أحداث

تغيير العملة يزيد أعباء السودانيين في مناطق الجيش


شكا مواطنون في مناطق سيطرة الجيش السوداني من معاناة مستمرة جراء انعدام الأوراق النقدية الجديدة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية.

 وتمر المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، هذه الأيام، بأزمة حادة في السيولة النقدية، وذلك بعد تغيير العملة الذي أقرته الحكومة الأيام الماضية.حيث فوجئ المواطنون بعدم توفر الفئة النقدية الجديدة.

وقال نبيل صالح، أحد سكان مدينة حلفا الجديدة شرقي السودان إن الأوراق النقدية غير متوفرة لدى المواطنين، وإن التسوق يتم عبر التحويلات الرقمية. مشيرًا إلى معاناة وصفها بالكبيرة لدى المواطنين البسطاء الذين لا يملكون حسابات مصرفية.

وأكد أن المصارف منذ تغيير العملة في ديسمبر كانون الأول الماضي، قللت نسبة السحب النقدي، إذ أصبح مسموحًا للشخص بسحب 50 ألف جنيه فقط من حسابه. خلال اليوم، أي أقل من 20 دولاراً، وأوضح أن ذلك جعل الأوراق النقدية غير متوفرة في الأسواق.

وأضاف أنه “في السابق كانت توجد محال للتحويلات المالية خارج المصارف، يتقاضى أصحابها الذين يوفرون الأوراق النقدية نسبة 10% من كامل المبلغ. إلا أن تلك المحال اختفت اليوم لانعدام السيولة النقدية”.

وفي السياق، يعاني المئات من عمال الشحن والتفريغ في الموانئ السودانية. من أزمة في الحصول على الأوراق النقدية بعد تقييد عملية صرف الأجور وجعلها حكرًا على التحويلات الرقمية، في وقت لا يملكون فيه حسابات مصرفية.

وقال مصدر نقابي في الموانئ السودانية إن عمال الشحن والتفريغ لا يملكون حسابات مصرفية. بل إن أغلبهم لا يملكون حتى أوراقاً ثبوتية من أجل فتح حسابات. الأمر الذي زاد من معاناتهم بعد قرار السلطات الأخير بمنع صرف الأجور نقداً.

وكان مصرف السودان المركزي اشترط استبدال العملة القديمة مقابل الجديدة، وفتح حساب مصرفي لكل شخص ليودع فيه أمواله التي يريد استبدالها. على أن يُسمح له بسحب 50 ألف جنيه نقداً فقط خلال اليوم، الأمر الذي خلق أزمة في السيولة النقدية.

ولاحقاً أعلن مجلس الوزراء السوداني عن قرار بتنظيم استلام المدفوعات النقدية.منع بموجبه الجهات الحكومية كافة والمؤسسات والشركات والهيئات العامة والخاصة، من استلام أي مدفوعات نقدية من الأفراد أو الجهات الاعتبارية. حيث حصر استلام المدفوعات عبر وسائل الدفع الإلكتروني والمصرفي المعتمدة من مصرف السودان المركزي.

وانعكست أزمة السيولة النقدية سلبًا على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة للسودانيين. حيث أعلن برنامج الأغذية العالمي، يوم الخميس، أن 700 ألف سوداني لم يتلقوا مساعدات نقدية في ديسمبر الماضي بسبب شح السيولة.

وقال البرنامج، في بيان، إن استبدال الأوراق النقدية وتحجيم السحب النقدي. تسببا في أزمة سيولة منعت البرنامج من الوصول إلى ما يكفي من النقد لتوزيع المساعدات.

وأفاد البرنامج بأنه تأخر في الوصول إلى السكان المحتاجين بسبب البيئة التشغيلية الصعبة بما في ذلك أزمة السيولة والموافقات المتقطعة من مفوضية العون الإنساني.

وأضاف أن “المساعدات المنقذة للحياة تتأخر بسبب المتطلبات البيروقراطية الجديدة المتعلقة بالوثائق وخطط الطرق وتحديد هوية السائقين عند التنقل عبر خطوط التماس وعبر الحدود”.

وذكر برنامج الأغذية أنه قدم العام الماضي مساعدات غذائية إلى 7 ملايين شخص، ومساعدات عينية إلى 4 ملايين فرد، فيما دعم مليوني سوداني بمساعدات نقدية تبلغ 50 مليون دولار.

ويحتاج 30.4 مليون سوداني (64% من السكان) إلى مساعدات إنسانية هذا العام، منهم 8.9 مليون نازح، و6.4 مليون فرد من المجتمع المضيف للنازحين. و14.3 مليون شخص من المجتمع غير المضيف، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي.

وفي الوقت ذاته يرى سودانيون أن تغيير العملة في مناطق سيطرة الجيش وحدها، سيكون أحد أدوات تقسيم السودان، لجهة أن العملة الواحدة تعتبر من أبرز عوامل الوحدة الوطنية. وأن حرمان سكان أكثر من نصف مساحة البلاد منها يعد مؤشرًا على التقسيم.

وكانت قوات الدعم السريع اعتبرت أن الإجراءات المتخذة من حكومة الجيش السوداني بشأن تغيير العملة، تأتي في سياق نهج التمييز السلبي وتشجيع الانقسام المجتمعي. كما أنها جزء من مؤامرة تهدف إلى تقسيم البلاد، ضمن مخطط تقوده مجموعة نافذة داخل منظومة الحركة الإسلامية بالتنسيق مع جهات خارجية.

وتشهد كل مناطق سيطرة قوات الدعم السريع تعطلًا في المصارف. الأمر الذي جعلها تحظر تداول الأوراق النقدية الجديدة في مناطق سيطرتها، وأكدت أن العملة القديمة سارية المفعول في مناطقها.

وفي السياق أكد المحلل السياسي صلاح حسن جمعة أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان قد تدفع البلاد نحو الانقسام. بعد أن يُحرَم قطاع من السودانيين من خدمات الدولة، وفق قوله.

وأضاف أن هذه السياسات تشمل حرمان سكان دارفور وكردفان من حقوقهم الأساسية. مثل استخراج الجوازات والأوراق الثبوتية، بعدما أغلقت مكاتب السجل المدني في تلك المناطق.

وأشار جمعة إلى أن عملية تغيير العملة هي جزء من سياسات تفرز انقسامًا اجتماعيًا في البلاد. إذ إن التعليم والعملات الوطنية هما من أبرز العوامل التي توحد الشعوب. وحرمان أي مجموعة منها يؤدي إلى انفصال وجداني قد يكون مقدمة للانفصال الفعلي.

وفي ظل استمرار هذه السياسات، يبقى السودان أمام تحديات جسيمة تهدد وحدة أراضيه، مع تصاعد المخاوف من انقسام داخلي .قد يعيد البلاد إلى حالة من الفوضى والانقسام الإقليمي، في وقت يشهد فيه الشعب السوداني صراعًا مريرًا على السلطة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى