أحداث

شراكة انتهت بالخصومة.. الترابي والبشير وصراع النفوذ داخل الإسلاميين


يشير عبد السلام إلى أن العلاقة بين الترابي والبشير بدأت بشراكة استراتيجية، حين اختار الترابي البشير ليقود انقلاب 30 يونيو 1989، في خطوة تهدف إلى إخفاء الطابع الإسلامي للانقلاب. ويؤكد أن الترابي كان صاحب القرار الفعلي في السنوات الأولى من حكم الإنقاذ، وأن البشير كان يزعن لتوجيهاته، باعتباره عضوًا في الحركة الإسلامية التي يرأسها الترابي. ويضيف أن هذا الترتيب خلق نموذجًا مزدوجًا للسلطة، بين رئيس في القصر وشيخ في الظل، يدير الدولة من خلف الستار.

تصاعد التوتر

مع مرور الوقت، بدأت العلاقة بين الرجلين تشهد توترًا متزايدًا، خاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، التي كشفت تورط الأجهزة الأمنية دون علم الترابي أو البشير. ويؤكد عبد السلام أن البشير بدأ يميل إلى التحالف مع علي عثمان طه، نائب الترابي، الذي كان من أبرز رعاة العملية. ويضيف أن هذا التحول في الولاءات داخل النظام ساهم في تآكل نفوذ الترابي، وأدى إلى تصعيد الخلافات بينه وبين البشير.

مذكرة العشرة

يصف عبد السلام حادثة مذكرة العشرة في أكتوبر 1998 بأنها كانت لحظة الكيدية القصوى من جانب البشير تجاه الترابي. ويؤكد أن الترابي كان يستعد لرئاسة اجتماع موسّع لشورى حزب المؤتمر الوطني، حضره أكثر من 600 قيادي، لكنه فوجئ بتقديم مذكرة تطالب بتنحيته عن رئاسة الحركة، وتنصيب البشير رئيسًا للدولة والحزب. ويضيف أن البشير تآمر مع أصحاب المذكرة، ووافق على مضمونها قبل الاجتماع، ما شكّل انقلابًا داخليًا على الترابي، أنهى فعليًا مرحلة القيادة المشتركة.

رفض الدور الرمزي

يوضح عبد السلام أن بعض العسكريين المقربين من البشير حاولوا إقناع الترابي بالبقاء في موقع رمزي، يمنح فيه البركة دون أن يشارك في اتخاذ القرار، لكن الترابي رفض هذا الدور بشدة. ويؤكد أن الترابي كان يحب ممارسة السلطة، وله شغف كبير بالسياسة، لكنه لم يقبل أن يُعامل كشيخ تقليدي يُستشار دون أن يكون له تأثير فعلي. ويضيف أن هذا الرفض كان أحد أسباب تصاعد الكيدية بينه وبين البشير، التي بلغت ذروتها بعد المفاصلة.

المفاصلة والاعتقال

يشير عبد السلام إلى أن المفاصلة بين الترابي والبشير لم تكن مجرد خلاف سياسي، بل كانت طلاقًا كاملًا بين شخصيتين قياديتين، لكل منهما مشروعه الخاص. ويؤكد أن البشير لم يتردد في الزج بالترابي في السجن، بعد توقيع مذكرة تفاهم مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في فبراير 2001، بينما لم يتردد الترابي لاحقًا في تأييد تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويضيف أن الترابي ذاق خيانة تلامذته، الذين انقلبوا عليه، وأن هذه الخيانة كانت جزءًا من طبيعة السلطة التي لا تتسع لاثنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى