تحقيقات

جدل واسع بعد ظهور قائد البراء في فيديو يضع البرهان تحت الضغط


أعاد تسجيل مصور لقائد في كتيبة البراء بن مالك، وهي ميليشيا تساند الجيش السوداني، الجدل حول طبيعة العلاقة بين الجيش والتنظيمات الإخوانية، بعدما أكد أن الكتيبة تلقت تدريبات داخل الجيش وظلت تقاتل إلى جانبه منذ عام 2011. هذا التصريح جاء في مقطع فيديو نُشر يوم الأربعاء، بعد يومين فقط من نفي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الاتهامات الدولية والمحلية المتصاعدة التي تربط الجيش بجماعة الإخوان، حيث وصف تلك الاتهامات بأنها “أكاذيب”، متسائلاً أمام كبار الضباط: “أين الإخوان هنا؟”.

البرهان شدد خلال الاجتماع على أن الجيش لا يضم أي وجود أو نفوذ لجماعة الإخوان، واعتبر أن السردية التي يرددها مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، بشأن وجود التنظيم داخل الجيش، مجرد “فزاعة كاذبة”. وأضاف أن هذه الاتهامات تأتي في إطار محاولات تهدف إلى تشويه صورة الجيش وإضعاف موقفه، مؤكداً أن المؤسسة العسكرية ظلت طوال تاريخها بعيدة عن الأجندات الحزبية والفكرية. غير أن أويس غانم، القيادي في كتيبة البراء التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات في سبتمبر الماضي، كشف عن علاقة وثيقة بين الكتيبة والجيش.

غانم أوضح خلال حفل تخريج لمجندين جدد أن الكتيبة تلقت تدريبات على يد الجيش منذ عام 2011، وشاركت في القتال معه في مناطق عدة بغرب السودان. وأشار إلى أن عناصر الكتيبة تجمعت في معسكر تابع للجيش في اليوم نفسه الذي اندلعت فيه الحرب في 15 أبريل 2023. وتعد كتيبة البراء واحدة من أكثر الكتائب الإخوانية إعداداً وتسليحاً، إذ تتكون من مجموعات شبابية تتراوح أعمارها بين 20 و35 عاماً، معظمهم من خلفيات تنظيمية ترتبط بالأذرع التعبوية والأمنية لنظام الإخوان السابق.

الكتيبة متهمة بإشعال الحرب الحالية وارتكاب انتهاكات جسيمة خلالها، إضافة إلى دور بارز في قمع المظاهرات التي اندلعت عقب انقلاب 25 أكتوبر 2021، عبر زرع عناصرها داخل قوات الاحتياطي المركزي التي وُجهت إليها اتهامات بقتل العشرات من المتظاهرين. هذه الاتهامات عززت المخاوف بشأن طبيعة ارتباط الجيش بمجموعات ذات توجهات عقدية، في ظل استمرار الحرب وتصاعد الانتهاكات بحق المدنيين.

المقطع المصور الجديد أجج النقاش المتصاعد حول علاقة الجيش بالكتائب الإخوانية، خاصة بعد نفي البرهان الأخير واتهامه جهات خارجية بالسعي لتفكيك الجيش عبر ربطه بالتنظيم. وفي هذا السياق، أكد هاشم أبورنات، وهو ضابط كبير سابق في الجيش، أن سيطرة الإخوان على المؤسسة العسكرية “حقيقة ثابتة”، موضحاً أنه بعد استيلائهم على السلطة في يونيو 1989 أبعدوا نحو 13 ألف ضابط عن الخدمة، وبدأوا في ضخ مجموعات موالية لهم ورفع شعارات جهادية داخل الجيش.

أبورنات أضاف لموقع سكاي نيوز عربية أن استمرار الإخوان في السلطة جعل الانتماء للقوات النظامية مشروطاً بالولاء للتنظيم، مشيراً إلى أن الجيش فقد استقلاليته لصالح عناصر موالية. الصحفي والمحلل السياسي محمد المختار محمد وصف المقطع الأخير بأنه تكذيب مباشر لتصريحات البرهان، مؤكداً أن تصريحات غانم توضح مشاركة الكتيبة في الحرب منذ اليوم الأول، ما يعكس وجود تنسيق مسبق. وأشار إلى خطورة ارتباط الجيش بكتيبة البراء، قائلاً إنها كتيبة عقدية تنتهج نهجاً جهادياً وارتكبت فظائع ضد المدنيين، وفرضت عليها عقوبات أميركية، وبالتالي فإن أي ارتباط لها بالجيش يقدح في قوميته ومهنيته.

مراقبون عسكريون ومدنيون حذروا من خطورة ارتباط الجيش بمجموعات عقدية ترفع شعارات جهادية ولديها علاقات خارجية مع تنظيمات إرهابية مثل داعش. وأشاروا إلى مقطع فيديو نشره أحد عناصر الكتيبة في ديسمبر 2023 كشف فيه عن علاقة وثيقة بين الكتيبة وتنظيم داعش، موضحاً أن اختيار قائدها الحالي المصباح أبوزيد جاء بعد هجرة سلفه أبو مصعب الجعلي إلى سوريا عام 2012 وانخراطه في القتال مع التنظيم، مثل عشرات آخرين من المنتمين إلى تنظيمات جهادية أنشأها الإخوان في السودان بعد سيطرتهم على الحكم عام 1989.

المصباح أبوزيد كان قد صرح قبل أشهر أن الكتيبة تعد مقاتليها لعمليات عابرة للحدود، مؤكداً أمام مجموعة من عناصره في معسكر شمالي السودان أنهم سيقاتلون “لنصرة المظلوم في أي مكان في العالم”. وارتبط اسم الكتيبة باتهامات واسعة بانتهاكات ضد المدنيين خلال الحرب الحالية، ما دفع وزارة الخزانة الأميركية إلى فرض عقوبات عليها في سبتمبر الماضي، مؤكدة أن الهدف من تلك العقوبات هو الحد من نفوذ المجموعات المتطرفة داخل السودان.

ضباط كبار في الجيش السوداني كانوا قد عبروا العام الماضي عن مخاوفهم من أن يضر الارتباط الكبير بكتيبة البراء بموقف الجيش دولياً. وفي يناير الماضي، وبعد أشهر قليلة من تلك التحذيرات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ربطتها بانتهاكات ارتكبتها مجموعات تابعة للجيش، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى