هزائم وانشقاقات تدفع مجلس البرهان السوداني لاقتراح خارطة طريق لإنهاء الحرب
مثل حديث نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار عن خارطة طريق من الحكومة لإنهاء الحرب في السودان دليلا على حجم المأزق الذي يعيشه الجيش السوداني في مواجهة قوات التقدم السريع التي حققت العديد من الانتصارات الميدانية كان آخرها السيطرة على ولاية وسط دارفور مع تصاعد الانشقاقات في صفوف الجنود وكذلك قيادات عليا في الجيش.
وقال مالك عقار والذي يعتبر من المسؤولين البارزين والفاعلين من حيث اخذ القرار داخل الجيش ان خارطة الطريق وهي الأولى المعلنة من قبل المؤسسة العسكرية تبدأ بالفصل بين القوات المتحاربة وتنتهي بعملية سياسية.
وخلال لقاء عقار مع ممثلات لمنبر نساء ضد الحرب وفق ما نشره في حسابه على تويتر أكد المسؤول في الجيش ان الفصل بين القوات المتقاتلة من الجانبين ضروري لانجاح خارطة الطريق.
ويشير موقف المسؤول في مجلس السيادة إلى حجم الانقسام داخل الجيش بين أطراف تقودها قيادات موالية للإسلاميين وحزب المؤتمر المنحل تسعى لمواصلة القتال وجر البلاد إلى حرب أهلية خدمة لمصالحها السياسية وبين بعض القيادات التي باتت ترى تداعيات التصعيد على استقرار البلاد ووحدتها مع اندلاع الصراع القبلي في عدد من المناطق ونزوح عشرات الآلاف من المدنيين وتدمير البنية التحتية.
كما أوضح عقار أن خارطة الطريقة تتضمن التسريع في إيصال العون الإنساني وضمان سلامة المواطنين ومن ثم تحقيق عملية سياسية ترتكز على تأسيس الدولة وليس اقتسام السلطة.
ورفض تعدد المبادرات السياسية لإيجاد حلول للازمة مشيرا إلى أن تعدد المبادرات قد “يضر بجهود السلام ويطيل أمد الحرب”.
وكان الجيش السوداني استغل مفاوضات جدة للضغط على قوات الدعم السريع والمجتمع الدولي وذلك بالانسحاب منها والتعبير عن استعداده للعودة إلى المفاوضات مقابل مجموعة من الشروط فيما فهم أنها سياسة مناورة لربح الوقت.
لكن الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات الدعم السريع خاصة السيطرة على كامل ولاية وسط درافور الأسبوع الماضي وقدرتها على إدارة المرحلة في العاصمة الخرطوم والسيطرة على الكثير من القواعد والمراكز الحساسة أربك صناع القرار في الجيش وجعلهم في حالة انقسام.
كما اربكت الانشقاقات داخل الجيش مع اعلان قوات الدعم السريع المتكرر عن انضمام العشرات من جنود وضباط الجيش إلى صفوفها توقعات اطراف تسعى لمواصلة الحرب رغم ما تسببه من مازق ونكسات رغم ان قيادات المؤسسة العسكرية سهت لتخفيف وطاة تلك الانشقاقات.
وسعى الجيش لتعويض خسائره الفادحة بفتح باب التطوع ما دفع عددا من الجماعات الاسلامية للانخراط وحمل السلاح بتحريض من قيادات في المؤتمر الوطني المنحل وهو ما اكدته قوات الدعم السريع.
وتشير الكثير من التقارير إلى سعي قيادات من الجيش بتحريض من الإسلاميين وحزب المؤتمر الوطني المنحل لتحريض القبائل وتسليحها خاصة في شرق السودان وهو ما يشير إلى نوايا مبيتة للتصعيد العسكري وان الدعوة للحلول السلمية مجرد مناورة.
وتسببت السيول في تدمير وتضرر أكثر من 400 منزل بالولاية الشمالية في السودان، على ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، وسط استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ نحو 4 أشهر.
ونقلت وكالة أنباء السودان في تقرير ليل الأحد الاثنين “تعرضت أجزاء واسعة من محليات دنقلا ومروي والدبة والقولد والبرقيق وحلفا خلال اليومين الماضيين إلى أمطار وسيول أدت إلى حدوث بعض الأضرار والخسائر في المنازل السكنية والمزارع”.
وأضافت أن التقارير الأولية رصدت “تضرر 300 منزل كليا وجزئيا بمحلية مروي و58 منزلا بمحلية القولد و56 منزلا بمحلية الدبة و50 منزلا بمحلية دنقلا”.
وحلت هذه المأساة بالسودانيين بعد قرابة أربعة أشهر من الحرب بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 ابريل وتركزت في العاصمة وضواحيها وفي إقليم دارفور غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية.
وأسفرت هذه الحرب عن مقتل 3900 شخص على الأقل، كما أجبرت نحو أربعة ملايين شخص على مغادرة بلداتهم ومنازلهم سواء إلى ولايات أخرى بمنأى عن أعمال العنف أو إلى خارج البلاد.
والاثنين أفاد سكان في العاصمة بتواصل “القصف المدفعي والصاروخي” على مناطق وسط مدينة أم درمان غرب العاصمة وشمال الخرطوم وجنوبها.
وفي السودان الذي يعد من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي، يستمر العاملون في المجال الإنساني في المطالبة سُدى بالوصول إلى مناطق القتال ويقولون إنّ السلطات تمنع وصول المساعدات إلى الجمارك ولا تُصدر تأشيرات دخول لعمّال الإغاثة.
وسبق أن حذرت منظمات الاغاثة الدولية من أن موسم الأمطار في السودان والذي بدأ في حزيران/يونيو يمكن أن يتسبب في انتشار أوبئة مثل الحصبة والكوليرا، خصوصا في ظل توقف أنشطة التحصين ضد الأمراض وخروج 80 % من المرافق الطبية في البلاد خارج الخدمة.