واشنطن.. عقوبات على علي كرتي تؤكد انخراط الإسلاميين في حرب السودان
فرضت الولايات المتحدة الخميس عقوبات على الأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، بتهمة بمفاقمة عدم الاستقرار في السودان، في مؤشر جديد على انخرط الإسلاميين من بقايا نظام البشير في القتال إلى جانب الجيش.
وطالت العقوبات شركتين إحداهما مقرها في روسيا، بتهمة الإمداد العسكري لقوات الدعم السريع، فيما يرى الكثيرون في السودان أن العقوبات الأميركية تبدو انتقائية بالنظر أنها لم تشمل قادة الجيش الذي ارتكب مجازر بحق المدنيين ويستمر في استخدام المسيرات والقصف العشوائي للأحياء السكنية بزعم أنها مواقع للدعم السريع.
وتؤكد العقوبات على علي كرتي وزير الخارجية في عهد البشير الذي أصبح زعيما للحركة الإسلامية السودانية بعد الإطاحة بالبشير في 2019، صحة ما سبق وأن حذر منه قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) من انخراط الإسلاميين في الحرب تحريضا وقتالا وتسليح ميليشيات وإشارته مرارا إلى وجود جناح في الجيش يدعمه الإسلاميون من بقايا النظام السابق لإطالة أمد الحرب وزرع الفوضى.
كما أن رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس أكد في إفادته الأخيرة أمام مجلس الأمن إدانة الجيش الذي حمّله جزءا كبيرا من مسؤولية الحرب وتداعياتها.
وحذر بيرتس من اندلاع حرب أهلية في ظل تعبئة يقوم بها فلول البشير ودعوتهم إلى استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وكانت ذكرت مصادر عسكرية إن الآلاف من الذين عملوا في جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني في عهد الرئيس السابق عمر البشير، ولديهم صلات بالتيار الإسلامي الذي ينتمي إليه، يقاتلون إلى جانب الجيش في الصراع السوداني، مما يعقد جهود إنهاء إراقة الدماء، رغم أن الجيش ينفى منذ فترة طويلة اتهامات خصومه بأنه يعتمد على الموالين للبشير الذين فقدوا مصداقيتهم.
وفي دليل آخر يدل على انخراط الإسلاميين في الصراع، قتل رئيس منظومة الفكر والتأصيل في الحركة الإسلامية، محمد الفضل، في يونيو حزيران الماضي في اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش، بحسب أقارب له وإسلاميين أفادوا بأنه كان يقاتل في صفوف الجيش. وأصدر الأمين العام للحركة الإسلامية،علي كرتي، بيانا نعى في الفضل.
وقال براين نيلسون وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية في بيان “الإجراء الذي اتخذ اليوم يضع المسؤولية على أولئك الذين أضعفوا الجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي وديمقراطي في السودان”.
وأضاف “سنواصل استهداف الجهات التي تعمل على استمرار هذا الصراع لتحقيق مكاسب شخصية”.
وقالت وزارة الخزانة إنها استهدفت علي كرتي وهو شخصية بارزة بين المخضرمين والموالين لحكم البشير الإسلامي الذين ناوروا لحماية مصالحهم واستعادوا بعض النفوذ في أعقاب انقلاب عام 2021 الذي نفذه الجيش وقوات الدعم السريع.
ويدعم الإسلاميون الجيش في قتاله ضد قوات الدعم السريع، وانضم بعضهم ومن بينهم عملاء مخابرات سابقون إلى صفوف القوات المسلحة.
وأضافت وزارة الخزانة “(كرتي) وغيره من الإسلاميين السودانيين المتشددين يعيقون بنشاط الجهود الرامية إلى التوصل لوقف لإطلاق النار في سبيل إنهاء الحرب الحالية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والمدنيين السودانيين، والجهود الرامية إلى استعادة مرحلة الانتقال للديمقراطية في السودان”.
كما فُرضت العقوبات أيضا على (جي.إس.كيه أدفانس)، وهي شركة مقرها السودان، قالت وزارة الخزانة إنها استُخدمت وسيلة مشتريات لقوات الدعم السريع.
وقالت وزارة الخزانة إن هذه الشركة كانت تنسق مع شركة الإمدادات العسكرية أفياتريد ومقرها روسيا، والتي استهدفتها عقوبات اليوم أيضا، لترتيب شراء قطع الغيار والإمدادات للطائرات المسيرة التي سبق أن اشترتها قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى أعمال التدريب.
وهذا الإجراء هو أحدث جولة من العقوبات التي فرضتها واشنطن بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في منتصف أبريل نيسان، بسبب خطط للانتقال السياسي ودمج قوات الدعم السريع في الجيش، عقب أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس عمر البشير في انتفاضة شعبية بعد أن حكم البلاد لفترة طويلة.
وسبق أن وصفت الولايات المتحدة، العقوبات التي صاغتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بأنها يمكن أن “توجه صفعة قوية إلى قادة طرفي الصراع المسلح الذين جروا بلادهم إلى الصراع وأخرجوا عملية الانتقال إلى الديمقراطية المستمرة منذ سنوات عن مسارها”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان منفصل إن واشنطن اتخذت خطوات هذا الأسبوع لفرض قيود على منح تأشيرات لأشخاص يُعتقد بأنهم جزء من الجهود الساعية إلى تقويض التحول الديمقراطي في السودان، ومن بينهم إسلاميون سودانيون ومسؤولون سابقون، بالإضافة إلى آخرين يقمعون حقوق الإنسان ومتورطين في انتهاكات أخرى.
وتأتي عقوبات الخميس بعد الإجراءات التي اتُخذت بحق نائب قائد قوات الدعم السريع هذا الشهر والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في يونيو حزيران على شركات اتهمتها بتأجيج الصراع.
ويشكك المتابعون للوضع السوداني في جدوى العقوبات الأميركية على أطراف الصراع، حيث تعايش معها السودانيون لسنوات طويلة في عهد نظام حسن البشير السابق، كما أن استعمالها كورقة ضغط لدفع الطرفين للجلوس إلى طاولة التفاوض غير دقيق، بوجود طرف مستعد للحوار ودعا إليه مرات عديدة أي قوات الدعم السريع، فيما الجيش يضع اشتراطات وعقبات في كل حديث عن إنهاء القتال.
وكان الجيش السوداني قد أعلن في يونيو حزيران الماضي، تعليق مشاركته في المحادثات مع قوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية، متهمًا الدعم السريع بعدم الالتزام ببنود الاتفاق والاستمرار في خرق هدنة وقف إطلاق النار.
من جهته، أكد مصدر في قوات الدعم السريع، أن إشارة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إلى استخدام “القوة المميتة” تأتي في إطار تعليق التفاوض.
وتجمد العقوبات الأميركية الجديدة أي أصول للمستهدفين في الولايات المتحدة ويمنع الأميركيين بشكل عام من التعامل معهم. ويخاطر من يشتركون معهم في معاملات معينة بالتعرض أيضا للعقوبات.