زيارة غير معلنة إلى بورتسودان: تحركات سعودية لتثبيت الحكومة وتهدئة العسكريين والإسلاميين

في تحرك دبلوماسي غير مُعلن، قام نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، يوم السبت 12 يوليو 2025، بزيارة سريعة إلى مدينة بورتسودان، استمرت لبضع ساعات فقط، لكنها اتسمت بكثافة اللقاءات وحساسية الملفات المطروحة. فقد التقى الخريجي خلال الزيارة برئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وعدد من كبار قادة الجيش، إضافة إلى رئيس الوزراء كامل إدريس، وشخصيات بارزة في الحركة الإسلامية.
ووفق مصادر مطلعة، حطّت طائرة الخريجي الخاصة في مطار بورتسودان قرابة الساعة 11:30 صباحًا، ليتجه مباشرة إلى مقر القيادة العامة للجيش، حيث عُقد اجتماع مطول جمعه بالبرهان، وياسر العطا، وصبير ومفضل، واستمر لساعتين، تخلله غداء رسمي، قبل أن يغادر المدينة في الخامسة مساءً عائدًا إلى الرياض.
الرسالة السعودية للبرهان: دعم مشروط وتطمينات مؤجلة
خلال الاجتماع، عبّر البرهان عن حاجة الجيش السوداني العاجلة لدعم عسكري ولوجستي لمواجهة ما وصفه بتحديات متزايدة في إقليم كردفان ودارفور. إلا أن الرد السعودي جاء دبلوماسيًا وحذرًا، حيث أبلغ الخريجي الجنرال السوداني بأن “الرسالة ستُنقل إلى القيادة في الرياض”، دون تقديم أي تعهدات واضحة أو فورية.
ضغوط على إدريس.. ومحاولة لاحتواء الأزمة السياسية
الزيارة السعودية حملت أيضًا رسالة سياسية إلى رئيس الوزراء كامل إدريس، الذي أبدى في الأسابيع الأخيرة انزعاجًا متزايدًا من تدخل المؤسسة العسكرية في الشأن التنفيذي، وخاصة في ما يتعلق بتشكيل الحكومة المدنية.
وبحسب مصادر سياسية، عقد الخريجي لقاءً خاصًا مع إدريس، هدفت إلى تثبيت موقعه في رئاسة الحكومة ودفعه للاستمرار في تنفيذ خارطة الطريق المدعومة سعوديًا، والتي ترتكز على تحييد قوى اليسار، وإعادة التوازن الإسلامي، وتأمين التعاون الأمني مع المملكة.
وتجدر الإشارة إلى أن إدريس كان قد عاد إلى السودان يوم 29 مايو الماضي قادمًا من السعودية، بعد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين سعوديين، حصل خلالها على دعم سياسي مشروط بتعهدات واضحة حول تنفيذ أجندة سعودية محددة في المرحلة الانتقالية.
لقاء مفصلي مع كرتي: الإسلاميون يعودون إلى الطاولة
وفي تطور لافت، التقى الخريجي خلال زيارته بالأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي، في اجتماع اعتُبر محاولة لإعادة فتح قنوات التواصل بين الرياض والإسلاميين، بعد سنوات من التوتر والخلاف. ووفق تسريبات، فقد شجّع الخريجي كرتي على استخدام نفوذ الحركة لدعم حكومة إدريس في هذه المرحلة، مقابل ضمانات بعدم المساس بمواقع الإسلاميين داخل مفاصل الدولة حاليًا.
اللقاء أعاد الحديث عن “تحالف الضرورة” بين السعودية والتيار الإسلامي السوداني، في ظل تعقيدات الوضع الأمني والسياسي وغياب البدائل المستقرة.
