودعم مبادرات وقف إطلاق النار، إلى جانب تنسيق الجهود مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وعدد من الدول العربية المؤثرة في الملف السوداني. ترامب شدد على أن استمرار المعارك بين الأطراف المتنازعة يعرض ملايين المدنيين لخطر المجاعة والأوبئة والانهيار الاقتصادي، ما يتطلب استجابة أمريكية حازمة ولكن مسؤولة.

من جانبه، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن الرئيس ترامب يتابع يومياً تطورات المشهد السوداني في ظل ما وصفه بانهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة وانعدام الاستقرار الأمني في العديد من المدن. وأكد أن واشنطن تعمل على حشد جهد دبلوماسي مشترك مع حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط لمنع تدفق السلاح إلى أطراف النزاع وفرض رقابة أكبر على الجهات التي تزود الميليشيات والجماعات المسلحة بالتمويل والمعدات.

روبيو أوضح أن الإدارة الأمريكية تضع حماية المدنيين في صدارة أولوياتها، خاصة النساء والأطفال والنازحين، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تدرس توسيع مساعداتها الإنسانية بالتعاون مع المنظمات الدولية. كما شدد على أهمية العودة إلى مسار سياسي يقود إلى حكم مدني انتقالي، مؤكداً أن الحل العسكري غير ممكن وغير مقبول على المدى الطويل، وداعياً المجتمع الدولي إلى توحيد موقفه لمنع تحول السودان إلى ساحة صراع بالوكالة بين قوى خارجية.

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً موسعاً ذكرت فيه أن السلطات العسكرية في السودان قدمت عرضاً لروسيا لإنشاء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر لمدة قد تصل إلى 25 عاماً. وأشار التقرير إلى أن الموقع المقترح يقع بالقرب من ميناء بورتسودان، وهو موقع يتمتع بأهمية استراتيجية كبرى لقربه من أحد أهم ممرات التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس. ووفقاً للتقرير، فإن الاتفاق المحتمل قد يسمح بوجود قطع بحرية روسية دائمة وعدد من الجنود والخبراء العسكريين، إلى جانب بنود تتعلق بتبادل المنافع في مجالات التسليح والطاقة والتعدين بما في ذلك استخراج الذهب والمعادن النادرة. الصحيفة لفتت إلى أن هذه الخطوة إن تم تنفيذها ستشكل تحولاً في ميزان القوى بالمنطقة، وقد تمنح موسكو موطئ قدم استراتيجي جديد في مواجهة النفوذ الأمريكي والغربي المتزايد في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وهو ما أثار بالفعل قلقاً داخل الدوائر الأمنية في واشنطن والعواصم الأوروبية.

في المقابل، سارعت مصادر روسية رسمية، بما فيها السفارة الروسية ووسائل إعلام قريبة من الحكومة، إلى نفي ما ورد في تقرير وول ستريت جورنال، ووصفت الحديث عن اتفاق وشيك بأنه مبالغ فيه ويستند إلى معلومات غير مكتملة. وأكدت تلك المصادر أن المباحثات حول التعاون البحري والعسكري بين موسكو والخرطوم ليست جديدة، وأنها بدأت منذ سنوات لكنها لم تصل حتى الآن إلى مرحلة التوقيع النهائي أو التنفيذ على الأرض. وأشار بعض المسؤولين الروس إلى أن أي خطوة من هذا النوع تحتاج إلى استقرار سياسي في السودان واعتراف دولي بالحكومة التي ستوقع الاتفاق، وهو أمر غير متوفر في ظل الحرب الحالية والانقسام الداخلي. ومع ذلك، رأت وسائل إعلام ومراكز أبحاث أمريكية وأوروبية أن مجرد طرح الفكرة مجدداً في هذا التوقيت يحمل دلالات سياسية مهمة ويعكس رغبة روسية واضحة في توسيع نفوذها في مناطق تعاني من فراغ السلطة والاضطرابات.

أفادت وكالة أسوشيتد برس بتقارير حديثة عن تحذيرات صادرة من الأمم المتحدة بشأن تصاعد موجة عنف جديدة في السودان، خاصة في مناطق من إقليمي كردفان ودارفور، حيث أشارت إلى سقوط المئات ونزوح عشرات الآلاف خلال فترة قصيرة. وأوضحت الوكالة أن المدنيين هم الأكثر تضرراً في ظل نقص الغذاء والمياه وانهيار الخدمات الصحية وانتشار الأمراض. وفي السياق ذاته، نشرت وكالة رويترز تقارير متتابعة تفيد بأن الجهود الأمريكية والدولية لفرض وقف لإطلاق النار لا تزال تصطدم برفض أو تشدد من الأطراف المتنازعة، ما يزيد من تعقيد المشهد ويضعف فرص التوصل إلى حل قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى