تشتعل فتيلة الحرب من جديد بالسوادن و تبادل الاتهامات حول قصف «أكبر مصفاة نفط»
مع تعليق المفاوضات بمدينة جدة تزايدت وتيرة الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أدى إلى سقوط 75 قتيلا في سوق شعبي بمدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي يشهد السودان حربا بين الجيش و”الدعم السريع“، خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
وسبق أن أبلغت مصادر دبلوماسية “العين الإخبارية” أن الوساطة الأمريكية-السعودية قررت في 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري تعليق الجولة الحالية من المفاوضات إلى أجل غير مُسمى، على أن يغادر الوفدان لإجراء مشاورات مع القيادة بعد إخفاق الأطراف في تنفيذ إجراءات بناء الثقة وإنهاء الوجود العسكري في المدن الرئيسية.
وأفادت مصادر طبية “العين الإخبارية”، اليوم الخميس، بمقتل 75 مواطنا في قصف جوي بالطيران الحربي التابع للجيش السوداني على “سوق قندهار” الشعبي، غربي مدينة أم درمان، بالإضافة إلى قتل جماعي لأسرة كاملة جنوبي العاصمة الخرطوم.
كما أفاد شهود عيان “العين الإخبارية” بأن الطيران العسكري استهدف تجمعات لقوات “الدعم السريع” غربي مدينة أم درمان، بدعوى ملاحقة شاحنات تحمل أسلحة ووقودا.
وطبقا لصور وفيديوهات بثها ناشطون سودانيون على منصات التواصل الاجتماعي، فإن الطيران العسكري دمر بالكامل برج بنك “بيبلوس” وسط العاصمة الخرطوم، ومباني محكمة وقسم ونيابة الأوسط بمنطقة العرضة بمدينة أم درمان.
وحسب شهود عيان، فإن القصف المدفعي لقوات “الدعم السريع” وصل إلى المناطق المحيطة بمقر القيادة العامة للجيش وسط العاصمة الخرطوم، و”سلاح الإشارة” بمدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم.
ويقول المواطن السوداني أسعد عبدالله “شهدنا صباح اليوم الخميس نزوحا جماعيا لمواطني مدينة أم درمان القديمة ووداع للبيوت والذكريات بعد أن حاصرتهم نيران الجيش وقوات الدعم السريع“.
وأشار عبدالله في حديثه لـ”العين الإخبارية”: “يبدو أن تعليق مفاوضات جدة ستكون آثاره كارثية خاصة مع تزايد رقعة الحرب وتمددها في العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى”.
ندرة السلع الاستهلاكية
ومع تزايد الاقتتال شهدت مدن سودانية ندرة في السلع الغذائية والوقود، ما أدى إلى مضاعفة الأزمة الإنسانية.
ويقول المواطن يوسف عبدالكريم إن ولاية شمال دارفور غربي السودان شهدت ندرة كبيرة في الوقود والأدوية.
وأوضح عبدالكريم، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن الغلاء ضرب مدينة الضعين حاضرة ولاية شرق دارفور، كما أن مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، شهدت ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الغذائية، مع توقف تام لخدمات المياه والكهرباء.
إدانة القصف الجوي
وأدان “محامو الطوارئ”، وهي جسم قانوني يتكون من محامين يقدمون العون القانوني ورصد الانتهاكات تجاه حقوق الإنسان والمدنيين، تزايد وتيرة الاشتباكات المسلحة بين طرفي الحرب، خاصة القصف المدفعي والطيران الحربي وإطلاق القذائف العشوائية.
وأوضح “محامو الطوارئ”، في بيان اطلعت عليه “العين الإخبارية”، أن القوات المسلحة شنت هجمات جوية ومدفعية لم تحقق أهدافا عسكرية وأوقعت ضحايا وسط المدنيين ودمرت البنى التحتية.
ووفق البيان، فإن الطيران العسكري شن هجوما على “سوق قندهار” أوقع 75 قتيلا من المدنيين، بالإضافة إلى قصف مصفاة الجيلي شمالي الخرطوم، ومبنى بنك “بيبلوس” وسط العاصمة.
اتهامات متبادلة
وصباح اليوم، الخميس، أفاد شهود عيان “العين الإخبارية” باندلاع قتال عنيف في محيط “مصفاة الجيلي” بمدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، الأمر الذي ينذر بتدمير أكبر منشأة نفطية في البلاد.
وسبق أن تبادل الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” الاتهامات بشأن تدمير “مصفاة الجيلي” شمالي الخرطوم. إذ ذكر بيان صادر عن الدعم السريع. اطلعت عليه “العين الإخبارية”، أن “طيران البرهان وفلول النظام البائد الإرهابية قصف للمرة الرابعة المصفاة ما تسبب في تدميرها بالكامل”.
وحسب البيان، فإن “عمليات التدمير المنهجي للمنشآت العامة والبنية التحتية الحيوية تؤكد .وبشكل قاطع أن هذه الطغمة الفاسدة تستهدف في المقام الأول الشعب السوداني في مقدراته وممتلكاته”.
من جهته، ذكر الجيش السوداني في بيان، اطلعت عليه “العين الإخبارية”: “بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها بالاستيلاء على السلطة في صبيحة 15 أبريل/نيسان. وتحويل البلاد إلى ملكية خاصة، تسببت قوات الدعم السريع بحدوث حريق ببعض مرافق مصفاة الجيلي نتيجة إقدامها على تدمير وحدات التحكم بالمصفاة”.
تاريخ المصفاة
وشركة مصفاة الخرطوم السودانية المحدودة شركة بترولية في السودان. تم اختصار اسم الشركة إلى (KRC). تأسست الشركة في عام 1997 وبدأت عملياتها في عام 2000. يقع مقرها في الخرطوم.
والشركة مملوكة بنسبة 50% من قبل وزارة الطاقة والتعدين التابعة للحكومة السودانية (MEM) و50% مملوكة لشركة البترول الوطنية الصينية (CNPC).
تدير الشركة مصفاة لتكرير النفط على بعد 70 كيلومتراً شمال الخرطوم، وتبلغ قدرة المصفاة 100000 برميل من النفط يوميا.
تعرف مصافي الخرطوم أيضا باسم مصافي الجيلي. وهي وحدها التي تمكنت من تلبية جميع احتياجات السودان مما يجعلها مكتفية ذاتيًا من المنتجات البترولية. يتم تصدير النفط الزائد من ميناء بشير على البحر الأحمر عبر خط أنابيب بطول 1610 كم، مما يجعله أطول خط أنابيب في أفريقيا.