لاكروا: العالم يغض الطرف عن المأساة السودانية

رأت صحيفة “لا كروا إنترناسيونال” أن السودان يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، مع احتراق النزاع في أكثر من منطقة، في ظل تجاهل دولي شبه كامل، وصمت سياسي تُقابله مساعدات إنسانية لا تعالج جذور الأزمة.
وقالت الصحيفة الفرنسية في تقرير لها، السبت، بعنوان: “هل تخلى العالم عن السودان الذي مزقته الحرب؟”، إن السودان يشهد منذ اندلاع الحرب بين الجيش الدعم السريع في أبريل 2023، ما وصفته منظمة أطباء بلا حدود بـ”أكبر أزمة نزوح في العالم”، حيث شرد 13 مليون شخص.
وأضافت: أن الأمم المتحدة تصف الوضع بأنه “الأسوأ إنسانيًا عالميًا”، إذ يواجه نحو 25 مليون سوداني انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، بينهم 8 ملايين على شفا المجاعة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن النظام الصحي انهار بالكامل، إذ توقفت 90% من المستشفيات في مناطق النزاع، بينما قُدر عدد الضحايا بنحو 150 ألف قتيل حتى مايو 2024، وفقًا لتقديرات مبعوث الأمم المتحدة السابق توم بيرييلو.
وركزت “لا كروا” على الوضع في دارفور، مشيرة إلى الهجوم الذي شنته الدعم السريع على مخيم زمزم قرب الفاشر، والذي كان يؤوي نصف مليون نازح. وقال مستشار منظمة أطباء بلا حدود، جيروم توبيانا، إن الآلاف فروا إلى مدينة طويلة سيرًا على الأقدام، أو عبر شاحنات وحمير، مضيفًا أن العديد منهم كانوا “جائعين، عطشى، ومصدومين”، وبعضهم مات من العطش خلال الطريق.
انتقدت الصحيفة ما وصفته باللا مبالاة الغربية، مشيرة إلى انسحاب الدبلوماسيين والعاملين الدوليين من السودان منذ الأيام الأولى للنزاع، ما جعل الرؤية الدولية للأحداث “شبه معدومة”، وفقًا للباحث مارك لافيرن.
واعتبرت الصحيفة، أن بعض الأطراف الإقليمية تقدم دعمًا عسكريًا للأطراف المتنازعة، في حين تفرض القوى الغربية – بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي – عقوبات محدودة دون اتخاذ خطوات سياسية فعالة لحل الأزمة.
وقال الباحث كليمان ديشايس للصحيفة، إن الدول الغربية تفتقر للنفوذ المباشر، مضيفًا أن ممارسة الضغط تستلزم التعامل مع أطراف إقليمية داعمة للأطراف المتحاربة، وهو أمر “غير مرغوب دبلوماسيًا”.
ورأت “لا كروا” أن تقديم المساعدات الإنسانية بات “مسكنًا مؤقتًا” تستخدمه الدول الغربية لإسكات ضمائرها، مشيرة إلى أن مؤتمر المانحين في لندن تعهّد بتقديم 800 مليون يورو، لكن دون أي التزام سياسي جاد، ووصفت الصحيفة هذا النهج بأنه “غطاء مثير للشفقة”، وفقًا لتعبير الباحث لافيرن.
وأضافت أن المساعدات نفسها تُستغل كأداة حرب، إذ تفرض الميليشيات المسلحة “رسوم مرور” على شحنات الإغاثة، وقد تصل إلى آلاف اليوروهات لكل شاحنة في دارفور.
أشارت الصحيفة إلى أن كلًا من الجيش الدعم السريع بات يعول على ميليشيات مختلفة، ما يزيد من تعقيد الصراع وتشرذم السودان.
ونقلت عن ديشايس قوله: إن كل ميليشيا باتت تسيطر على قطعة أرض صغيرة ولها أجندتها الخاصة، محذرًا من أنه “كلما طالت الحرب، زاد تفكك البلاد”.
واختتمت لا كروا إنترناسيونال تقريرها بتحذير صارخ من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، معتبرة أن الاستمرار في تجاهل هذا النزاع سيقود إلى “نتائج كارثية” ليس فقط على السودان، بل على الاستقرار الإقليمي برمته.
