سودانيو دارفور.. كيف يواجهون طريق الموت أثناء الفرار؟
في الوقت الذي دخل فيه القتال، بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع شهره الثالث، تتواصل مأساة آلاف النازحين، من السودانيين وغير السودانيين، الذين فروا من القتال، سواء باتجاه ولايات سودانية أخرى غير الخرطوم وأم درمان ودارفور، أو باتجاه دول الجوار، مصر وجنوب السودان وتشاد.
والأحداث المتتالية في السودان أشعلت الوضع في دارفور والتي تعاني في الأصل من حروب قبلية قديمة، واشتعلت من جديد مع الصراع، ومدينة الجنينة بغرب دارفور أصبحت بيتاً للأشباح نتيجة لقتال عنيف دار بها.
والسودانيون الفارون من مدينة الجنينة في دارفور يلقون حتفهم أو يصابون برصاص الميليشيات خلال محاولات الهرب سيرا على الأقدام إلى تشاد منذ منتصف الأسبوع الماضي.
طريق الموت
وقد وصف الطريق بأنه طريق الموت، حيث قال النشطاء إن ميليشيات من قبائل البدو العربية كانت وراء أعمال العنف في الجنينة على مدى الشهور الماضية.
وطريق الموت إلى تشاد يشهد تواجد ميليشيات تداهم المارة وتطلق وابلا من الرصاص عليهم، وهناك مَن لاقوا حتفهم دهسا بالأقدام أثناء محاولات الفرار.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود: إن نحو 15 ألف شخص فروا من غرب دارفور على مدى الأيام الأربعة السابقة، ونقلت عن كثيرين من الوافدين قولهم إنهم رأوا أشخاصا أُصيبوا بالرصاص ولاقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من الجنينة، كما رصدت المنظمة حالات اغتصاب.
سكان الجنينة أخذوا قراراً بالرحيل
وقال أحد السكان لأطباء بلا حدود من تشاد: إن “سكان الجنينة اتخذوا قرارا جماعيا بالرحيل” وإن معظمهم فروا سيرا على الأقدام صوب الشمال الشرقي من الجنينة، لكن كثيرين منهم قُتلوا على الطريق.
وقرار الفرار جاء بعد مقتل والي غرب دارفور في 14 يونيو، والاضطرابات في دارفور تصاعدت، مع احتدام الحرب في العاصمة، واتخذت طابعا عرقيا على نحو أكثر وضوحا حيث يستهدف المهاجمون السكان غير العرب مستدلين عليهم بلون بشرتهم.
وقال سلطان سعد بحر الدين زعيم قبيلة المساليت، التي تشكل العدد الأكبر من سكان الجنينة: إن عمليات قتل “منهجية” وقعت في الأيام الماضية.
وأضاف أن الجثث ملقاة على الطريق بين الجنينة ومدينة أدري التشادية بأعداد كبيرة لا قبل لأحد بإحصائها، مشيرا إلى الصعوبة البالغة لرحلة الفرار إلى تشاد.
ويعد التنافس على الأرض من دوافع الصراع في دارفور منذ زمن بعيد. وقال إبراهيم: إن القرى الواقعة على الطريق من الجنينة إلى أدري كانت للمساليت لكن القبائل العربية استوطنت بها منذ 2003.
كما أن السيارات تتعرض للنهب والسرقة التي تشمل سرقة المتعلقات الشخصية للأفراد، وهناك مصاعب أخرى تواجه الآلاف من السودانيين في تشاد، نظرا لقلة المواد الإغاثية وعدم وجود مخيمات مجهزة، حيث اضطر الآلاف لفرش الأمتعة أو إقامة مخيمات من قطع قماش بالية، فيما افترش الآلاف الأرض دون ما يحميهم من حرارة الشمس.
وحسب أرقام العديد من المؤسسات الحكومية، فإن أعداد السودانيين الفارين إلى تشاد تقترب من 100 ألف، غالبيتهم من النساء والأطفال، الذين انفصلوا عن أهلهم، ويعانون أزمة كبيرة تتمثل في نقص الغذاء والمسكن وتهدد بتفشي الأمراض بينهم.
وكانت قد أفادت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان بارتفاع عدد الوفيات بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات إلى 958 حالة وفاة، و4746 إصابة، وهي أرقام بعيدة تماماً عن ما يؤكده الواقع في الحرب.
الوضع أكثر صعوبة
ويقول المحلل السياسي محمد إلياس: إن الوضع أصبح أكثر صعوبة، فمن لا يموت من الحرب مات من النهب والسرقة أو حتى من عنصرية اللون على الرغم من أن الجميع من السودان ولا اختلاف بينهم ولكن يتم التمييز بشكل قبلي.
وأكد إلياس أن طرق الموت في السودان ليست من دارفور إلى تشاد فقط، بل هناك طرق أخرى على سبيل المثال، الطرق إلى مصر وجنوب السودان أيضاً وإثيوبيا، وإن طريق الموت إلى تشاد شهد الهروب من السودان عن طريق السير على الأقدام لمسافات طويلة خوفاً من الهلاك في الحرب بين طرفي النزاع.