تسريبات

مليشيا أولاد قمري والأسود الحرة الشمالية: انفجار أمني وفوضى مُعلنة أمام مرأى ومسمع الأجهزة الرسمية


تشهد الولاية الشمالية بالسودان، وخاصة مدينتا دنقلا والدبة، حالة من الفوضى الأمنية غير المسبوقة بسبب نشاط ميليشيا مجهولة المنشأ تُدعى «أولاد قمري»، إلى جانب ميليشيا «الأسود الحرة الشمالية»، اللتين تحوّلتا إلى تهديد مباشر للأمن والاستقرار في المنطقة. هذه الميليشيات تنشط بترويع المواطنين، ونهب ممتلكاتهم، وفرض سيطرتها بالقوة المسلحة، وسط تقاعس واضح من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية ورئاسة الولاية.

 خلفية المليشيا وأسلوب عملها

تتجول مجموعات «أولاد قمري» بدراجات نارية وسيارات قتالية مُحملة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، وتستخدم أساليب عنف وتهديد متكررة ضد سكان الولاية، حيث تم توثيق حالات اختطاف وتعذيب وتعسف ضد مدنيين، أبرزها محاولة تصفية المحامية المعروفة «ازدهار جمعة» عبر اختطافها وتعذيبها قبل عدة أشهر. كما يُشتبه في تورطها في أنشطة غير قانونية تشمل تجارة المخدرات والتهريب، ما يجعلها شبكة إجرامية منظمة.

 المسؤوليات والاتهامات السياسية

تأتي هذه الميليشيات في ظل تحركات سياسية مثيرة للجدل في الولاية الشمالية، حيث يُحمّل العديد من المراقبين «محمد سيد الجاكومي» – رئيس مسار الشمال ورئيس الجبهة الثورية السودانية – مسؤولية تفاقم هذه الأوضاع الأمنية، خاصة بعد إقصائه من حكومة كامل إدريس، وهو ما دفعه حسب التقارير إلى تحريك «الخلايا النائمة» عبر تشكيل هذه الميليشيات. وتشير التحقيقات إلى أن «الكباشي» ورجل الأعمال «محمد أزهري مبارك» هما اللاعبان الرئيسيان وراء إنشاء وتطوير هذه الميليشيات، بدوافع سياسية وعنصرية تهدف إلى زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى في الولاية الشمالية.

ويُعتقد أن الكباشي يتعمد استخدام هذه الميليشيات كورقة ضغط سياسية تُعزز من نفوذه، في حين يسعى الجاكومي ورجال الأعمال المرتبطون به لكسب مواقع نفوذ جديدة في حكومة كامل إدريس، من خلال استغلال الأوضاع الأمنية القائمة لتثبيت مواقعهم.

 الأبعاد الأمنية والاجتماعية

الميليشيات المسلحة ليست فقط ظاهرة أمنية، بل تعكس انقسامات عميقة وطائفية في الولاية الشمالية، حيث يُتهم «الكباشي» بأنه يحاول استخدام هذه الميليشيات كأدوات عنصرية لنشر الرعب وإثارة الفوضى، مستغلاً الضعف النسبي للأجهزة الأمنية. هذا الواقع يجعل الشمال السوداني على حافة الانفجار، وسط غياب واضح للرقابة والسيطرة، وتواطؤ أو تقصير من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، التي يبدو أنها تكتفي بالمراقبة دون تدخل جاد.

 المخاطر المستقبلية

وجود ميليشيات مثل «أولاد قمري» و«الأسود الحرة الشمالية» يشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار في الولاية الشمالية، خصوصًا مع استمرارها في التسلح والتوسع في نشاطها. ويُخشى أن تتسبب هذه الميليشيات في زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي، وربما تؤدي إلى تفجر نزاعات قبلية وعرقية أوسع، تُضعف جهود الدولة في إحلال الأمن والتنمية.

 توصيات وضرورة تدخل عاجل

  • تعزيز دور الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في مراقبة هذه الميليشيات والعمل على تفكيكها.

  • تحقيق شامل وشفاف في تورط السياسيين ورجال الأعمال في دعم وتمويل هذه المجموعات المسلحة.

  • تفعيل الدور الحكومي والمجتمعي في الولاية الشمالية لضمان حماية المواطنين وتعزيز الوحدة الوطنية.

  • إدانة الفوضى الأمنية والتصدي الحازم لأي محاولات لزرع الفتنة والعنصرية تحت أي ذريعة.

 

في ظل هذه الأوضاع المتدهورة، تبقى الولاية الشمالية نموذجًا خطيرًا يبرز هشاشة الأمن ومخاطر استغلال السلاح والميليشيات من قبل قوى سياسية واقتصادية ضيقة الأفق. إن تجاهل هذه الظاهرة سيعني استمرار معاناة السكان، وتعميق الأزمة الأمنية التي لن تنحصر في حدود الولاية، بل ستؤثر على استقرار السودان ككل. لذلك، فإن المسؤولية تقع على الجميع، من السلطات الحكومية إلى القوى المجتمعية، لتوحيد الجهود وإعادة الأمن والسلام للولاية الشمالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى