أحداث

حرب السودان: جنوب كردفان بين نار القتل وهاجس المجاعة


أساة إنسانية بالغة التعقيد خلفتها الحرب في السودان، ووضعت الآلاف بين مطرقة القتل والتعذيب وسندان المجاعة في ولاية جنوب كردفان.

ووفق أحدث تقرير أصدره الأمن الغذائي في 27 يونيو/حزيران الماضي، فإن 25.6 مليون سوداني يعانون من الجوع الشديد، بينهم 755 ألف شخص في مرحلة المجاعة، فيما يقترب نحو 8.5 مليون شخص آخر من هذه المرحلة.

فيما ذكرت آخر حصيلة صادرة عن مفوضية العون الإنساني في ولاية جنوب كردفان، أن حوالي 69 ألف نازح يقيم بعضهم في مراكز إيواء بمدينتي كادقلي والدلنج، يواجهون معاناة كبيرة إثر نقص الطعام ومياه الشرب النظيفة، إلى جانب تدهور الأوضاع الصحية بسبب شح الأدوية وتردي المستشفيات.

وتقاتل الحركة الشعبية، بقيادة عبد العزيز الحلو، الجيش السوداني في منطقتي جنوب كردفان/ جبال النوبة منذ عام 2011، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية، وموجات نزوح أعداد كبيرة.
وجاءت الحرب الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع لتفاقم الأوضاع الإنسانية أكثر في تلك الولاية.

أكل ورق الأشجار

وتداول نشطاء مؤخرا، وعلى نحو واسع، مقطعا مصورا، يظهر سيدة نازحة في مركز إيواء بمدينة الدلنج، وهي تجمع أوراق شجر توطئة لأكله، بعد فشلها في الحصول على الطعام.

وقال المواطن السوداني آدم عبد الله (34 عاما) الذي يقطن بمدينة “الدلنج”، إن المنطقة تشهد أزمة جوع حادة بسبب الاشتباكات المسلحة، ما دفع الناس إلى طبخ أوراق الأشجار.

وأضاف عبد الله أن “الحرب تسببت في إغلاق الممرات الإنسانية لتوصيل المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى انعدام الغذاء في المنطقة.”

وأشار إلى أن شح الأمطار تسبب أيضا في المعاناة الإنسانية التي تشهدها المنطقة.

من جهتها، قالت المواطنة السودانية هاجر الأمين (42 عاما) التي تقطن بمدينة “كادقلي”، عاصمة ولاية جنوب كردفان، إن الولاية تعاني الحرب منذ سنوات طويلة، وحرب 15 أبريل/نيسان 2023 ساهمت في تعقيد المشكلة.

وأضافت الأمين أن المنظمات الإنسانية فشلت في الوصول إلى المنطقة لتوصيل الغذاء والدواء، بسبب إغلاق الطرق.

وأشارت إلى أن الموسم الزراعي فشل في أغلبية المناطق، خاصة في جبال النوبة، وانعدم الذرة الغذاء الرئيسي لسكان المنطقة؟

ومضت قائلة: “أطفالي يشكون الجوع الشديد، ولا استطيع فعل شيء.”

موجة نزوح مستمرة

ومع تصاعد الأزمة، قال المواطن السوداني، فيصل الأمير، بأن مدينة كادقلي، تعاني حاليا انقطاع الكهرباء والمياه، والأدوية بسبب إغلاق الطرق في المنطقة.

وأضاف الأمير أن”حركة نزوح المواطنين مستمرة بشكل يومي تجاه الحدود إلى دولة جنوب السودان”.

وأكد أن النزوح أصبح ضرورة، هربا من الموت جوعا بسبب انعدام الغذاء في المنطقة.

وفي 16 يوليو/ تموز الجاري، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان، شبل صهباني، في المؤتمر الصحفي نصف الأسبوعي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف: “أصبحت ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة كلها معزولة عن المساعدات الإنسانية والصحية بسبب القتال المستمر.”

وأضاف المسؤول الأممي أنه “أثناء قيامه بمهمة تقييمية في تشاد المجاورة، أخبره اللاجئون اليائسون بأن السبب الرئيسي وراء مغادرتهم السودان الآن هو الجوع، والمجاعة”.

الموقع الجغرافي

ولاية جنوب كردفان، تبلغ مساحتها 79470 كيلومترا مربعا، وتحدها من الشمال ولاية شمال كردفان ومن جهة الشمال الشرقي ولاية النيل الأبيض، ودولة جنوب السودان من الجهة الجنوبية.

وأهم المحاصيل في الولاية هي: القطن، والكركديه، والسمسم والدخن، وتعداد الثروة الحيوانية حوالي 17025000 رأس إبل/أغنام/أبقار.

المناخ السائد في الولاية هو طقس ممطر صيفا ودافئ إلى حار شتاء، وتتراوح درجة الحرارة طوال العام ما بين 20 درجة مئوية إلى 32 درجة مئوية.

سكان ولاية جنوب كردفان ينقسمون إلى قسمين رئيسيين: المسيرية والنوبة، بالإضافة إلى وجود جنوبيين مسيحيين ووثنيين قرب الحدود مع جنوب السودان، كما توجد مملكة تقلي بفروعها المختلفة وهي مملكة مشهورة تاريخيا باسم مملكة “تقلي” الإسلامية.

ويضم الامتداد الغربي للولاية بعض قبائل المسيرية العربية – زرق وحُمر– وقبائل النوبة بتقسيمات وبطون مختلفة.

أما الامتداد الشرقي فيضم بداخله بجانب قبائل النوبة بعض القبائل العربية والأفريقية مثل الحوازمة وأولاد حميد والمسيرية وكنانة وبني فضل والكبابيش وجيوب صغيرة من قبائل دارفور كالبرقو والزغاوة والميدوب والبرقد.

وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى