أحداث

ما دلالات تشكيل “الدعم السريع” سلطة مدنية في دارفور؟


شرعت قوات الدعم السريع، بتشكيل سلطة مدنية في مناطق سيطرتها بإقليم دارفور، حيث أكملت فعليًا عملية تعيين الإدارة المدنية في ولاية الجنوب، فيما تجري المشاورات حاليًا لتنفيذ الخطوة في زالنجي والجنينة والضعين.

وقالت مصادر إنه “منذ مايو/أيار الماضي، أرسل قائد قوات الدعم السريع وفدًا برئاسة مشرف إقليم دارفور، الدكتور الهادي دبكة، ومشرف إقليم النيل الأزرق وكردفان، عبيد محمد سليمان أبو شوتال، إلى إقليم دارفور.

وبينت المصادر أن هذه المشاورات كانت “بغرض التشاور لتشكيل سلطة مدنية في الولايات التي يسيطر عليها قائد قوات الدعم السريع، وهي شرق وجنوب وغرب ووسط دارفور”.

وأكدت المصادر أن الوفد بدأ بولاية جنوب دارفور حيث فرغ من مهمته الأسبوع الماضي بتشكيل مجلس تأسيسي وتعيين رئيس سلطة مدنية في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، مؤكدًا أن الوفد توجه بعدها إلى مدية زالنجي حيث ينخرط حاليًا في مشاورات تمهيدًا لتشكيل سلطة مدنية لتولي دفة الأمور في وسط دارفور.

وبحسب المصادر، فإنه “عقب الانتهاء من ولاية وسط دارفور سيتوجه الوفد إلى ولاية غرب دارفور ثم يختتم بولاية شرق دارفور وعاصمتها الضعين ليكتمل بعدها تشكيل السلطة المدنية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في إقليم دارفور.

والسلطة المدنية التي تسعى قوات الدعم السريع لتأسيسها في مناطق سيطرتها تتكون من إدارة مدنية تنفيذية ومجلس تأسيسي مدني بمثابة جهاز تشريعي يقوم بمهام الرقابة على الجهاز التنفيذي، حيث سبق وطبقت التجربة في ولاية الجزيرة وسط السودان.

تسهيل التعامل مع الأمم المتحدة

ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المهتم بالأوضاع في دارفور، محمد صالح البشر، إن “ما أقدمت عليه قوات الدعم السريع هو أمر متعارف عليه في حالة الصراعات بالسودان”، حيث إن أي مجموعة مسلحة تشكل سلطة لإدارة الأوضاع بمناطق سيطرتها. 

وقال البشر إن خطوة قوات الدعم السريع بتشكيل حكومة مدنية هي واحدة من مطالب الأمم المتحدة حتى تستطيع وكالاتها التعامل مع قضايا المنطقة.

وأوضح بأن وكالات الإغاثة الأممية لا يمكن أن تسلم قوات الدعم السريع أيًا من المساعدات الإنسانية؛ ما يجعلها بحاجة حكومة مدنية للتعامل معها لتوصيل المساعدات للمدنيين بمناطق سيطرة قوات الدعم السريع.

وأكد أن قوات الدعم السريع أنشأت إدارة للعمل الإنساني سمتها “الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية”، حلت محل مفوضية العون الإنساني ومفوضية اللاجئين التابعتين لسلطة بورتسودان، في استلام المساعدات الإنسانية من وكالات الأمم المتحدة.

وأشار إلى أنه “سبق وشكلت قوات الدعم السريع سلطة مدنية في ولاية الجزيرة وسط السودان، تتكون من رئيس تنفيذي في مرتبة الوالي، بجانب مجلس تأسيسي، حيث جرى تنفيذ ذات الخطوة في ولاية جنوب دارفور وينتظر أن تعمم على كل الإقليم”.

ونوه البشر إلى أن حكومة بورتسودان رفضت خطوة قوات الدعم السريع بتشكيل حكومات مدنية في مناطق سيطرتها، حيث أصدر والي جنوب دارفور التابع لسلطة عبد الفتاح البرهان قرارًا من بورتسودان رفض فيه قيام سلطة مدنية وعطل الخدمة المدنية وحذر الموظفين من العمل مع قوات الدعم السريع.

 وأشار إلى أن كل المسؤولين في ولايات دارفور من ولاة ومدراء عامين قبل سيطرة قوات الدعم السريع، كانوا قد انسحبوا إلى مدينة بورتسودان حيث سلطة الجيش وأصبحوا مستمرين اسميًا في مناصبهم.

 

وقلل من تأثير قرارات حكومة بورتسودان، لجهة أنه ليس لها آلية فعلية لتعطيل ما تقوم به قوات الدعم السريع في مناطق سيطرتها.

وكانت قوات الدعم السريع، عينت في 29 مايو/ أيار الماضي، محمد أحمد حسن، رئيسًا للإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور، وذلك في أعقاب لقاءات أجرتها لجنة مختصة تتكون من حوالي 80 فردًا. 

وفور إعلان قوات الدعم السريع تعيين سلطة مدنية بجنوب دارفور، أصدر الوالي المكلف من سلطة البرهان، بشير مرسال حسب الله، قرارًا من بورتسودان يقضي بتعطيل عمل الجهاز التنفيذي وجميع منتسبي الخدمة المدنية، متوعدًا بمحاسبة من يتعامل مع قوات الدعم السريع.

أوامر طوارئ

وفي أولى قرارات السلطة المدنية بجنوب دارفور، أعلن رئيس الإدارة المدنية يوم السبت، أوامر طوارئ تحظر حمل الأسلحة في الأسواق والتجمعات العامة وعدم إطلاق النار في المناسبات العامة والخاصة إلا بإذن.

ونصت القرارات على فرض حظر تجوال جزئي داخل مدينة نيالا من الساعة التاسعة ليلا إلى الساعة الخامسة صباحًا.

ونصت كذلك على اعتقال الأشخاص الذين يشتبه في اشتراكهم في جريمة تتعلق بالطوارئ، على أن يقوم بالاعتقال القوات المشتركة المكونة من الشرطة العسكرية واستخبارات الدعم السريع وقوات الشرطة، شريطة احتجازهم في حراسة الشرطة.

ومنحت القرارات القوات المشتركة سلطة حراسة الأسواق والمواقف العامة والارتكازات بالأسواق ومحطات الوقود، كما منعت اتخاذ إي إجراءات في مواجهة القوات التي تنفذ أمر الطوارئ أثناء أداء واجبها إلا بإذن من رئيس الإدارة المدنية.

كما فرض أمر الطوارئ عقوبة السجن 6 أشهر أو الغرامة ثلاثة ملايين جنيه لمن يخالف القرارات، حيث تتولى المحكمة الوسطى بمدينة نيالا النظر في مخالفات الطوارئ.

وأكد مصدر مطلع على الأوضاع في دارفور، أن تشكيل حكومة مدنية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، يعني إيجاد سلطة موازية لحكومة الجيش في بورتسودان، تمهيدًا لمرحلة الاستقلال الذاتي للسلطات واعتماد حكومة منفصلة تتبع لقوات الدعم السريع وتسيير شؤون الولايات بعيدًا عن الحكومة الموجودة في بورتسودان.

وقال المصدر إن تشكيل الحكومة في جنوب دارفور لم يكتمل بعد وربما يواجه الحاكم المدني الجديد عراقيل عدة من بينها الموازنة والإنفاق على المرتبات التي كانت تأتي من بورتسودان؛ مما قد تضعه أمام تحدي تسيير دفة شؤون الولاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى