تحقيقات

تحقيق أممي يكشف استخدام أسلحة محرمة دولياً في السودان


أوضح رئيس بعثة “المجلس الدولي لحقوق الإنسان” لدى الأمم المتحدة في جنيف، الدكتور هيثم أبو سعيد، أن “الأدلة المرئية التي وثّقها فريق المراقبين الفرنسي في باريس تشير إلى احتمالية وقوع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني في السودان”.

وقال هيثم أبو سعيد إن “المؤشرات الفنية وتحليل الصور ومقاطع الفيديو المتداولة منذ العام الماضي، تؤكد استخدام أسلحة كيميائية في الصراع الدائر منذ 15 أبريل/ نيسان 2023”.

وكان تحقيق فرنسي أكد صحة صور ومقاطع توثق استخدام قوات بورتسودان غاز الكلور المحظور دوليا في صراعها ضد قوات “الدعم السريع” في السودان. وقالت قناة “فرانس 24″،  إن فريق المراقبين الفرنسي، ومقره باريس، استطاع التحقق من صور ومقاطع فيديو، تم تداولها في العام الماضي تثبت استخدام قوات بورتسودان أسلحة كيميائية في الصراع الدائر منذ 15 أبريل 2023.

وأضافت القناة أن فريق المراقبين حقق في حادثتين وقعتا في سبتمبر 2024 حول مصفاة الجيلي النفطية، شمال الخرطوم، والتي كانت قوات بورتسودان تحاول استعادتها من “الدعم السريع”.

ورغم استخدام الغاز بشكل محظور ما يمثل جريمة حرب، إلا أن الكلور أيضا، يعد مادة إنسانية بالغة الأهمية تستخدم لتعقيم المياه في السودان، البلد الذي اجتاحته الكوليرا منذ بداية الحرب الأهلية، وهو ما سهل استيراده ولكن استخدم بطريقة مخالفة من قبل قوات بروتسودان.

وفي هذا السياق، أشار أبو سعيد إلى أن “الأدلة تفتح الباب أمام مساءلة دولية، إذ تُشير بوضوح إلى هجمات كيميائية استُخدم فيها غاز الكلور، ما يستدعي تحقيقاً دولياً عاجلاً ومحايداً لتحديد المسؤولين وضمان عدم إفلاتهم من العدالة”.

تحقيق عاجل
وقال المسؤول الأممي إن “المؤشرات التقنية والتحقق البصري للأدلة المصوّرة تشير بوضوح إلى احتمال وقوع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، قد ترقى إلى جرائم حرب باستخدام الأسلحة الكيميائية”.

وأضاف أبو سعيد أن “المجلس الدولي لحقوق الإنسان يؤكد أنّ استخدام الأسلحة المحرّمة دولياً لا يمكن أن يمر دون مساءلة، ويدعو إلى تحقيق دولي عاجل ومحايد لضمان عدم إفلات الجناة من العدالة، واستناداً إلى ما سبق، يوصي المجلس الدولي لحقوق الإنسان (IHRC) بدعوة عاجلة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) لإيفاد بعثة تحقيق فني محايدة إلى السودان لجمع العينات البيئية والطبية”.

وأشار إلى أن “من بين التوصيات أيضاً، حثّ المفوض السامي لحقوق الإنسان على إنشاء لجنة تقصّي حقائق دولية مستقلة بشأن الهجمات المزعومة، إلى جانب مطالبة الحكومة السودانية بالسماح الفوري بدخول المراقبين الدوليين وضمان حماية الشهود والمبلّغين”.

وأكد أن “المجلس أوصى أيضاً بتوثيق شهادات الضحايا وإحالة الأدلة الموثّقة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق أولي، وكذلك دعوة المجتمع الدولي إلى فرض رقابة مشددة على تصدير المواد الكيميائية ذات الاستخدام المزدوج إلى السودان”.

 

تتبع المصدر وكشف قوائم الواردات
وكانت انتشرت مقاطع فيديو على حسابات مؤيدة لقوات الدعم السريع تظهر برميلين أصفر وأخضر عثر عليهما بالقرب من مصفاة الجيلي.

ونُشرت صور في 5 سبتمبر 2024، تُظهر برميلا على الرمال مع تعليق: “سلاح الجو السوداني يضرب المواطنين بأسلحة محظورة دوليا، محملة بغازات سامة وكيميائية”.

وفي 13 سبتمبر 2024، نشرت مقاطع تظهر برميلا مشابها تحت شجرة،  كما أظهرت منشورات أخرى من اليوم ذاته عمالا يتلقون الأكسجين.

الكيماوي
فيما ذكر أبو سعيد أن “استخدام مواد مدنية، مثل براميل معالجة المياه، في تصنيع أو نقل أسلحة كيميائية يُشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وجريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني”، مشيراً إلى أن “المجتمع الدولي يتحمل واجباً قانونياً وأخلاقياً لضمان تحقيق مستقل، ومساءلة شفافة، وعقوبات رادعة لمنع تكرار هذه الانتهاكات”.

وأقر بـ”ضرورة تقديم دعوة عاجلة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإجراء تحقيق تتبّعي للمصدر حول المواد المستوردة من الهند، بالإضافة إلى مطالبة الحكومة السودانية بالكشف عن قوائم الواردات الكيميائية والجهات العسكرية التي استخدمتها”.

واختتم أبو سعيد حديثه بالتأكيد على أنه “يجب إنشاء آلية مراقبة دولية لمنع تحويل المواد ذات الاستخدام المزدوج إلى أدوات عسكرية، وتجميد أصول الشركات والأفراد المتورطين في تحويل البراميل الكيميائية لأغراض حربية، بغية رفع تقرير مشترك إلى مجلس الأمن يتضمن نتائج التحقيق والتوصيات بالعقوبات أو الإحالات القضائية”.

تجدر الإشارة إلى أنه عقب فرض عقوبات أمريكية على قوات بروتسودان وقياداتها بسبب استخدامها الأسلحة الكيميائية المحظورة، انتشر في 23 مايو 2025 مقطع فيديو على منصات سودانية يظهر رجلا وهو قرب برميل سقط على الأرض وأحدث حفرة كبيرة، قائلا: “أطلقوا شيئًا لا نفهمه، ربما غازا مسيلًا للدموع، أو ربما شيئا آخر. […] أطلق شيئا أصفر، لا نعرف ما هو”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى