ما حدود سيطرة طرفي الحرب في السودان؟
انطوت 8 أشهر من الحرب الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دون أن يتمكن أي طرف من حسمها عسكريًا لصالحه، لكنهما تقاسما مساحات البلاد، فيما يُعرف بـ”مناطق السيطرة”.
وتعثرت خلال هذه المدة جولات من التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مدينة جدة، برعاية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة “إيغاد”، في وقت تفاقمت فيه الأزمة الإنسانية لدى النازحين واللاجئين والمحاصرين داخل منازلهم في مناطق القتال.
وطبقًا لمتابعات للتطورات العسكرية في السودان، فإن مساحة سيطرة الجيش السوداني داخل العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، تراجعت بشكل كبير بعد 8 أشهر من اندلاع القتال، مقارنة بالأشهر الأولى من الحرب.
مناطق سيطرة الجيش
يحتفظ الجيش ببعض مقاره العسكرية في العاصمة السودانية الخرطوم، إذ يسيطر على منطقة الشجرة العسكرية، التي يتواجد فيها مقرا سلاحي “الذخيرة والمدرعات”. فبينما فقد الجيش جزئيًا مقر المدرعات، إلا أنه ما زال يسيطر سيطرة كاملة على مقر “سلاح الذخيرة”، وظلت هذه المنطقة تمثل بؤرة صراع مشتعل وهجوم متواصل من قبل قوات الدعم السريع.
كما يسيطر الجيش على مقر “القيادة العامة” وسط الخرطوم، ثم المنطقة الشمالية منها، والمحاذية لسلاح الإشارة التي تضم جسر “الحديد”، الرابط بين مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري.
وكان الجيش السوداني يحتفظ، حتى وقت قريب، بـ”منطقة جبل أولياء”، عند مدخل مدينة الخرطوم من الناحية الجنوبية، قبل أن يفقدها، في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد معارك طاحنة مع قوات الدعم السريع التي بسطت سيطرتها على المنطقة مؤخرًا.
وفي “الخرطوم بحري”، إحدى مدن العاصمة السودانية الثلاث، يحتفظ الجيش بمقراته الرئيسة، وهي “سلاح الإشارة” على ضفة النيل الأزرق الفاصل بينه وبين مقر “القيادة العامة” في الخرطوم.
كما يحتفظ بمقر “سلاح الأسلحة والذخيرة” بمنطقة “الكدرو العسكرية”، التي تقع في شمال مدينة بحري، ومعسكر “حطاب” شمال شرق المدينة، ومعسكر “العيلفون” في الجنوب الشرقي لمدينة بحري، وظلت هذه المقار، في الآونة الأخيرة، تحت قصف مدفعي مستمر من قبل قوات الدعم السريع.
أما في مدينة “أم درمان”، فتتسع مساحة سيطرة الجيش السوداني خارج مقاره العسكرية، وتمتد لتشمل أحياء سكنية، حيث تخضع كامل “منطقة الثورات” شمال المدنية إلى سيطرته، ويقيم في شوارع هذه المنطقة “ارتكازات” للتفتيش والتحقق من هوية العابرين.
كما توجد في منطقة شمال أم درمان، أكبر مقار الجيش العسكرية، وهي منطقة “كرري العسكرية” التي تضم قاعدة “وادي سيدنا” الجوية، وغيرها من المواقع المتخصصة، فيما ظلت هذه المعسكرات تحت قصف متواصل من قبل قوات الدعم السريع.
وعلى عكس إستراتيجيته في مدينتي “الخرطوم والخرطوم بحري” القائمة على الدفاع، يتبع الجيش في مدينة أم درمان أسلوب الهجوم البري على مواقع قوات الدعم السريع، التي تتمركز قريبة منه جنوبًا وغربًا.
ولأكثر من شهر ظل الجيش يشن هجمات متتالية على تمركزات الدعم السريع في أحياء أم درمان القديمة، والسوق الشعبي، في محاولة لفك الحصار والعزلة عن مقر “سلاح المهندسين” الواقع وسط أم درمان، والذي ما زال يحتفظ به، رغم عزل قوات الدعم السريع له عن منطقة كرري العسكرية منذ بداية الحرب.
وخارج العاصمة المثلثة، يسيطر الجيش السوداني سيطرة كاملة على 9 ولايات، هي: “الشمالية، نهر النيل، الجزيرة، النيل الأبيض، النيل الأزرق، سنار، القضارف، كسلا، البحر الأحمر”، إلى جانب احتفاظه بمقاره العسكرية في “الأبيض” شمال كردفان، و”كادوقلي والدلنج” جنوب كردفان، و”بابنوسة” غرب كردفان، و”الفاشر” شمال دارفور.
سيطرة الدعم السريع
في المقابل، تسيطر قوات الدعم السريع على المساحة الأكبر في العاصمة السودانية بمدنها الثلاث “الخرطوم، أم درمان، الخرطوم بحري”، فباستثناء المواقع المشار إليها سابقًا التي تقع تحت سيطرة الجيش، تحكم قوات الدعم السريع قبضتها على بقية الأجزاء الأخرى، وتنشر “ارتكازاتها” في الطرقات، والمداخل، وتطوق مواقع الجيش العسكرية.
وأهم المواقع العسكرية داخل العاصمة السودانية، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع بعد معارك عنيفة مع الجيش، هي: “القصر الجمهوري، قيادة منطقة الخرطوم العسكرية، المنطقة الإستراتيجية، مجمع اليرموك لصناعة الأسلحة، القيادة الجوية، قيادة قوات شرطة الاحتياطي المركزي، منطقة جبل أولياء العسكرية”.
كذلك تسيطر قوات الدعم السريع على جسور “المنشية، سوبا، جبل أولياء” سيطرة كاملة، بينما تتقاسم السيطرة مع الجيش السوداني، على 4 جسور، بينما فقدت جسر شمبات الرابط بين أم درمان وبحري، عقب تدميره، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد أن كانت تسيطر عليه كليًا منذ بداية الحرب.
وخارج العاصمة السودانية، تسيطر قوات الدعم السريع سيطرة كاملة على 4 ولايات بإقليم دارفور، هي: “جنوب ووسط وغرب وشرق دارفور”، بينما تظل مدينة “الفاشر” عاصمة شمال دارفور، محل نزاع مع الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه.
وفي إقليم كردفان، تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء من ولايات “غرب وجنوب وشمال كردفان”، بينما الأجزاء الكبرى في هذا الإقليم هي تحت سلطة الإدارات الأهلية المستقلة عن طرفي الصراع العسكري في السودان.
ويشهد السودان، منذ 15 نيسان/ أبريل الماضي، حربًا طاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع، تركزت في العاصمة الخرطوم، وإقليم دارفور، وأجزاء من كردفان، وخلفت نحو 12 ألف قتيل، وأكثر من 7 ملايين نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة.
ويوم الإثنين الماضي، تعثرت جولة محادثات السلام في جدة، بعدما فشل الطرفان في الالتزام بتنفيذ إجراءات بناء الثقة التي اتفقا عليها، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.