أحداث

صراع الإرادة الشعبية: السودانيون ضد دعاة الحرب


شهدت الساحة السودانية نهاية الأسبوع الماضي تبايناً لافتاً في المشهد السياسي والاجتماعي، حيث تزامنت دعوات السلام والحملات المدنية لوقف الحرب مع مسيرات محدودة قادتها عناصر من تنظيم “الإخوان المسلمين” دعماً لاستمرار القتال وتأييداً للجيش. هذه المفارقة كشفت عن تزايد الهوة بين المزاج الشعبي العام الرافض لاستئناف الحرب، وبين أجندات بعض القوى السياسية التي تصرّ على استمرار الصراع.

وفي الوقت الذي شهدت فيه وسائط التواصل الاجتماعي “طوفاناً” من الحملات المدنية المطالبة بإنهاء القتال، حاصدة عشرات الآلاف من التفاعلات والمتابعات عبر هاشتاغات تدعم الجهود الإقليمية والدولية للسلام، كانت مسيرات الإخوان على الأرض “ضعيفة وهزيلة”، وفقاً لمراقبين.

يأتي هذا التحرك الإخواني، الذي رُوِّج له مكثفاً عبر منصات التنظيم الإعلامية على مدار أسبوع، في ظل حرب مستمرة منذ منتصف نيسان (أبريل) 2023 أودت بحياة أكثر من ((150 ألف شخص، وشرّدت نحو (15) مليون مواطن.

وفي المقابل، نظمت مجموعات أخرى مسيرات في مدن غرب السودان، رافعة شعارات تطالب بضرورة تصنيف “الإخوان” تنظيماً إرهابياً، وهو ما يعكس حالة من “الشدّ الكبير” والتخندق بين الأطراف.

هذا، ويؤكد الصحفي والمحلل السياسي محمد المختار محمد، في تصريح لـ (الراكوبة)، أنّ “العناصر الإخوانية عملت بشكل مكثف للحشد للمسيرة المؤيدة للحرب، في ظل ميل الرأي العام والمزاج السوداني لوقف الصراع.”

 ويُشير محمد إلى أنّ هذا الظهور المكثف منح “الأصوات المدنية وشباب الثورة دافعاً للتعبير عن أشواقهم وتطلعاتهم ضد الحرب وأجندة الموت والكراهية”.

وفي تحليل دقيق، أوضح المحلل السياسي أنّ “شعارات نعم للسلام والديمقراطية، ولا للحرب وحكم العسكر” التي عمّت وسائل التواصل الاجتماعي شكَّلت هزيمة للحشود الهزيلة التي نظمها الإخوان باسم الجيش.

ويعزو محمد هذا النجاح لرافضي الحرب في “الفضاء الإسفيري” إلى محاولات “عسكرة تنظيم الإخوان للفضاء العام”، بهدف عدم السماح بأيّ تحرك جماهيري لا يكونون هم القائمين على تنظيمه، واستمرار التعبئة العامة، خاصة بعد فقدانهم لمدن في دارفور وكردفان مؤخراً.

واتفق المراقبون على أنّ فشل مسيرات تنظيم الإخوان جاء رغم “حملة التزييف والتضليل الواسعة” التي سبقتها، مشيرين إلى أنّ التوقيت تزامن مع ذكرى الثالث عشر من كانون الأول (ديسمبر) 2018، وهو اليوم الذي تبعته المسيرات المليونية التي أسقطت نظام المؤتمر الوطني ـ الجناح السياسي للإخوان ـ في نيسان (أبريل) 2019، واتهموا القيادات بمحاولة صرف أنظار السودانيين عن هذه الذكرى المزلزلة.

وانتقد المراقبون بشدة مسلك الإخوان الداعي إلى استمرار الحرب، معتبرين الدعوة إلى دعم الجيش ما هي إلا “خديعة إخوانية مجرّبة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى