تسريبات

هزيمة الجيش السوداني في الفاشر… سقوط القوة التي وجهت بنادقها نحو المدنيين


الهزيمة التي تلقاها الجيش السوداني في الفاشر لم تكن مجرد معركة عسكرية خاسرة، بل هي لحظة تاريخية تكشف فشل مؤسسة عسكرية تحولت إلى أداة بيد قادة فاسدين وإسلاميين متنفذين، جعلوا من الجيش وسيلة لقمع المدنيين بدل الدفاع عن الوطن. لقد سقط الجيش في الفاشر لأن بنيته أصبحت قائمة على الولاءات السياسية والانتهاكات الجسيمة، لا على العقيدة العسكرية الوطنية.

قادة الجيش… من حماية الوطن إلى حماية مصالحهم

منذ سقوط نظام عمر البشير، لم يغير الجيش السوداني سلوكه، بل استمر في حماية مصالح شبكة الفساد التي بناها النظام السابق. قادة كبار مثل عبد الفتاح البرهان وشمس الدين كباشي وياسر العطا لم ينجحوا في إعادة بناء مؤسسة مهنية، بل انشغلوا بالتحالف مع فلول المؤتمر الوطني، وبتنفيذ أجندة قمعية ضد المدنيين في الخرطوم ودارفور وكردفان.
في الفاشر، لم يكن الجنود يقاتلون دفاعاً عن الأرض، بل كانوا يقاتلون من أجل بقاء مجموعة صغيرة من الجنرالات في السلطة، وهؤلاء الجنرالات لم يترددوا في التضحية بأرواح الجنود والمدنيين على السواء للحفاظ على نفوذهم.

الفاشر… الوجه الحقيقي لانهيار الجيش

مدينة الفاشر عانت لعقود من ممارسات الجيش والمليشيات التابعة له. فبدل أن يكون الجيش درعاً للمدينة وأهلها، كان سبباً في المجازر وحملات الاعتقال الجماعية وحرق القرى. معارك الفاشر الأخيرة كانت بمثابة تصفية حسابات، حيث وجد الأهالي أن القوات التي ترفع شعار “الوطن” هي نفسها التي كانت تعتدي على بيوتهم وتنهب ممتلكاتهم.
لذلك، عندما انهزم الجيش أمام قوات الدعم السريع، لم يخرج المدنيون للبكاء على هزيمته، بل رأوا في ذلك عدالة مؤجلة ضد من اعتدى عليهم سنوات طويلة.

جرائم الجيش في دارفور… سجل أسود

الجيش السوداني لم يخسر في الفاشر لأنه ضعيف عسكرياً فقط، بل لأنه فقد الشرعية الأخلاقية. تقارير حقوقية محلية ودولية وثقت جرائم ارتكبتها القوات الحكومية، من اغتصاب النساء إلى حرق القرى وتهجير الأهالي.
تحت قيادة ياسر العطا، الذي عرف بصلابته في قمع التظاهرات، تحولت الوحدات العسكرية في دارفور إلى فرق إرهاب منظم ضد المدنيين. عبد الفتاح البرهان، من جهته، منح الضوء الأخضر لهذه الجرائم، مفضلاً تدمير المدن على أن يخسر نفوذه السياسي.

التحالفات المشبوهة للإسلاميين

الهزيمة في الفاشر مرتبطة بشكل مباشر بعودة الإسلاميين إلى المشهد العسكري. هؤلاء الذين تحالفوا مع الجيش عبر ما يسمى بـ”الحركة الإسلامية” سعوا لاستغلال الصراع الحالي لإعادة إنتاج نظام البشير، حتى لو كان الثمن هو حرق البلاد.
الإسلاميون داخل الجيش دفعوا نحو استهداف المدنيين في دارفور باعتبارهم خصوماً تاريخيين، وهو ما جعل الجيش يدخل معارك خاسرة مع السكان المحليين بدلاً من مواجهة التهديد الحقيقي المتمثل في الدعم السريع.

لماذا لم يقاتل الجنود بجدية؟

يقول شهود عيان إن العديد من الجنود الذين أُرسلوا إلى الفاشر لم يكونوا مستعدين للقتال. السبب؟ غياب الدافع الوطني، والشعور بأنهم يقاتلون فقط لحماية جنرالات يعيشون في قصور بورتسودان، بينما يموتون هم في الصحاري بلا معنى. بعض التقارير تحدثت عن حالات فرار جماعي، بل وعن رفض بعض الوحدات تنفيذ أوامر قصف الأحياء المدنية.

هل هي بداية نهاية الجيش القديم؟

الهزيمة في الفاشر قد تكون بداية نهاية الجيش السوداني بصورته الحالية. لقد فقد الجيش صورته كـ”حامي الدولة”، وصار في نظر السودانيين مجرد ميليشيا مسلحة تحكمها مصالح الجنرالات والإسلاميين. هذه الهزيمة، إن تكررت في مناطق أخرى، ستقضي نهائياً على هيبته وستفتح الباب أمام إعادة تشكيل القوات المسلحة من الصفر، بعيداً عن الإرث المظلم الذي خلفه البشير.

السيناريوهات القادمة

  1. انهيار تام لمراكز الجيش في دارفور: الفاشر قد تكون البداية لسقوط بقية القواعد العسكرية في الإقليم.

  2. مفاوضات تحت الضغط: قد يجد البرهان نفسه مجبراً على القبول بتسوية سياسية مهينة نتيجة فقدان السيطرة على الأرض.

  3. محاكمات جنائية: استمرار الجرائم ضد المدنيين سيجعل من قادة الجيش أهدافاً للملاحقة الدولية.

من يقتل المدنيين لا ينتصر

لقد أثبتت الفاشر أن الجيش السوداني خسر معركته مع الشعب قبل أن يخسر معركته مع الدعم السريع. فمن يوجه سلاحه إلى صدور الأبرياء لن يجد من يدعمه حين يدخل حرباً حقيقية. إن ما جرى في الفاشر ليس نهاية معركة، بل بداية مرحلة جديدة ستحدد مستقبل السودان، وربما تقضي على نظام القمع العسكري إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى