خبراء: عزلة البرهان تتفاقم بعد تهديده بحرب قد تستمر لمئة عام في السودان
اعتبرت قوى سياسية سودانية أن تصريحات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان حول استعداده لخوض حرب تستمر لمدة 100 عام وعدم التوجه نحو السلام، جاءت في وقت حسّاس مع المحادثات الأخيرة في جنيف لوقف الحرب في السودان، مما سيؤدي إلى زيادة عزلته على الصعيدين الداخلي والخارجي، خاصةً مع رفضه لمبادرات السلام التي تهدف إلى تخفيف معاناة السودانيين.
تنظر قوى سياسية إلى تصريحات البرهان على أنها صدرت في وقت يشهد فيه ملايين السودانيين انقسامًا بين من يعانون من الجوع وظروف صحية قاسية، بالإضافة إلى النازحين والمشردين.
أكد سياسيون سودانيون في تصريحاتهم أن مثل هذه التصريحات تعزز من عزلته، ليس على المستوى الخارجي فحسب، بل أيضاً على الصعيد الداخلي، حيث يراه السودانيون متهاوناً بدماء ومعاناة الشعب السوداني التي يلاحظها العالم خلال محاولات التهدئة، بينما هو يعمل على تمديد أمد الحرب والدمار.
علق رئيس “تجمع كردفان للتنمية” الطيب الزين على ذلك، قائلاً إن تصريحات “البرهان” تعكس “جنون العظمة” وفقًا لوصفه. وطرح تساؤلاً: “إذا كان عاجزًا عن ضمان العيش 100 يوم، فكيف يتحدث عن 100 سنة؟ ومن سيتكفل بدفع هذه التكاليف؟”.
قال “الزين” إن تلك التصريحات تعتبر غير مسؤولة، وتهدف إلى تعزيز الروح المعنوية لقواته، التي لا تزال تواجه هزائم سياسية وعسكرية.
وأشار إلى أن طبيعة هذه التصريحات والتصرفات من “البرهان”، التي تظهر استهتارًا بمعاناة السودانيين، تعكس عدم قدرته على تحمل المسؤولية، وقد تفتح المجال بشكل كبير لـ”قوات الدعم السريع”، التي أظهرت الكثير من الدعم للسلام ورغبتها في إنهاء الحرب لحماية حياة المدنيين.
قال إن “قوات الدعم السريع، من خلال دعمها للسلام ووقف الحرب، قد تفتح المجال لتشكيل حكومة تسعى لتحقيق هذا الدور على الصعيدين الداخلي والخارجي، رغم التصرفات والتصريحات المتناقضة من قبل “البرهان”، التي تزيد من عزلته على المستويين الداخلي والخارجي”.
وأضاف “الزين” أن حديث “البرهان” عن استمرار الحرب لمئة عام لتجنب التوجه نحو وقف القتال يعكس مدى الاستهانة بأرواح الأبرياء من الشعب السوداني. وأشار إلى أن “البرهان” من خلال هذا التصريح يعرض للعالم حجم الجرائم المرتكبة ضد السودانيين، كما أن هروبه مما اقترفته “الكيزان” من خلال إشعال نار الحرب تعبير عن اعتقادهم الخاطئ بقدرتهم على حسم المعركة في بضع ساعات، وهو ما أدى في لحظة غرور إلى وصول السودان إلى هذه الحالة.
-
ما حدود سيطرة طرفي الحرب في السودان؟
-
اجتماع أديس أبابا.. تقيم قدرة القوى المدنية على وقف الحرب في السودان
وأضاف: “هذا الخطاب يخدع “البرهان” قبل أن يخدع الجمهور بإمكانية حسم المعركة مع الزمن”.
نبه إلى أن الزمن لا يعمل لصالح “البرهان” ومؤيديه، فمنذ كلما استمرت الحرب، تظهر الحقائق للرأي العام السوداني والإقليمي والدولي بأنها حرب بلا هدف أو غاية. وهذا سيؤدي في النهاية إلى رد فعل معاكس، مما قد يغير ميزان القوى لصالح الجيش بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
-
ما الدوافع وراء محاولات ‘كتائب الإخوان’ إشعال الحرب في السودان؟
-
“تواصل القتل والتشريد: تطورات الحرب في السودان وآخر المستجدات”
ومن ناحيته، استغرب خبير قضايا السلام وفض النزاعات إبراهيم زريبة من هذا النوع من الكلام، مشيرًا إلى أنه كان يجب على “البرهان” التفكير في إيجاد حل للأزمة وتحمل المسؤولية عن معاناة المواطنين وما يحدث من انهيار للدولة، بدلاً من السعي إلى استمرار نار الحرب.
وأضاف: “إن الشعب السوداني -بالتأكيد- سيكون له مواقف مناهضة للحرب، كما أن الأسرة الدولية سيكون لها ردود فعل تجاه الحديث غير الواقعي، إضافة إلى أن المعادلة الميدانية ليست في صالحه، فكيف يمكنه الحديث عن حرب تمتد لـ 100 عام؟”.
-
الحرب في السودان تجبر المواطنين على مغادرة منازلهم وتؤدي إلى انهيار المنظومة الصحية
-
تشاد أمام مواجهة طوفان من اللاجئين الفارّين من الحرب في السودان
وتحدث في تصريحات عن أن القضايا الإنسانية أصبحت قضية تهم الأسرة الدولية، مؤكداً أنه لا يمكن ترك المنظمات الأممية والدول الكبرى الشعب السوداني يعاني أكثر من ذلك، خاصة بعد أن أصبح واضحاً من هو الطرف الذي يسعى لعزل نفسه عن معاناة الشعب.
وأكد المحلل السياسي راغب عيسى أنه لا يمكن لأي طرف الاستمرار في الحرب لمدة 100 سنة، وإن الطرف الذي سيتمكن من كسب دعم الشارع السوداني، حتى من الذين يختلفون معه أو مع سياساته، سيكون “الدعم السريع”. كما أشار إلى ما لاحظه المجتمع الدولي في عدة مناسبات من وجوده وجهوده لإنهاء النزاع.
-
الإمارات ودول أخرى تدعو للسلام وتندد بالمجاعة في السودان بسبب الحرب
-
معركة إقليم النيل الأزرق تغير مسار الحرب السودانية
ذكر “عيسى” أن “البرهان”، يفرض على نفسه وحلفائه بهذا “التعالي” كما وصفه، نوعاً من “العزلة”، والتي أدت إلى تغيير بعض المناطق أو المواقع الجغرافية التي كانت تدعمه أو تدعم مكوناته المتحالفة. وقد لا يكون هذا التحول بالضرورة نحو الطرف الآخر، رغم أن ذلك يحدث بالفعل.