في مواجهة الأكاذيب.. بيان الدعم السريع يكشف أبعاد حرب التضليل في السودان

لم تكن مزاعم قصف مطار نيالا وطرد مقاتلين أجانب من الفاشر مجرد خبر عابر أو محاولة إعلامية عفوية، بل هي حلقة جديدة في مسلسل الحرب الإعلامية القذرة التي تشنها بعض الأطراف في السودان، ممثلة بسلطة بورتسودان وأذرعها الإعلامية، التي تحاول عبر تضليل الرأي العام تفادي حقيقة تراجعاتها الميدانية وانهيار قدراتها العسكرية.
البيان الرسمي.. رد صارم وجوهري
عندما أصدرت قوات الدعم السريع بيانها الرسمي لنفي هذه المزاعم، لم يكن مجرد رد على إشاعة، بل إعلان صريح لحالة المقاومة الصلبة التي تواجه بها هذه القوات حرب التضليل التي يقودها خصومها. البيان أكد أن مدينة نيالا، بأمنها وحراستها المتكاملة، لا يمكن أن تُستهدف بسهولة من أي جهة، خاصة مع تعزيز منظومات الدفاع الجوي التي أسقطت مسيرات إيرانية وتركية بنجاح، وهو ما يوضح استعداد الدعم السريع لمواجهة أي تهديد جوي مباشر.
نفي مزاعم وجود مقاتلين أجانب في صفوف الدعم السريع، مع التأكيد على أن القوة الحقيقية تأتي من أبناء السودان، يعكس محاولة لدحض الادعاءات التي تهدف إلى تشويه صورة القوات وإلصاق تهم “المرتزقة” بها، وهي تهمة لطالما استُخدمت كورقة سياسية لتجريد هذه القوات من شرعيتها الوطنية.
حرب إعلامية متجددة وأهداف خفية
تأتي هذه المزاعم ضمن سياق أوسع لحرب إعلامية قذرة يشنها خصوم الدعم السريع ممن يسعون لتغيير موازين القوة على الأرض عبر وسائل غير تقليدية. فبروباغندا التضليل هذه لا تقتصر على محاولة إضعاف معنويات القوات، بل تتجاوز ذلك إلى محاولة التأثير على الرأي العام الداخلي والخارجي، وبخاصة المجتمع الدولي الذي يتابع التطورات السودانية عن كثب.
الهدف هو شيطنة الدعم السريع، ونقل صورة غير حقيقية عن واقع المعارك، مما قد يدفع بعض الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات، إلى إعادة النظر في علاقاتها مع أطراف الصراع داخل السودان. وهذا ما يجعل من التضليل الإعلامي سلاحًا خطيرًا لا يقل فتكًا عن السلاح التقليدي.
تضليل يتزامن مع خسائر ميدانية
لا يمكن فصل هذه الحملة الإعلامية عن الانكسارات الميدانية التي يتعرض لها الجيش السوداني في مناطق عدة، أبرزها جبهات كردفان. فالتكتيك القائم على صناعة أخبار كاذبة هو محاولة يائسة لصرف الانتباه عن الهزائم التي تتكبدها القوات التابعة للنظام السابق، وتحويل الرأي العام نحو سيناريوهات ملفقة تبرر هذه الخسائر.
ولذلك، يكتسب البيان الصادر عن قوات الدعم السريع أهميته كأداة دفاعية لا تقل قوة عن دفاعاتها الجوية المتطورة، فهو يقطع الطريق على محاولات التلاعب بالمعلومات ويؤكد واقع السيطرة الأمنية التي تحققها هذه القوات في مناطق نفوذها.
دلالة سياسية وإقليمية عميقة
الاتهامات المتكررة بوجود مقاتلين أجانب تُطرح في سياق يعكس حساسية بالغة تجاه التدخلات الإقليمية والدولية في الأزمة السودانية. الدعم السريع يرفض هذه الاتهامات ويبرز تناقضًا صريحًا حين يشير إلى أن خصومه هم من يستعينون بميليشيات أجنبية في مناطق سيطرتهم، وهو ما يسلط الضوء على ازدواجية المعايير في تقييم الفاعلين على الأرض.
كما أن الترويج لروايات تستهدف ربط الدعم السريع بالمرتزقة والمقاتلين الأجانب يمثل محاولة لتقويض العلاقات مع دول عربية شقيقة مثل الإمارات، التي تعد من أبرز الداعمين للاستقرار الإقليمي. إن إلحاق تهم كاذبة بهذا النوع من العلاقات قد يؤدي إلى توتر دبلوماسي ينعكس سلبًا على جهود الوساطة وحل النزاع.
الرسالة الأهم: مواجهة التضليل بحقائق الأرض
في خضم هذا المشهد الملبد بالحملات التضليلية، يبرز أهمية الاعتماد على الحقائق الميدانية وتوثيقها، حيث تؤكد قوات الدعم السريع أن نيالا، وأسواقها، وحدائقها، وأحياءها الآمنة، تعكس صورة حقيقية للاستقرار الذي لا يمكن نفيه أو تزويره عبر الأكاذيب.
الاستمرار في تطوير منظومات الدفاع الجوي والتحصينات الأمنية ليس فقط إجراء عسكريًا، بل هو إشارة واضحة إلى تصميم هذه القوات على حماية المناطق المحررة وتأمين حياة المدنيين، مما يعكس استراتيجية شاملة تجمع بين القوة الميدانية والإعلامية على حد سواء.
تظل مواجهة حرب التضليل الإعلامي أحد أهم معارك الأزمة السودانية، فهي تؤثر على مسارات الحل السياسي ومستقبل البلاد. وبيان الدعم السريع الأخير، برغم بساطته الظاهرة، يحمل في طياته قوة استراتيجية حقيقية تكشف ضعف المحاولات الكاذبة وتعيد تثبيت الحقائق على الأرض.
وفي ظل هذه المعركة الإعلامية المتصاعدة، يبقى الرهان الأكبر على وعي الجمهور العربي والدولي الذي يجب أن يميز بين الحقيقة والتضليل، وأن يدعم جهود تحقيق السلام والاستقرار، بعيدًا عن الأكاذيب التي لا تخدم سوى مصالح من يرفضون التغيير في السودان.
