خبراء يحددون أسباب انهيار قوات الجيش السوداني
رصد خبراء وساسة سودانيون أسباب الهزائم التي يتلقاها الجيش السوداني وانهيار صفوفه أمام قوات الدعم السريع وانسحاب عناصره من مواقعهم قبل تحرك “الدعم السريع” نحوهم، بما وصفوه بـ “تدحرج قطع الدومينو”.
وأشاروا إلى ما ترتب على ذلك من فقدان فرق وكتائب تابعة للجيش السوداني عددًا من المواقع والمدن، لتتغير مع ذلك خريطة السيطرة على السودان في الوقت الحالي.
وقال الخبراء إن هناك عددًا من الأسباب التي كانت كفيلة بالوصول إلى هذا المشهد، من بينها تسييس الجيش لصالح “الإسلاميين” وإقصاء الكفاءات على أساس “الولاءات”، وعدم امتلاك الجيش رؤية واقعية للحرب عند تعهده بالقضاء على “الدعم السريع” خلال أسابيع.
وذكروا أنه يضاف إلى ذلك انسحاب مجموعات في القوات المسلحة من المناطق الخاضعة لسيطرتها دون قتال، وصولًا إلى انشغال قيادات وضباط في الجيش بالأنشطة الاقتصادية والتجارة، على مدار السنوات الماضية؛ ما جعلهم بعيدين عن الحياة العسكرية، وكل ما يتعلق بها.
الأشاوس من “الدندر” يؤكدون الاستعداد لتحرير السودان من دنس الفلول ومليشيا البرهان والإرهابيين
The brave RSF soldiers from Dinder underscore their readiness to liberate Sudan from the grip of the SAF and their terrorist allies. #معركة_الديمقراطية #حراس_الثورة_المجيدة pic.twitter.com/x040ICLDE1
— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) July 8, 2024
وقال ضابط سابق في القوات المسلحة السودانية، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن تسييس الجيش من جانب “الإسلاميين” لم يبدأ من هذه الحرب، فهو مستمر منذ عقود، ما أدى إلى وصول السودان إلى هذا الوضع.
وانتقد “تحول المؤسسة المعنية بحماية الوطن والمواطن والأمن القومي السوداني إلى فرع لجماعة الإخوان، وتنفيذ خطة ممنهجة لإقصاء الكفاءات التي لم يعد لها وجود في الجيش منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي”.
وأوضح الضابط السابق أن “التدريبات ووضع الخطط وتقسيم المهام وتطوير العمليات وما شابه ذلك، هي أمور غير معتمدة نهائيًّا في الجيش السوداني منذ سنوات؛ لعدة اعتبارات، من بينها أن القيادة غير مركزية، وهناك فرق وكتائب تقودها عناصر أو شخصيات ليست عسكرية، ومن خارج مؤسسة الجيش تمامًا”.
وفسر ذلك بالقول: “قد يجد قادة أو ضباط تلقوا الدراسة في الكلية الحربية، وحصلوا على دورات وخبرات حتى لو كانت محدودة، أوامر عسكرية صادرة لهم من شخص غير متعلم، قضى حياته في حروب عصابات، أو في صفوف جماعات متشددة، وفُرض عليهم كقائد”.
واعتبر أن ما تحققه قوات الدعم السريع أمر طبيعي بالنظر إلى ما آلت إليه القوات المسلحة السودانية عبر عقود مضت
من جهته، أرجع عضو المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان “تقدم”، عثمان إبراهيم، انهيار قوات الجيش السوداني أمام قوات الدعم السريع إلى عدة أسباب، منها أن “القوات المسلحة” لا تمتلك جهاز استخبارات عسكرية بالمعنى الحقيقي، بجانب عدم وجود قوات مشاة تسيطر فعليًّا على الأرض، وذلك على عكس “الدعم السريع“.
وأشار إلى اعتماد الجيش بقدر كبير على سلاح الطيران الحربي دون مساندة لأهدافه في ساحة المواجهات، وذلك بجانب توجه الكثيرين من قيادات وضباط الجيش إلى التجارة في مجالات الفحم والحطب والمواد البترولية وأيضًا في الثروة الحيوانية، ليبتعدوا تمامًا عن “العسكرية”.
وقال إنه بات معروفًا لدى السودانيين أن كافة مقار فرق وكتائب الجيش، أصبحت لافتات فقط، ولا يوجد داخلها تدريبات أو ضباط وقيادات يضعون خططا وتكتيكات قتال، بعد أن انصب تركيزهم على التجارة.
وذكر إبراهيم أن الجيش لم يكن لديه منذ البداية رؤية واقعية للحرب، وأن هذا اتضح مع انطلاق المعارك والحديث عن القضاء على قوات الدعم السريع خلال أسبوع واحد.
وأوضح: “للأسف، هذا التصريح ورّط الكثير من المدنيين، وفقد الآلاف منهم أرواحهم؛ لأنهم تعاملوا مع هذا الخطاب الكاذب، وفي النهاية دفعوا ثمن الحرب بين الطرفين”.
وأبدى إبراهيم استغرابه من تبريرات انسحاب القوات المسلحة من مناطق تحت سيطرتها بأسباب لا تمت للواقع بصلة.
وأوضح أن ما حدث في موقع “المزموم” يدل على قلة أعداد المقاتلين المؤثرين فعليًّا في صفوف الجيش، وعدم اعتماد القائمين على القوات المسلحة التدريبات العسكرية والخبرات المؤهلة لوضع الخطط والإستراتيجيات.
وأكد أن “تسيس” الجيش السوداني وإقصاء الكفاءات على أساس “الولاءات”، يوضح مدى سيطرة “الإسلاميين” على القرار.
وقال المحلل السياسي عادل نور، إنه في ظل الخريطة الجديدة في بضع ولايات، باتت القوات المسلحة تتدحرج كقطع الدومينو بالانسحاب المتكرر من مواقعها، حتى قبل الاشتباك مع قوات الدعم السريع.
ورأى نور أن ما يحدث للجيش السوداني انعكاس للترهل الذي باتت عليه القوات المسلحة، ونتاج نظام حكم عبر أكثر من 30 سنة، اعتمد في تسكين المواقع والوظائف المهمة عبر مؤهل واحد هو الولاء لجماعات “الإسلام السياسي”.
وأوضح أنه كان من الطبيعي أن تفتقد المؤسسة العسكرية أي تحديث أو تكوين كوادر لها خبرات واطلاع على أحدث العلوم العسكرية، فكانت تقديرات الموقف غير مبنية على أي أسس، وجاءت الهزائم المتتالية والضربات الموجعة للجيش.