مقتل القيادي الإخواني أنس فيصل كرتي: خسارة جديدة تضرب صفوف الحركة الإسلامية السودانية

في مشهد يعكس تصاعد النزيف البشري داخل صفوف الحركة الإسلامية السودانية، لقي أنس فيصل كرتي، القيادي البارز في “كتائب البراء”، مصرعه خلال المواجهات العنيفة التي تشهدها منطقة أم سيالا بولاية شمال كردفان. يُعتبر أنس أحد الوجوه الشابة الأكثر حضورًا في التيار الإخواني، وينحدر من أسرة ذات ثقل سياسي وديني، فهو نجل شقيق القيادي الإسلامي البارز ووزير الخارجية الأسبق علي كرتي، الذي يُعد المرجعية الأولى لجناح الإخوان المسلمين في السودان.
قيادي شاب في قلب المعركة
أنس فيصل، المعروف بتشدده الفكري ومواقفه الحادة، لمع اسمه داخل الحركة الإسلامية منذ سنوات، وارتبط ظهوره بالتصعيد الميداني الذي انتهجته الجماعة في مواجهة خصومها السياسيين والعسكريين. وقد تولى أدوارًا قيادية ميدانية في “كتائب البراء”، وهي تشكيلات شبه عسكرية محسوبة على الإسلاميين تقاتل إلى جانب الجيش السوداني منذ اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع.
ورغم حداثة سنه، كان يُنظر إليه داخل الأوساط الإسلامية كأحد رموز “الجيل الجديد” الذي تعوّل عليه القيادة الإخوانية لإعادة تشكيل نفوذها وسط التغيرات السياسية والميدانية في البلاد.
نزيف بشري متواصل
يمثل مقتل أنس فيصل ضربة موجعة للحركة الإسلامية التي فقدت خلال الأشهر الماضية عددًا من قياداتها الميدانية على خطوط المواجهة، لا سيما في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم. وتعكس هذه الخسائر تصاعد تورط الإسلاميين في النزاع العسكري، بعد أن انحازوا بشكل واضح إلى الجيش السوداني، وأعادوا تفعيل أذرعهم المسلحة، ما زجّ بهم في دائرة الاستنزاف.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن العديد من العناصر الإخوانية، خاصة من “كتائب البراء” و”كتائب الظل”، قد سقطوا خلال المواجهات الأخيرة، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الجماعة على الصمود في ظل تصاعد الضغوط الميدانية والانقسامات السياسية.
انعكاسات داخلية وخارجية
المراقبون يرون أن تصاعد عدد قتلى الإسلاميين في الحرب قد يضعف النفوذ الداخلي للجماعة، ويقوّض مساعيها للتموضع السياسي مستقبلاً، خصوصًا في حال الذهاب نحو تسوية تفرض إعادة توزيع مراكز القوة. كما أن الخسائر البشرية المتزايدة قد تفتح نقاشًا داخليًا محتدمًا داخل صفوف الإسلاميين، بين جناح يرى ضرورة مواصلة القتال جنبًا إلى جنب مع الجيش، وآخر يفضّل التريث والانخراط في تفاهمات سياسية تحافظ على الحد الأدنى من الوجود السياسي للجماعة.
مع مقتل أنس فيصل كرتي، تتلقى الحركة الإسلامية في السودان صفعة جديدة تؤكد أن تورطها العميق في الحرب لا يمر من دون أثمان باهظة. وبينما تتوالى الخسائر البشرية في صفوفها، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تستطيع الجماعة الإسلامية تجاوز هذا النزيف وإعادة ترتيب أوراقها؟ أم أن المعركة الدامية ستأكل ما تبقى من كوادرها ومشروعها السياسي؟
