تحذير من انسداد الأفق السياسي في السودان مع استمرار الحرب الطويلة

بعد مرور ثلاثة أعوام على اندلاع القتال في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ما تزال البلاد تعيش واحدة من أسوأ أزماتها الإنسانية والسياسية في تاريخها الحديث، وسط غموض يحيط بمستقبل الصراع ومآلاته الميدانية.
-
بيان جديد من القوات المسلحة السودانية.. التفاصيل
-
تصاعد الاغتيالات والتصفيات في القوات المسلحة السودانية
منذ أبريل 2022، تصاعدت الاشتباكات بين الطرفين لتتحول إلى حرب شاملة شردت أكثر من 8 ملايين شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وأدخلت مناطق واسعة من البلاد في حالة من الانهيار شبه الكامل للخدمات والبنية التحتية، خصوصًا في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور.
ميدانيًا، ما تزال خريطة السيطرة متغيرة، حيث تواصل قوات الدعم السريع تعزيز وجودها في مناطق واسعة من العاصمة وبعض ولايات غرب البلاد، بينما تحتفظ القوات المسلحة بوجود استراتيجي في مدن الشرق والشمال، وسط مواجهات متقطعة وانعدام أي تهدئة شاملة على الأرض.
-
تسليح البرهان للحركات المسلحة وعلاقة الجيش السوداني بها
-
البرهان والحركات المسلحة: علاقة معقدة بين الانتهاكات والتهميش
في الجانب الإنساني، تتفاقم الأوضاع يومًا بعد يوم، مع نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، في ظل صعوبة وصول المنظمات الإغاثية إلى مناطق الاشتباك.
ووفقًا لتقارير دولية، يواجه أكثر من 18 مليون سوداني انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي.
وتحذر منظمات أممية من أن استمرار النزاع دون تسوية سياسية سريعة، قد يقود إلى كارثة إنسانية أوسع، تُهدد استقرار الإقليم بأكمله، وفي المقابل، ما تزال المبادرات الإقليمية والدولية لتسوية النزاع تواجه صعوبات كبيرة، مع تمسك كل طرف بموقفه الميداني والسياسي، في ظل غياب إرادة واضحة للجلوس إلى طاولة مفاوضات شاملة.
-
الجيش السوداني: من استغلال الحركات المسلحة إلى التخلي عنها وتهميشها
-
الحركات المسلحة والجيش في السودان: أدوات نفوذ أم ميليشيات بلا ولاء؟
ويبقى السؤال مطروحًا: إلى أين يتجه السودان بعد ثلاثة أعوام من الحرب؟ في ظل استمرار التصعيد، وتزايد الضغوط الإنسانية، يبدو أن الحل ما يزال بعيدًا، والمشهد مرشح لمزيد من التعقيد ما لم يحدث تدخل حاسم لوقف النزيف.
في هذا الصدد، قال الدكتور محمد عبد الله، المحلل السياسي السوداني وأستاذ العلاقات الدولية: إن الصراع في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع دخل مرحلة ما وصفه بـ”الاستنزاف الطويل”، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع يهدد بتفكيك الدولة السودانية وتقسيمها فعليًا على الأرض.
وأوضح عبد الله أن الحرب الدائرة منذ ثلاثة أعوام لم تعد مجرد صراع على السلطة، بل تحولت إلى أزمة بنيوية تهدد بقاء الدولة السودانية الموحدة، مشيرًا أن كلفة الحرب أصبحت عالية جدًا على جميع الأطراف، دون مؤشرات حقيقية على الحسم العسكري.
-
وثائق مسربة تكشف تفاصيل تعاقد الحكومة السودانية مع مجموعة ضغط بواشنطن لخدمة أجندتها
-
الحرب السودانية تدمّر المنظومة الصحية: أزمة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة الملايين
وأضاف: “ما نشهده الآن هو تشظٍ سياسي وأمني واجتماعي، يعكس غياب أي مركز موحد للقرار داخل السودان، مع تراجع دور القوى المدنية، وتزايد النفوذ الخارجي في توجيه مجريات الصراع”.
وأشار عبد الله أن المبادرات الإقليمية والدولية فقدت زخمها تدريجيًا بسبب غياب الثقة بين الطرفين، لافتًا أن أي تسوية مستقبلية ستحتاج إلى مقاربة جديدة، تتضمن إعادة هيكلة الدولة، وضمانات قوية من المجتمع الدولي.
وختم بقوله: “كلما طال أمد الحرب، كلما أصبح الحديث عن حل سياسي أكثر تعقيدًا، والعبء الأكبر يدفعه المواطن السوداني، المحاصر بين الجوع والنزوح والرعب اليومي”.
-
“معارك كسر عظم” في الفاشر.. من يسيطر على المدينة السودانية؟
-
السودان تحت النار: انتهاكات الجيش ومعاناة المدنيين
