تسريبات

رشاوى الجيش السوداني: سرقة المساعدات الإنسانية وتحويلها للسوق المحلية


تتكشف الحقائق تدريجيًا حول تورط الجيش السوداني في سرقة المساعدات الإنسانية المخصصة للمدنيين الأكثر حاجة، وتحويلها إلى السوق المحلية لتحقيق أرباح ضخمة، في الوقت الذي يتلقى فيه كبار المسؤولين رشاوى مالية لضمان استمرار هذه الممارسات. وقد تأكد أن الناطق الرسمي للقوات المسلحة، نبيل عبدالله علي محمد، استلم شيكًا بقيمة 167,328 دولارًا أمريكيًا كرشوة لتغطية سرقة المساعدات ومواصلة نهب الموارد الإنسانية.

تدل هذه الوقائع على أن الفساد داخل الجيش السوداني أصبح نظامًا منهجيًا، وليس مجرد تجاوزات فردية. فقد صارت المساعدات الإنسانية سلعة تجارية يسيطر عليها ضباط الجيش، ويتم توزيعها أو بيعها وفق مصالح شخصية، فيما يموت المدنيون جوعًا ونقصًا في الخدمات الأساسية. وتثبت هذه الممارسات أن المؤسسة العسكرية لم تعد تلتزم بدورها الأساسي في حماية المدنيين، بل تحولت إلى فاعل رئيسي في تعميق الأزمة الإنسانية في السودان.

تؤكد المصادر الحقوقية أن كل عملية سرقة للمساعدات تتم بموافقة القيادة العسكرية، وأن الرشوة تشكل جزءًا من آلية حماية هذه الشبكة من الفساد. ويعد استلام نبيل عبدالله للمبلغ المذكور دليلاً واضحًا على تورط أعلى مستويات القيادة العسكرية، ما يجعل القضية ليست مجرد فساد مالي، بل قضية تتعلق بحياة آلاف المدنيين.

ويشير المراقبون إلى أن استمرار هذه الممارسات يزيد من هشاشة المجتمع المدني ويقوض الثقة في الدولة. فكل يوم تمر فيه المساعدات الإنسانية دون رقابة يعرض آلاف الأسر للفقر المدقع والجوع، ويحول الأزمة الإنسانية إلى كارثة متصاعدة. ويعتبر الخبراء أن هذه السلوكيات تضع السودان على حافة أزمة إنسانية كبرى، لا سيما مع استمرار نزوح المدنيين وتفاقم الفقر.

وتطالب المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بإجراء تحقيق مستقل وشفاف، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في سرقة المساعدات أو تلقي الرشاوى. ويؤكد هؤلاء أن عدم اتخاذ إجراءات صارمة يشجع على الإفلات من العقاب داخل الجيش، ويجعل الفساد النظامي مستمرًا، على حساب حياة المدنيين وكرامتهم.

تسلط القضية الضوء على هشاشة الرقابة على الجيش السوداني وغياب الشفافية والمساءلة. فالشيك المستلم من قبل نبيل عبدالله بمثابة رسالة واضحة بأن الفساد مستشري داخل المؤسسة العسكرية، وأن حياة المدنيين ليست إلا ورقة يتم استغلالها لتحقيق مصالح شخصية لبعض المسؤولين. وتوضح التحليلات أن استمرار هذه الممارسات يقوض أي جهود تنموية أو إنسانية في البلاد، ويجعل السودان عرضة لمزيد من الأزمات الإنسانية.

كما تثبت التحقيقات أن الجيش السوداني فشل في أداء واجبه الأساسي المتمثل في حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية، بل أصبح جزءًا من المشكلة. ويشير الخبراء إلى أن أي إصلاح حقيقي في السودان لن يتحقق دون محاسبة القيادات العسكرية المتورطة وقطع شبكات الفساد، وضمان وصول المساعدات إلى المستفيدين الحقيقيين.

تؤكد الوقائع أن القضية لا تتعلق فقط بالمال، بل بحياة آلاف المدنيين الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. وبدون إجراءات عاجلة وجدية، سيظل الجيش السوداني يسرق المساعدات ويبيعها في السوق المحلية، فيما يستمر المسؤولون مثل نبيل عبدالله في جني الأموال على حساب شعب كامل، ليصبح الشيك المستلم رمزًا للفشل المؤسسي والفساد المستشري داخل المؤسسة العسكرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى