مخيمات النازحين تحترق.. دارفور تدفع الثمن مع دخول الحرب عامها الثالث

سلطت إدانة دولة الإمارات الهجمات على مخيمات النازحين وفرق الإغاثة قرب مدينة الفاشر في شمال دارفور، غرب السودان، الضوء على المأساة المزدوجة التي يعيشها النازحون في بلد آلمته الحرب.
وظلت مخيمات النازحين في دارفور شاهداً صدوقاً على جرائم الحرب التي خلفها نظام “الإخوان المسلمين” في السودان، قبل أن يرحل بثورة شعبية أخرجته من الحكم في أبريل/نيسان 2019، وباتت الآن نموذجا للمعاناة والمآسي جراء حرب دخلت عامها الثالث.
-
معارك عنيفة تهز الفاشر: ماذا يجري في غرب السودان؟
-
مساعدة عاجلة غربية لإنقاذ السودان من «كارثة إنسانية»
جذور الأزمة
وفي العام 2003 شهد إقليم دارفور غربي السودان. حرباً ضروساً قادها التنظيم الإخواني باسم الجيش السوداني، والفصائل العسكرية المتحالفة معه، وهي ذات الحرب التي اقشعر لها الضمير الإنساني في العالم، وتسببت في صدور عدد من القرارات الخاصة بالعقوبات ضد السودان. فضلاً عن اتهامات بارتكاب جرائم حرب، قدمتها المحكمة الجنائية الدولية. ضد رأس النظام السابق، قائد الجيش السوداني آنذاك، عمر البشير، وبعض معاونيه من العسكريين والحلفاء شبه العسكريين.
وبعد اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لم ينج إقليم دارفور من تمدد الحرب إلى كل ولاياته الخمس. التي غدت محوراً للاقتتال بين طرفي الصراع، وغرقت مرة أخرى في مستنقع الحروب واللا استقرار.
-
السودان: معارك «كسر عظم» في الشرق والغرب والفاشر تفجر الاحتمالات
-
أوضاع متدهورة في إقليم دارفور غربي السودان
المخيمات في مرمى النيران
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت سيطرتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. على أربع ولايات في دارفور، هي جنوب وشرق وغرب ووسط دارفور. فضلا عن أنها تُحِكم الحصار على مدينة الفاشر، حاضرة شمال دارفور، منذ نحو عام وحتى الآن.
وتشهد مدينة الفاشر معارك عنيفة بين الدعم السريع والجيش السوداني وحلفائه من القوات المشتركة، مما وضع مخيمات النازحين في “زمزم” و”أبوشوك” جنوبي الفاشر، في مرمى النيران الكثيفة.
-
السودان.. غرب دارفور تتعرض لأسوأ صراع في تاريخ البلاد
-
السودان تحت النار: انتهاكات الجيش ومعاناة المدنيين
كارثة غير مسبوقة
وحول آخر التطورات في شمال دارفور، ومخيمات النازحين فيها. طالبت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في السودان، الأطراف المتنازعة بالالتزام الصارم بالقانون الدولي الإنساني. وتجنب التمركز داخل أو قرب المناطق المدنية، وتيسير مرور المدنيين والمساعدات الإنسانية. والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين.
وقال المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال إن الوضع الإنساني في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، ينحدر بسرعة نحو “كارثة” غير مسبوقة، وأن المعاناة تتفاقم تحت وطأة القصف، والحصار. وانعدام الأمن، وقيود الحركة، وتعليق خدمات الاتصالات. إضافة إلى الجوع القاتل، ونقص الأدوية والعلاج، وندرة المياه، وشح النقد، وانهيار تام للخدمات الأساسية.
-
هل تقف الخرطوم على حافة الإبادة؟ جرائم الحرب تلاحق الجيش السوداني في قلب النزاع
-
مستقبل السودان بين ثلاثة سيناريوهات: تحليل جريدة بريطانية لهيئة الدولة
وأضاف: “في يومي 10 و11 أبريل/نيسان الجاري. تعرض مخيم “أبو شوك” للنازحين في شمال دارفور، لقصف مدفعي كثيف أودى بحياة 35 نازحاً، معظمهم من النساء والأطفال. إضافة إلى عشرات الجرحى وتدمير المنازل والبنية التحتية”.
وتابع “لم تتوقف المأساة عند هذا الحد، بل تواصلت يومي 11 و12 أبريل/نيسان. بهجوم مروع على مخيم “زمزم”، خلّف مئات القتلى والمصابين، غالبيتهم من النساء والأطفال”.
-
السودان في مرمى الإرهاب: تأثير الفراغ الأمني في تصاعد المخاطر
-
المعركة تتصاعد في السودان: مطار دنقلا تحت هجوم المسيّرات
إدانة الإمارات
هذا الوضع المروع وتلك المآسي الإنسانية جعلت الإمارات تدق ناقوس الخطر جراء استمرار الحرب في السودان. فأدانت تلك الهجمات، مطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار.
واستنكرت دولة الإمارات بشدة الهجمات المسلحة على مخيّمي زمزم وأبوشوك وعلى فرق وكوادر الإغاثة العاملة في المنطقة. وأدانت كافة أعمال العنف ضد العاملين في مجال العمل الإنساني الذين يكرسون حياتهم لخدمة المحتاجين.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان أن استهداف موظفي الإغاثة يعد انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي الذي يكفل حماية العاملين في القطاع الطبي وفرق الإغاثة والإنقاذ. وشددت على أهمية احترامهم وحمايتهم وعلى ضرورة ألا يكونوا أهدافا في الصراعات.
-
أدلة جديدة تكشف تورط إيران في تأجيج الحرب في السودان
-
السودان تحت سحابة قاتلة.. غازات الموت تضرب شنقل طوباي
ودعت الوزارة، جميع الأطراف – التي لا تضع أدنى اعتبار لحجم المعاناة التي يكابدها الشعب السوداني – إلى احترام التزاماتها وفق القانون الدولي .وإعلان جدة ووفق آليات منصة “متحالفون لتعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودانALPS – “، وضرورة اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين. وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وبكافة الوسائل المتاحة ودون أية عوائق.
وأكدت على أنه لا يحق لأي جهة أن تعيق وصول المساعدات المنقذة للحياة. مشيرة إلى أن استخدام العمل الإغاثي والمساعدات الإنسانية سلاحا أمر مدان. داعية الأمم المتحدة إلى عدم السماح لأي من طرفي الصراع باستغلال المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية أو سياسية.
كما جددت وزارة الخارجية التأكيد على موقف دولة الإمارات الداعي للتوصل إلى حل سلمي للصراع الدائر في السودان، وضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار. والتزام دولة الإمارات الراسخ بدعم الجهود المبذولة لمعالجة هذه الأزمة الكارثية. وبالعمل الجماعي مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان تحقيق الاستقرار والسلام للشعب السوداني الشقيق.
-
السودان يكشف ضعف التحالفات الدولية.. صراعات بلا حلول
-
جرائم بلا محاسبة.. الجيش السوداني متهم بتنفيذ إعدامات وتهجير قسري
دور التنظيم الإخواني
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في السودان. تفاعلا كبيرا بسبب تطورات المعارك العسكرية حول الفاشر، وما تعرضت له مخيمات النازحين من هجمات.
واستنكر عدد من المراقبين السياسيين في السودان، ما آلت إليه تطورات الحرب وهي تدخل عامها الثالث، وسط مخاوف كبيرة من تحولها إلى حرب أهلية شاملة. تؤدي إلى تفكيك النسيج المجتمعي، وتعصف بوحدة الأراضي السودانية.
وحمّل سياسيون حزب “المؤتمر الوطني”، الذراع السياسية للتنظيم الإخواني في السودان، وزر الحرب وتمددها ونتائجها الكارثية. بسبب تأجيجهم المستمر للصراع بين أطرافها، ومحاولاتهم الدؤوبة لقطع الطريق أمام أية حلول سلمية عبر التفاوض.
-
الجيش السوداني نفذت إعدامات ميدانية طالت عشرات المدنيين
-
الخرطوم تحت الحصار: صراع القوة والموارد في قلب السودان
وقال الأمين السياسي لحزب “المؤتمر السوداني”، شريف محمد عثمان “اشتعال الحرب وتمددها في مناطق عديدة في السودان. إنما هو انعكاس مباشر لحملات التحريض الممنهج التي يقودها حزب المؤتمر الوطني لإسكات الصوت المدني الداعي لإيقاف الحرب”.
وأوضح أن منسوبي النظام السابق، ظلوا يلعبون دوراً كبيراً في تحريض قيادات الجيش السوداني .ومنعها من الامتثال للنداءات الدولية والإقليمية بضرورة التفاوض لأجل إيقاف الحرب.
-
الجيش السوداني ارتكب اعدامات ميدانية مروعة في الخرطوم
-
منظمات حقوقية: الجيش السوداني متورط في إعدامات ميدانية راح ضحيتها عشرات المدنيين
وأشار إلى أن انسحاب الجيش من مفاوضات “المنامة”، وعدم حضور ممثليه في محادثات ” جنيف”، وكذلك عدم حماسته أو جديته تجاه “منبر “جدة” . كلها شواهد تؤكد على أن التنظيم الإخواني لا يريد للحرب أن تتوقف، ولا يبتغي شيئاً غير أن يعود للسلطة حتى ولو فوق جماجم وأشلاء السودانيين.
وتأسف على الأحداث التي شهدتها مخيمات النازحين في “زمزم” و”أبو شوك”. لافتاً إلى أنها تعبير واقعي عن جنون الحرب العبثية، التي خرجت من تحت جلباب الحركة الاسلامية. ووضعت كل شعب السودان أمام مستقبل ملغوم.
-
ميليشيات الإخوان في السودان.. حجر عثرة أمام السلام وداعم خفي للحرب
-
واشنطن تؤكد مشاركتها الفعالة في جهود وقف الحرب في السودان
