أحداث
خلال الساعات الماضية.. محاولات دبلوماسية وعسكرية لإنهاء الصراع في السودان

أقدمت ثلاث جهات دولية وإقليمية ومحلية على إجراء تحركات نشطة من أجل إيجاد حل يوقف التدهور الخطير الذي يشهده السودان نتيجة الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023.
بينما أطلق رئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” عبد الله حمدوك مبادرة تتكون من 7 نقاط، أعلنت بريطانيا عن خططها لتنظيم مؤتمر في منتصف الشهر المقبل يشارك فيه 20 وزيراً من دول مختلفة تهتم بالأزمة السودانية. في الجهة الأخرى، أفادت مصادر مطلعة أن هناك تحضيرات تجرى لزيارة وفد الآلية الأفريقية رفيعة المستوى إلى بورتسودان وبعض العواصم الأفريقية للقاء القائدين العسكريين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع.
مبادرة حمدوك
دعت خارطة الطريق التي قدمها حمدوك يوم الثلاثاء إلى تنظيم اجتماع مشترك بين مجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن الدولي، بحضور قادة القوات المسلحة والدعم السريع، وكذلك حركتي عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور.
اقترحت المبادرة فرض هدنة فورية، وتنظيم مؤتمر للمساعدات الدولية لسد العجز في تمويل الاحتياجات الإنسانية التي حددتها خطة الاستجابة الأممية، بالإضافة إلى بدء عملية سلام شاملة.
أوضح حمدوك أن الأهداف المنتظرة من المبادرة تتمثل في إقامة نظام أمني وعسكري موحد، وبدء عملية عدالة تُحاسب على الانتهاكات وتسعى لتحقيق الإنصاف للضحايا، بالإضافة إلى تشكيل سلطة مدنية انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة لتوجيه البلاد حتى إجراء الانتخابات.
وأكد حمدوك أن “صمود” ستبدأ فوراً بالتواصل مع الأطراف العسكرية والمدنية السودانية وكذلك القوى الإقليمية والدولية لجمع الدعم اللازم لتنفيذ هذه الخطوات. وأوضح أن العملية التي تتضمنها المبادرة ستنظم من خلال لجنة تحضيرية تضم الأطراف السودانية الرئيسية، مع ضمان مشاركة جميع الأطراف باستثناء المؤتمر الوطني وأذرعه.
يشير الصحفي والمحلل السياسي صلاح شعيب إلى أهمية خطة العمل التي تقدم بها عبد الله حمدوك، “نظرًا لما يمتلكه من علاقات إقليمية ودولية واسعة”.
يؤكد شعيب أن الاقتراح الذي قدمه حمدوك يحدد استراتيجية للمجتمع الدولي للتعامل مع الحرب وما بعدها. ويضيف “لم يتحرك هذا الرجل بشكل عشوائي لطرح مبادرته، بل بعد التشاور مع أصدقائه في الاتحاد الأفريقي والدوائر الإقليمية والدولية”.
يعتقد شعيب أن تحركات حمدوك ستظل لها تأثير أكبر على الاتجاهات الإقليمية والدولية تجاه السودان مقارنة بتأثيرها على القرارات الجماعية للسودانيين بشأن بلادهم.
وينبه في هذا السياق إلى أن رئيس الوزراء السابق فقد الكثير من القاعدة التي دعمت إعلان الحرية والتغيير في عام 2019، بالإضافة إلى التحديات الناتجة عن انقلاب 25 أكتوبر والحرب التي زادت من الانقسامات بين التيارات التي أسست ذلك التحالف.
ويشير إلى أن “الوضع السياسي الراهن لا يتقبل أي مبادرات خيرية لوقف الحرب، خاصة مع استمرار قادة المؤتمر الوطني المنحل في التمسك بالقتال”.
تحرك بريطاني
بعد بضعة أسابيع من إعلان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن جهود بلاده لعقد اجتماع وزاري موسع يضم دولًا مجاورة للسودان وعددًا من الدول الأخرى لحشد الجهود الدولية لإنهاء الصراع في السودان واستعادة العملية السياسية، وصلت هارييت ماثيوز، المديرة العامة لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، إلى بورتسودان والتقت يوم الأربعاء بقائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
ووفقًا لوزارة الخارجية البريطانية، فإن الجهود البريطانية تهدف إلى تحقيق توافق في الآراء حول الطريقة التي يمكن للمجتمع الدولي من خلالها دعم جهود الوساطة التي تقوم بها المنطقة، مع التركيز على آراء السودانيين.
وأكدت ماثيوز بعد اجتماعها بالبرهان أن بلادها ستقوم بدور مهم في خلق الظروف السلمية اللازمة لإنهاء الحرب، من خلال استضافة الاجتماع الوزاري في لندن.
لم تعلن الحكومة الموجودة في بورتسودان بعد عن رد فعلها بشكل واضح تجاه الخطوة البريطانية. لكن السفير نور الدائم عبدالقادر، مدير الشؤون الأوروبية والأميركية بوزارة الخارجية. أشار إلى أن السودان يسعى لدور إيجابي لبريطانيا في دعم قضايا البلاد. موضحاً أنه تم إبلاغ الجانب البريطاني برؤية السودان بالنسبة للمؤتمر الذي من المقرر عقده في لندن.
اتصالات أفريقية
جدد الاتحاد الأفريقي تأكيده على مواصلة التعاون مع جميع الأطراف السودانية. بما في ذلك المدنيين والفاعلين السياسيين، من أجل إيجاد حل شامل للأزمة وإجراء حوار سياسي واسع النطاق لاستعادة المسار المدني في السودان.
من بين 10 مبادرات قدمتها جهات إقليمية ودولية منذ بداية الحرب. كانت 6 منها تخص الاتحاد الأفريقي والهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا “إيقاد”. ومع ذلك لم تتمكن أي منها من إيقاف الحرب حتى الآن.
يعزو مسؤولون ومراقبون وعاملون في المجال السياسي فشل جميع تلك المحاولات والجهود إلى تعدد المنصات وغياب الرغبة لدى بعض الأطراف المتصارعة في التوصل إلى سلام ينهي الحرب التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 15 مليون شخص من منازلهم. مما تسبب في دمار كبير لاقتصاد البلاد وبنيتها التحتية والاجتماعية.
رأى محمد بن شمباس، رئيس اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي المعنية بالسودان. أن أكبر عقبة أمام إنهاء الصراع هي تمسك الأطراف المتنازعة باستخدام القوة العسكرية بدلاً من الحوار كوسيلة لتحقيق تسوية تفاوضية.
وفقًا للأكاديمي والباحث السياسي الأمين مختار، يتمثل التحدي الأكبر الذي تواجهه المبادرات المطروحة في إيجاد آليات تنفيذية توفر واقعًا حقيقيًا للحوار المباشر بين الجيش والدعم السريع، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود عناصر متشددة ترفض الحلول السلمية، بالإضافة إلى تعدد مراكز اتخاذ القرار داخل قيادة الجيش.
يؤكد مختار على أهمية الانخراط الفوري دون أي شروط في وقف إطلاق النار والتعامل مع القضايا الإنسانية.
