“مهاجر 6” الإيرانية في السودان.. أهم الخصائص
الطائرة المسيرة "مهاجر 6" التي زودت طهران السودان بها من الطراز الذي يعمل في الاستخبارات والمراقبة وتحديد الأهداف
لا تنفصل العلاقات السودانية – الإيرانية عن السياق العام لعلاقات إيران في منطقة شمال أفريقيا، ولكنها تخضع لمحددات معينة منها تاريخية مثل ما جمعها بنظام الرئيس السابق عمر البشير، وخارجية تتعلق بالمصالح وتفاعلات القوى الدولية بأبعادها المختلفة، خصوصاً العداء لواشنطن في تلك الفترة. وعندما تعود العلاقات بين الدولتين الآن في ظروف الحرب المشتعلة، منذ أبريل الماضي، فليس بالضرورة أن تكون تبعاً للأسباب ذاتها وإنما نتيجة محصلة التفاعل بين اعتبارات داخلية وترتيبات إقليمية، وموقع كل منهما في خريطة العلاقات الدولية.
تواؤم النظامين
في عهد البشير كان يتراءى لإيران نفوذ السودان الأيديولوجي نحو العمق الأفريقي خصوصاً غرب القارة، وكانت تمثل الجسر الثقافي الإسلامي والعربي امتداداً من مصر وحتى آخر منطقة في أفريقيا استطاعت إيران أن تنشر فيها “التشيّع” بمحاذاة التوجه السني. ففي نيجيريا مثلاً قامت مملكة عثمان بن فودي السنية في المواجهة مع الجناح السياسي الشيعي بقيادة إبراهيم الزكزاكي.
وكانت إيران تمزج علاقاتها الأيديولوجية مع الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وترافق ذلك مع اكتشاف النفط في السودان، والأخبار عن وجود الذهب واليورانيوم في مناطق مختلفة. وأسرّ نظام البشير– الترابي (حسن الترابي) دخول الإيرانيين إلى نقاط قريبة من البحر الأحمر، فاستدعوا عناصر من تنظيم “القاعدة” لتنفيذ عمليات خاصة بتصفيات دبلوماسيين خليجيين ومنها محاولة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير عام 2011، وكذلك التخطيط لاغتيال دبلوماسيين سعوديين في باكستان، وغير ذلك.
وخلال التسعينيات، ساد نوع من التواؤم بين النظام الإيراني ونظام البشير، وقدمت طهران في عهد الرئيسين علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي دعماً مالياً للسودان، ثم أسست مصنعاً للأسلحة والذخيرة في منطقة “الشجرة” (جنوب الخرطوم). وفي عام 2008، وقعت الحكومتان اتفاقاً للتعاون الأمني والعسكري. واستمرت طهران في إدانة العقوبات التي تعرّض لها السودان، واتهام البشير بارتكاب مجازر في دارفور وملاحقته من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، ولكن بعد قطع العلاقات السعودية – الإيرانية على إثر الهجوم على السفارة السعودية في طهران، والقنصلية السعودية في مشهد عام 2016، قطع السودان أيضاً علاقاته الدبلوماسية مع إيران.
نزعة التمدد
ومنذ أن تولى حسين أمير عبد اللهيان وزارة الخارجية الإيرانية عام 2021، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحرس الثوري، توقع أن يدعم أنشطته في أفريقيا، مدفوعاً بنزعة التمدد والنفوذ. وموقف السودان بالنسبة إلى عودة العلاقات بين البلدين مرتبط بصورة كبيرة بإعلان السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وذلك خلال محادثات بكين في مارس (آذار) 2023، حيث وقع رئيسا الوفدين السعودي والإيراني البيان الثلاثي المشترك، الصيني – السعودي – الإيراني، في الـ 10 من مارس الماضي. وبحدوث التوافق الحالي بين طهران والخرطوم، ثم بوادر التوافق بين إيران وكل من مصر وليبيا، فإن ذلك يعني ما أحدثه الاتفاق من تحولات على المنطقة عموماً.
هذا ما يمكن أن يحدث في ظل الظروف العادية في العلاقات الدولية لا سيما مع تأثير السعودية الكبير ودورها الإقليمي، ولكن مع ظروف السودان الحالية بعد انتفاضة 2018، وفي ظل الفوضى السياسية، وضياع بوصلة التحالفات، فإن عودة العلاقة بين السودان وإيران لا يمكن ردها فقط إلى تطابق الرؤى بين السعودية والسودان في ما يتعلق بعلاقتهما مع إيران. وفي الوقت الذي نجد فيه أن الرياض قد وضعت شروطاً منها الحفاظ على الأمن والسلم الإقليميين، وعدم تدخل طهران في الشؤون الداخلية للسعودية، وكفّ تغذية وكلائها الإقليميين في ما يُعرف بـ “محور المقاومة” من تنفيذ أي عمليات أو تصفية حساباتها الإقليمية أو التي تمسّ المصالح الدولية في المنطقة، فإن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان سوف يتحرك في نطاق محدود خلال الفترة المقبلة، وستتركز كل جهوده على مشاركة إيران في الحرب السودانية.
تحفيز إيران
ويمكن النظر إلى التحرك من جانب إيران باتجاه استعادة العلاقات مع السودان من زاويتين، الأولى، السياسة الأميركية والإسرائيلية التي تلعب دوراً بارزاً في تحفيز إيران على تمديد نفوذها ومحاولات فرضه لحماية وكلائها في المنطقة من تهديداتهما. وتلعب السياسة الأميركية دوراً آخر في وضع قضية تمدد نفوذ إيران وملفها النووي في مستوى اهتمام عال، وهي تعيد ما تم في عهد البشير بارتقاء مخاوف المد الإيراني في المنطقة إلى مستوى التهديد. والآن يتركز أكثر بنشوب الصراع في غزة، وعمليات الحوثيين في البحر الأحمر. كما أن الصراع مع إسرائيل على البحر الأحمر. يحفّز إيران على خلق العلاقات مع الدول المشاطئة ومنها السودان الذي لا تبدو شروطه مكلفة مقارنة مع الدول الأخرى لا سيما مع ظروف الحرب.
والثانية، نسبة لاستفادة إيران اقتصادياً من استمرار عدم الاستقرار في البحر الأحمر. فقد تحاول كل جهودها لاستعادة العلاقات مع السودان وخلق تعاون بحري لتعزيز وجودها ونفوذها وخلق مزيد من زعزعة البحر الأحمر، ذلك لأن خط سير التجارة الدولية البديلة للبحر الأحمر. عبر توسيع الممر الأوسط الذي يتضمن رابطاً بين طريق تركمانستان – أوزبكستان وإيران، على وشك التنفيذ.
وهذا ما جاء به فيليكس تشانغ، في تقرير بعنوان “توسيع الممر الأوسط في آسيا… فرصة للصين وإيران” في مجلة “فورين بوليسي”. كاتباً “أعطت الهجمات المستمرة من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. دفعة جديدة لشبكة التجارة الناشئة في آسيا الوسطى المعروفة باسم (الممر الأوسط). والتي اجتمعت الدول المشاركة فيها أخيراً لمناقشة تطوير طريقين جديدين للتجارة العابرة، طريق تركمانستان – أوزبكستان. والثاني يربط الأول بإيران”. وتابع الكاتب “خلقت هذه الهجمات فرصة للصين وإيران. واضطر الشاحنون للنظر في طرق بديلة لبضائعهم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التقى ممثلون من إيران وكازاخستان وتركيا وتركمانستان وأوزبكستان لمناقشة كيف يمكنهم التعجيل بتطوير القناة الرئيسية الثانية للممر الأوسط. والتي تسمى (طريق تركمانستان – أوزبكستان). وخلال الشهر نفسه تحدث وزير إيراني عن فوائد إنشاء طريق ثالث للتجارة العابرة، وهو حافز لربط طريق تركمانستان – أوزبكستان بإيران. وتشكل طرق التجارة العابرة هذه قيمة لأنها تعمل على تسريع تدفق البضائع عبر الحدود الوطنية. وبالتالي تحفيز النمو الاقتصادي”.
وأضاف تشانغ “الجمع بين طريقي التجارة العابرة يمكن أن يوفر لإيران شريان حياة اقتصادياً .ورابطاً أوثق مع الصين، أهم حليف لها من القوى العظمى. ومن الممكن أن يؤدي الجمع بين الطرق أيضاً إلى تمكين الصين من توسيع بصمتها التجارية .ونفوذها في أفريقيا والشرق الأوسط”.
فك الارتباط
وأسهمت عوامل عدة في تشجيع السودان، خلال هذه الفترة، إلى استعادة علاقاته مع إيران، ومنها فك الارتباط مع القوى السياسية المدنية. منذ تولي الفريق البرهان رئاسة مجلس السيادة السوداني. في أغسطس (آب) 2019. عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل من العام ذاته، وتأسيس الشراكة مع المكون المدني. كان على وفاق ظاهري معه مروراً باتفاق جوبا للسلام، عام 2020، الموقع بين مجلس السيادة بمكونيه المدني والعسكري من جانب والحركات المسلحة من جانب آخر. وحتى الإجراءات التي فرضها البرهان في أكتوبر 2021. وعلى رغم أن هذه الإجراءات قضت بتعطيل الوثيقة الدستورية وإقصاء المكون المدني، ما عُدّ انقلاباً على مسيرة الديمقراطية والانتخابات التي كان مزمعاً عقدها بعد انتهاء الفترة الانتقالية، إلا أن المدنيين واصلوا شراكتهم بعد احتجاجات على اعتقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ما أدى إلى استقالته بعد ذلك.
ولم تعد بعد ذلك العلاقة إلى ما كانت عليه. ومع استمرار مداهنة البرهان للمكون المدني، إلا أن الانقسامات ضربت المكونين. وفي 2022، اتفق البرهان و”قوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي” على “التقاء المكونين المدني والعسكري على ضرورة استبعاد حزب المؤتمر الوطني. والإخوان، وعناصر نظام الرئيس السابق عمر البشير، من المشهد السياسي. وإحياء الشراكة بين المكونين العسكري والمدني بشأن المرحلة الانتقالية عبر صياغات جديدة”. ولكن، وجدت هذه التسوية، التي لم تكتمل، معارضة من بعض القوى السياسية والمدنية. مثل الحزب الشيوعي ولجان المقاومة من جهة، ومن بعض القوى التي تتحدث بلسان الإسلاميين من جهة أخرى.
وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 2022. وقع المكون العسكري في مجلس السيادة الحاكم في السودان و”قوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي” .ومجموعات متحالفة معها، الاتفاق الإطاري الذي يمهد لنقل السلطة للمدنيين بالتوقيع على الاتفاق السياسي النهائي. وسط هتاف البرهان “العسكر للثكنات”، وهو الهتاف الذي كان يردده المحتجون على إجراءات البرهان. ولكن تأجل التوقيع على الاتفاق السياسي بسبب خلافات فجرتها، هذه المرة، قوات “الدعم السريع” حول دمجها في القوات المسلحة، وهو البند الذي نصت عليها اتفاقية جوبا للسلام. وكان الخلاف حول المدة التي يتطلبها الدمج، واستمر الخلاف حتى اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي.
وبهذا الخلاف، وبعد الحرب، تمايزت الصفوف مرة أخرى. فأصبحت “الدعم السريع” .و”قوى الحرية والتغيير” في جهة، والقوات المسلحة، في جهة أخرى. مع اتهامات بأن قوى الإسلاميين هي التي تحرك الحرب.
جيش المسيرات
وتوالت الأخبار بتزويد إيران القوات المسلحة السودانية بطائرات مسيرة من طراز “مهاجر 6“، ويُذكر أنها “قادرة على تنفيذ هجمات جو-أرض. والحرب الإلكترونية، والاستهداف في ساحة المعركة”. وذكر، أيضاً، أنها التقطتها الأقمار الاصطناعية في قاعدة “وادي سيدنا” الجوية شمال العاصمة الخرطوم. وتأتي هذه الأخبار قبل أن تجفّ اتهامات الولايات المتحدة إيران بتزويد روسيا طائرات مسيرة من الطراز نفسه خلال الحرب الأوكرانية.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على سبعة أشخاص وأربع شركات في الصين وروسيا وتركيا، في سبتمبر (أيلول) الماضي، ذكرت أن لهم صلة بتطوير برنامج الطائرات المسيرة الإيراني التي استخدمتها روسيا في الحرب. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر. في ديسمبر الماضي، أن “الولايات المتحدة فرضت عقوبات على شبكة من 10 كيانات وأربعة أفراد متمركزين في إيران وماليزيا وهونغ كونغ وإندونيسيا، بقيادة حسين هاتفي أردكاني. لقيامهم بتسهيل توريد إيران السلع الحساسة، بما في ذلك مكونات إلكترونية أميركية المنشأ. لطائرات مسيرة أحادية الاتجاه تنتجها منظمة جهاد للاكتفاء الذاتي التابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني“.
وكان قائد فرقة الطيران في “الحرس الثوري” الإيراني. أمير علي حاجي زاده، قد قال لصحيفة “طهران نيوز”، العام الماضي، “قدرات الطائرات المسيرة الإيرانية تتقدم. وهذا ليس سراً على العالم، لكن المهم هو أن إيران تستخدم المعرفة المحلية لتعزيز قدراتها الدفاعية وهي مستعدة لتصدير الطائرات من دون طيار”.
وقال القائد العام للجيش الإيراني اللواء عبدالرحيم موسوي. في مراسم انضمام عدد كبير من المسيرات الاستراتيجية القتالية والاستطلاعية والتدميرية والرادارية إلى الجيش الإيراني. نشره موقع “نورنيوز” المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيران. “نعتمد على القوة المحلية ومعرفة العلماء الشباب في البلاد في مجال الطائرات المسيرة من التصميم حتى الاستخدام ضد التهديدات. وقوة إيران القتالية تزداد مع إنتاج الطائرات المسيرة”. وأضاف موسوي “من واجب القوات المسلحة أن تسعى كل يوم إلى زيادة قوتها القتالية حتى تتمكن من إكمال المهام الموكلة إليها بأفضل طريقة ممكنة وبنجاح. وخلال السنوات القليلة الماضية، كان دور الطائرات المسيرة في مختلف مجالات الاستطلاع والقتال والتدمير في البر والجو والبحر فعالاً ولا يمكن إنكاره”. وتابع “في السنوات الأخيرة بخاصة في قواتنا المسلحة وفي ظل القدرة العالية والجهود التي تتمتع بهما وزارة الدفاع ومنظمة الصناعات الجوية. تم إلحاق مئات الطائرات المسيرة إلى جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية من حيث العدد والتنوع”.
المسيرة المقاتلة
وقام معهد العلوم والأمن الدولي بتحليل معلومات حصل عليها عن أجزاء ومكونات غربية مبلّغ عنها بأنها استُخدمت في الطائرات المسيرة الإيرانية التي تستخدمها القوات الروسية في أوكرانيا. وركز التقرير على نوع “الكاميكازي شاهد 136″، و”شاهد 131”. والطائرة الإيرانية المقاتلة المسيرة ذات الأغراض العامة “مهاجر 6“. وتشير المعلومات التي حللها المعهد إلى أن “الطائرات الإيرانية المسيرة التي تم إسقاطها أو الاستيلاء عليها تحتوي على أجزاء وملحقات صممتها أو أنتجتها شركات غربية منشؤها النمسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة”. وأوضح المعهد أن “العديد من القطع المستخدمة في الطائرات الإيرانية المسيرة هي أجزاء جاهزة للاستخدام في الطائرات المدنية. بما في ذلك الطائرات المدنية المسيرة. ومن غير الواضح كيف حصلت إيران على المكونات ذات المصدر الغربي”. ولكنه رجح أن تكون الشركات الصينية تزود إيران بنسخ من القطع الغربية لإنتاج الطائرات المسيرة المقاتلة.
في أغسطس الماضي، استعرضت وكالة الأنباء الإيرانية “إيرنا” صورة للطائرة المسيرة “مهاجر 10″، في مؤتمر بمناسبة يوم الصناعات الدفاعية. وذكرت “إيرنا” أن “مهاجر قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى ثمانية آلاف متر بسرعة 210 كيلومترات في الساعة، وتحمل حمولة قنبلة تصل إلى 300 كيلوغرام. كما يمكنها أن تحمل معدات مراقبة إلكترونية وكاميرا”.
وقالت “أسوشييتد برس” إن “مهاجر 6. التي تم الكشف عنها للمرة الأولى في عام 2017، هي من الطراز الذي يعمل في الاستخبارات والمراقبة وتحديد الأهداف والاستطلاع. ويبلغ مداها الأقصى 300 كيلومتر، ومجهزة أيضاً بأربعة صواريخ موجهة بدقة”. وأضافت “يتم إنتاج هذه الطائرة من قبل شركة القدس لصناعة الطيران. واستخدمت روسيا هذه الطائرة المسيرة في جنوب أوكرانيا ومنطقة دونباس. حيث تتمتع بالقدرة على توفير لقطات فيديو في الوقت الفعلي لساحة المعركة لوحدات المدفعية أو غيرها من المهام القتالية ذات الصلة. ويشتبه في أن الطائرة تمتلك قدرات تشويش إلكترونية. ويتم إطلاقها واستعادتها عبر مدرج باستخدام عجلاتها الثابتة ثلاثية القوائم”.
وقال رئيس القيادة المركزية الأميركية السابق الجنرال كينيث أف ماكنزي جونيور. في ورقة بحثية لمعهد “واشنطن”. “الطائرات المسيرة تشكل التهديد الأكثر إلحاحاً لأمن الشرق الأوسط بسبب تكلفتها المنخفضة، وتوافرها على نطاق واسع. وإمكانية إنكارها، إذ يمكن إخفاء نقطة منشئها من خلال استخدام مسار طيران ملتوٍ”.
محور التنافس
وتنسق إيران والصين وروسيا لتأسيس محور موازٍ للمحور الغربي. تخدمه المصالح المشتركة بين القوى الثلاث، ولجأت إيران إلى خلق اتحاد بينها وبين كل من روسيا والصين. باتفاقيات اقتصادية وعسكرية. وتأتي هذه التحولات كإحدى تداعيات الحرب الأوكرانية. وبرز محور التعاون بين هذه الدول، لا سيما في المجال العسكري، وتُرجم فعلياً على أنه محور تعاون في مواجهة الغرب. نسبة للتوترات المتصاعدة بين الدول الثلاث والغرب خصوصاً واشنطن. ويبدو دخول المحور إلى حلبة التنافس الدولي في أفريقيا في ضوء الطلب المتزايد على الموارد، سيجعل من السودان هدفاً واضحاً.
وعلى رغم أن ثمة لاعبين إقليميين أبرزهم إيران تتقاطع مصالحهم مع اللاعبين الإقليميين والدوليين الآخرين. إلا أن تكتلها مع الصين وروسيا في الخطوط العريضة. حتى لو اختلفت حول التفاصيل، قد يؤدي إلى بروز محاور عدة في المنطقة كل منها يعمل على تحقيق مصالحه. المتقاربة مع بعضها على حساب الآخر، لذلك ركزت إيران على الانخراط مع المحور الروسي – الصيني بشكل منفرد أو في إطار منظمة “شنغهاي” للتعاون، و”بريكس”. كما ستشهد المنطقة حدوث توازنات سياسية واقتصادية وعسكرية – أمنية في المنطقة على المستوى الإقليمي المدعوم دولياً.
وبعد أن كان السودان بعد سقوط البشير أقرب إلى الغرب. إلا أن الخلاف بين المكونين المدني والعسكري قد جعله يتجه شرقاً، وعليه يتوقع أن يعمل الغرب. خصوصاً الولايات المتحدة، في ما يعرف بـ”المنطقة الرمادية” ضد إيران والصين وروسيا لدعمها السودان. وقد تستهدف مصالح هذه الدول في السودان أو محيطه الإقليمي. ويصبح السودان مسرحاً لحرب أوسع نطاقاً.