تحقيقات

كارثة صحية تضرب دارفور مع ارتفاع حاد في إصابات الكوليرا


تسجل مناطق النزوح الكبرى في دارفور، بما فيها طويلة وجبل مرة ونيالا، ارتفاعًا حادًا ومقلقًا في عدد الإصابات والوفيات الناتجة عن تفشي وباء الكوليرا، وسط تحذيرات متصاعدة من انهيار محتمل في المنظومة الصحية وعجز واضح في الاستجابة الإنسانية. هذا التصاعد اللافت في الحالات يأتي في ظل ظروف إنسانية متدهورة، حيث تعاني المخيمات من اكتظاظ شديد، وانعدام المياه النظيفة، وغياب الخدمات الطبية الأساسية، ما يجعلها بيئة مثالية لانتشار الأوبئة.

المنسقية العامة للنازحين واللاجئين أفادت يوم الخميس بأن منطقة طويلة وحدها سجلت منذ بداية التفشي 3,321 حالة إصابة، بينها 68 وفاة مؤكدة، فيما لا تزال 143 حالة نشطة تتلقى العلاج داخل مركز العزل، من بينها 78 حالة جديدة تم إدخالها مؤخرًا. وأوضحت المنسقية أن غالبية الإصابات تتركز في مخيمات النازحين بالمنطقة، إلى جانب حالات ظهرت في مناطق قريبة من مارتال جنوب طويلة، ما يعكس اتساع نطاق انتشار المرض.

في جبل مرة، امتد التفشي إلى مناطق متعددة، حيث تم تسجيل 553 إصابة و45 وفاة في قولو، و50 إصابة و7 وفيات في جلدو، بالإضافة إلى ثلاث حالات مؤكدة في نيرتيتي. أما في مدينة نيالا، فقد ضرب الوباء مخيمات النازحين بشكل مكثف، حيث سجل مخيم كلمة 435 إصابة بينها 45 وفاة، فيما بلغ عدد الحالات في مخيم عطاش 190 إصابة و48 وفاة، وسُجلت 81 إصابة و4 وفيات في مخيم دريج، إلى جانب حالات أخرى في مخيم السلام، ما يعكس انتشارًا واسعًا للمرض في بيئات النزوح المتأزمة.

المنسقية أشارت إلى أن العدد التراكمي الإجمالي للإصابات في دارفور منذ بداية التفشي تجاوز 4,633 حالة، بينها 217 وفاة، وهو ما يمثل مؤشرًا خطيرًا على تدهور الوضع الصحي في الإقليم الذي يعاني أصلًا من ضعف شديد في البنية التحتية الصحية نتيجة الحرب المستمرة والنزوح المتزايد. هذا التدهور يأتي في سياق انتشار وباء الكوليرا في مناطق واسعة من السودان منذ مايو 2025، في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي نتيجة الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.

الوضع في دارفور يزداد تعقيدًا مع تصاعد وتيرة النزوح والمعارك، ما جعل المخيمات المكتظة أرضًا خصبة لتفشي الأمراض، في ظل غياب شبه تام للمياه النظيفة والخدمات الطبية. المنظمات الإنسانية تواجه تحديات جسيمة في الوصول إلى المناطق المتضررة، بينما تحذر جهات حقوقية من كارثة صحية وشيكة تتفاقم بصمت مع مرور الوقت، في ظل غياب التدخلات العاجلة.

السودان يعيش منذ أكثر من عامين حربًا مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح ملايين المدنيين، وأدت إلى انهيار شامل في الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم، ما ساهم في تفشي الأوبئة والمجاعة في عدد من المناطق، وسط غياب أي أفق لحل سياسي أو إنساني يوقف هذا الانحدار المتسارع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى