تحقيقات

نساء السودان يحكين: الحرب التي لم تترك أحدًا بمنأى عن الألم


أكد صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الحرب الدائرة في السودان تمثل وجهاً مأساوياً للنساء والفتيات، مشيراً إلى أنها تشكل اعتداءً مباشراً على حقوقهن وصحتهن وكرامتهن. ودعا الصندوق المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لمنع وقوع المزيد من الفظائع بحق النساء في مناطق النزاع. وفي حديثها من بورتسودان إلى صحفيين في جنيف، أوضحت ممثلة الصندوق في السودان، فابريزيا فالسيوني، أنها عادت للتو من زيارة إلى الولاية الشمالية، شملت مخيم العفاض، حيث التقت بمجموعة من النساء الحوامل اللواتي نجين من حصار استمر 540 يوماً في مدينة الفاشر.

قالت فالسيوني إن النساء اللواتي قابلتهن لم يتلقين أي استشارة لرعاية ما قبل الولادة قبل وصولهن إلى المخيم. وأوضحن أنهن اضطررن لبيع كل ما يملكن لتغطية تكاليف الرحلة، في وقت فقدت فيه غالبيتهن أزواجهن، ما جعلهن المعيلات الوحيدات لأسرهن. وأضافت أن إحدى النساء أخبرتها بأنها اضطرت لبيع أرضها لتتمكن من الفرار، مشيرة إلى أنها فقدت زوجها ولم يتبق لها شيء. هذه الشهادات، بحسب فالسيوني، تعكس حجم المأساة التي تواجهها النساء في ظل الحرب.

أوضحت المسؤولة الأممية أن الاحتياجات الأساسية في مخيم العفاض محدودة للغاية، لافتة إلى أن النساء الحوامل اعتبرن المراحيض أولى أولوياتهن، وهو أمر لم تسمع به من قبل خلال 19 عاماً من عملها في المجال الإنساني. وأكدت أن المخيم يفتقر إلى المراحيض القريبة من الخيام وإلى الإضاءة ليلاً، ما يضاعف مخاطر الحماية على النساء الحوامل اللواتي يعشن دون رجال. وأضافت أن الخبز جاء في المرتبة الثانية من أولويات النساء، يليه إيجاد وسيلة لكسب الرزق. وأشارت إلى أن العديد من النساء النازحات كن طبيبات وممرضات وقابلات ومعلمات، إلا أنهن يكافحن الآن من أجل البقاء، فيما تعمل بعضهن داخل المخيم مستخدمات مهاراتهن لدعم نساء أخريات.

أكدت فالسيوني أن صندوق الأمم المتحدة للسكان يقدم خدمات رعاية الأمومة والولادة للنساء، إضافة إلى إدارة الحالات والخدمات النفسية والاجتماعية للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي في مخيم العفاض وطويلة وعبر السودان، إلا أن الوضع لا يزال مأساوياً. وروت قصة فتاة تبلغ من العمر 18 عاماً وصلت مؤخراً من طويلة في دارفور إلى مخيم العفاض، حيث قالت لها: “ما كان ينبغي عليّ مغادرة الفاشر”. وأعربت فالسيوني عن أملها في أن تكون كلمات هذه الفتاة رسالة إلى المجتمع الدولي، مؤكدة أن هناك حاجة ملحة لتقديم دعم أفضل وأكثر فاعلية.

أشار الصندوق إلى أنه لم يتلق سوى 42% من التمويل الذي كان يسعى إليه لعام 2025، ما اضطره إلى إغلاق بعض المساحات الآمنة وتقليص الإمدادات ووقف بعض خدمات الرعاية الصحية الإنجابية. وأوضحت فالسيوني أن الصندوق يناشد المجتمع الدولي للحصول على 116 مليون دولار لدعم السودان في عام 2026، مؤكدة أن التمويل الكامل ضروري لتلبية احتياجات النساء والفتيات في البلاد وسط الظروف الإنسانية القاسية التي فرضتها الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى