تسريبات

مشروع المسيّرات الإيراني في السودان: قاعدة خلفية لحرب الظل أم قنبلة موقوتة؟


كشفت مصادر مطلعة عن تحركات متسارعة تقودها شخصيات بارزة من الحرس الثوري الإيراني داخل الأراضي السودانية، تهدف إلى إنشاء مرافق لتجميع وتصنيع طائرات مسيّرة عسكرية، في خطوة تؤكد تزايد اعتماد طهران على السودان كساحة خلفية جديدة لحروبها غير التقليدية في الشرق الأوسط.

تحالف غير معلن: إيران والجيش السوداني

بحسب المعلومات التي حصل عليها موقع “السودان ليكس”، فإن التحركات الإيرانية تتم بالتنسيق المباشر مع قيادة الجيش السوداني، وتتمركز في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش بجنوب ووسط البلاد، أبرزها مدن كوستي، الدمازين، وكادوقلي. وتشمل الخطط إنشاء خطوط إنتاج محدودة لطائرات بدون طيار من طرازي “مهاجر” و”شاهد 136″، على أن تُجمع الأجزاء داخل منشآت عسكرية مغلقة.

الخطوة، التي اعتبرها البعض ردًا استراتيجيًا على الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة ضمن عملية “الأسد الصاعد”، تأتي بعد استهداف منشآت إيرانية لإنتاج المسيّرات في طهران وأصفهان وضواحي الأهواز، وهو ما ألحق أضرارًا كبيرة بقدرات طهران الجوية غير التقليدية.

وجود ميداني وتدريب مكثف

تؤكد التقارير أن خبراء من الحرس الثوري الإيراني متواجدون بالفعل في السودان منذ أكثر من عام، تحت غطاء “بعثات تدريبية”. وتتركز مهمتهم في تدريب عناصر سودانية على تشغيل وصيانة المسيّرات، في إطار مشروع يهدف إلى توطين المعرفة الإيرانية منخفضة التكلفة ونقلها إلى حلفاء طهران المحليين.

تهريب ذكي وتكنولوجيا متطورة

المعدات التي استُخدمت في إنشاء هذه المنشآت وصلت عبر ميناء بورتسودان على دفعات، ضمن عمليات تهريب دقيقة لتفادي الرصد الدولي. وتعتمد منشآت التصنيع على مزيج من الأجزاء المهربة والمكونات المحلية المصنّعة باستخدام تقنيات حديثة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والمعادن خفيفة الوزن، وهي تكنولوجيا سبق للحرس الثوري أن استخدمها في سوريا والعراق.

بورتسودان.. لغز الضربة الجوية الصامتة

في سياق متصل، تحدثت مصادر أمنية عن ضربة جوية غامضة استهدفت منشأة قرب بورتسودان يُعتقد أنها كانت تضم معدات مسيّرات وخبراء أجانب. الغارة، التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، أثارت صمتًا لافتًا من قيادة الجيش والحركة الإسلامية، ما عزز الشكوك حول وجود اتفاقات سرية مع أطراف خارجية.

التهريب البحري.. إيران تتقن لعبة “السفينة إلى السفينة”

لا تقتصر خطة طهران على الإنتاج المحلي فقط، بل تشمل كذلك نقل المسيّرات إلى الخارج عبر عمليات تهريب معقدة. وتشير المعلومات إلى أن إيران تخطط لاستخدام سفن شحن مدنية صغيرة، مملوكة لشركات واجهة، لتنفيذ عمليات “من سفينة إلى سفينة” في عرض البحر، وهي تقنية تُستخدم للتحايل على أنظمة التتبع والمراقبة الدولية في الخليج وبحر العرب.

السودان.. المنطقة العازلة الجديدة لطهران

من وجهة نظر الحرس الثوري، يُعد السودان منطقة لوجستية مناسبة لتخزين المسيّرات بشكل مؤقت، تمهيدًا لتهريبها لاحقًا وفق تطورات الأوضاع الدولية. هذا الخيار يمنح طهران وقتًا إضافيًا لتوزيع الشحنات وتقليل المخاطر الأمنية، في ظل تضييق الخناق الدولي على شبكات الإمداد الإيرانية.

بين مصالح الجيش ومخاطر التدويل

التعاون العسكري غير المعلن بين طهران والخرطوم يثير تساؤلات عن دوافع الجيش السوداني، الذي يبدو أنه وجد في الدعم الإيراني وسيلة لتعزيز قوته في مواجهة قوات الدعم السريع. لكن هذا التحالف يحمل في طياته مخاطر جسيمة، أبرزها تدويل الصراع وتحويل السودان إلى ساحة مواجهة إقليمية مفتوحة.

رسائل إيرانية عبر المسيّرات

تحاول إيران من خلال هذا المشروع توسيع رقعة “حرب الظل” ضد خصومها الإقليميين والدوليين، عبر شبكات لامركزية تعتمد على وكلاء محليين في دول تعاني من أزمات داخلية وضعف في البنية العسكرية. ويبدو أن المسيّرات، التي كانت أداة في يد الدولة الإيرانية داخل حدودها، أصبحت الآن سلاحًا متنقلاً يُصدر مع الحرس إلى خطوط التماس الجديدة.

خاتمة: السودان في مهب الصراع الإقليمي؟

السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل يملك المجتمع الدولي الإرادة الكافية لوقف هذا التوسع الإيراني العسكري داخل دولة تعاني أصلًا من انقسام سياسي وحرب أهلية؟ أم أن السودان، كما يخشى كثيرون، في طريقه ليصبح جزءًا من جبهة إيرانية عابرة للحدود، تُستخدم فيها المسيّرات كرمز للهيمنة والصراع بالوكالة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى