قانونيون يقاضون المحرضين على استمرار الحرب
قرر قانونيون سودانيون البدء في ملاحقة عدد من الناشطين الإعلاميين والسياسيين (أغلبهم من الإخوان المسلمين) المحرضين على استمرار الحرب الحالية التي دخلت شهرها الحادي عشر، وأدت إلى مقتل نحو (15) ألف شخص وتشريد أكثر من (10) ملايين.
ووفق ما نقلت شبكة (سكاي نيوز) عن القانونيين، فإنّ تداعيات خطيرة تنجم عن انتشار خطاب الكراهية الداعي لتأجيج نار الحرب، والذي يتم بثه عبر أكثر من (15) منصة يقودها ناشطون وصحفيون بعضهم يظهر باسمه الحقيقي والبعض الآخر يتوارى خلف أسماء مستعارة، وإضافة إلى دعوتها المباشرة لاستمرار الحرب تقوم تلك المنصات بنشر الشائعات والرسائل الضارة التي تصل في بعض الأحيان إلى درجة التحريض على القتل ضد شخصيات أو مجموعات بعينها، فيما وجه الكثير من وسائل الإعلام للحركة الإسلامية (الكيزان) اتهامات بأنّها تحاول إطالة أمد الحرب لإحكام سيطرتها على البلاد، عبر التحريض وتسليح القبائل وزرع الفتن، وسفك الدماء.
وقال الخبراء القانونيون إنّهم يستندون في مساعيهم على (8) من مواد القانون الجنائي السوداني السارية حالياً، إضافة إلى أكثر من (12) مادة ومبدأ في القانون الدولي.
وقال عضو هيئة الاتهام في محاكمة انقلاب 1989 المعز حضرة لموقع (سكاي نيوز عربية): إنّ هنالك جهوداً للتنسيق مع منظمات وهيئات قانونية وحقوقية دولية لملاحقة مرتكبي جرائم التحريض على الحرب دوليّاً.
بدوره شدد الخبير القانوني كمال الأمين على أنّ التحريض يشكل جريمة صريحة، وفقاً لما نصت عليه المادة (25) والمواد من (186) حتى (192) من القانون الجنائي السوداني المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم الخاصة بالحرب.
وأوضح الأمين: “بالرجوع إلى القانون الجنائي السوداني للعام 1991 نجد أنّ مواد هذا القانون تسري على كل جريمة ارتكبت كلها أو بعضها في السودان أو خارجه كالجرائم الإلكترونية، وتجعل من الشخص مرتكب الجريمة فاعلاً أصلياً أو شريكاً فيها”.
وأضاف: “الجرائم ضد الإنسانية المضمنة في القانون الجنائي السوداني هي الضابط المحدد لسلوك الأفراد والأبواق التي تحرض صباح مساء في كافة وسائل التواصل الاجتماعي على الحرب وخطاب الكراهية، ممّا يستوجب تحريك إجراءات جنائية محلية ودولية لوضع حد لخطاب الحرب وخطاب الكراهية”.
من جهتها تعتبر رحاب مبارك، عضو مجموعة محامي الطوارئ، وهي هيئة حقوقية مستقلة، أنّ التحريض على استمرار الحرب هو في حد ذاته تحريض على القتل في ظل السقوط المستمر للضحايا المدنيين، وفي ظل الخطابات التحريضية الواضحة التي يبثها أشخاص بعينهم عبر منصات داعية لاستمرار الحرب.
وعلى الرغم من وجود العديد من المواد التي تجرم التحريض في القانون السوداني، إلا أنّ مبارك تنبه إلى صعوبة الملاحقة القضائية في المحاكم السودانية بسبب ظروف الحرب الحالية.
ويتفق هشام أبو ريدة مع ما ذهبت إليه مبارك، وأوضح: “حالياً هنالك غياب تام لدولة القانون في السودان، لذلك من الصعب ملاحقة مرتكبي جرائم التحريض على الحرب داخلياً، الأمر معقد للغاية، فمعظم المحرضين هم أساساً يتبعون للمجموعات الإخوانية التي أشعلت الحرب”.
هذا، ويرى مراقبون أنّ رسائل التحريض تسهم بشكل مباشر في إطالة أمد الحرب الحالية، وتتسبب في إفشال جهود الحلول السلمية، وتزيد من حدة عمليات الاصطفافات والتحشيد الشعبي المضاد من طرفي القتال.
يُذكر أنّ الإخوان المسلمين يقودون بشكل كبير، عبر متخصصين على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حملات التحريض على القتل وينشرون فيديوهات وصوراً من شأنها تحميل قوات الدعم السريع كل الجرائم التي تحدث في السودان، هذا بالإضافة إلى التحذيرات والتهديدات التي تطلقها القبائل بهدف حشد أبنائها للقتال إلى جانب الجيش.