تحذير: تصاعد مرعب في أرقام الاعتداءات الجنسية ضد النساء خلال حرب السودان
أطلقت الأمم المتحدة تحذيرًا خطيرًا بشأن تصاعد العنف الجنسي في السودان، مؤكدة أن النساء والفتيات يتعرضن لاستهداف ممنهج في سياق الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
جاء ذلك في تقرير صادم أشار إلى انتشار واسع لجرائم الاغتصاب والاستعباد الجنسي، ما يفاقم الأزمة الإنسانية المدمرة التي تعصف بالبلاد.
التقرير الأممي أوضح، أن هذه الجرائم تُستخدم كأداة لإرهاب المجتمعات المحلية وفرض السيطرة على مناطق النزاع، وبينما تعاني الضحايا من غياب العدالة ونقص الخدمات الصحية والنفسية اللازمة، تواصل الأطراف المتحاربة تبادل الاتهامات دون اتخاذ أي خطوات ملموسة لوقف هذه الانتهاكات.
عام ونصف من الجرائم
خلال فترة الحرب المندلعة في السودان منذ أكثر من عام نصف، توالت جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي بحق السودانيات، بفعل الانفلات الأمني.
ما دفع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر إلى التحذير خلال زيارة إلى السودان من وباء عنف جنسي تتعرض له النساء في البلد الغارق في الحرب، منبّهًا من أن نطاق هذه الاعتداءات الجنسية “غير مقبول”.
ففي أول زيارة له إلى بورتسودان، المدينة المطلة على البحر الأحمر، قال فليتشر “أشعر بالخجل لأننا لم نتمكن من حمايتكنّ، وأشعر بالخجل من أمثالي الرجال بسبب ما فعلوه”.
إحصائيات مرعبة
من بورتسودان تحدث السيد محمد الأمين مع أخبار الأمم المتحدة عبر الفيديو، قائلا: إن وراء كل ناجية من العنف الجنسي في السودان قصة مروعة.
وذكر أن “بعض النساء صارت لديهن مواليد نتيجة لتعرضهن للاغتصاب، وأن بعض الناجيات لم يفصحن عن تعرضهن لتلك الانتهاكات وأخفين الأمر عن أسرهن خوفًا من العار والوصمة”.
وقال الأمين: إن بعض النساء وصلن إلى مرحلة من اليأس دفعتهن إلى محاولة الانتحار، ولكن دعم صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركائه يحدث فرقًا في حياة الضحايا سواء عن طريق توفير أماكن إيواء آمنة وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي أو إتاحة أنشطة مدرة للدخل ليتمكّن من إعالة أطفالهن.
وقبل بداية الصراع كانت تقديرات الأمم المتحدة في السودان تفيد بأن حوالي 3 ملايين امرأة وطفلة يمكن أن تكون عرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي سنة 2022.
في الوقت الحالي سنة 2024، العدد بلغ تقريبًا 6.9 مليون امرأة وفتاة من الممكن أن تتعرض لهذا العنف.
ووفق حملة ” معًا ضد الاغتصاب”، بلغ عدد ضحايا الاعتداء الجنسي في السودان 505 حالات خلال الفترة من منذ بداية الحرب وحتى 30 يوليو 2024.
وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، وصل عدد النساء والبنات اللواتي يمكن أن يتعرضن للعنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي في السودان إلى 6.9 ملايين امرأة وطفلة في هذا العام.
وفي نوفمبر 2023، دعا المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام إلى تحقيق العدالة والمحاسبة لعدد 69 حالة اغتصاب واختطاف جنوبي دارفور، بينها 43 حالة اغتصاب جماعي، وعشر حالات خطف تعرضت للاستعباد الجنسي.
كما وثق المركز – في بيان آخر- 51 حادثة عنف جنسي ضد النساء والفتيات في محليتي زالنجي وقارسيلا في وسط دارفور.
والمبعوثة الأممية الخاصة بالعنف الجنسي في النزاعات دعت إلى تحقيق دولي عاجل لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
ومع ذلك، يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في التعامل مع الأزمة بسبب تعقيد الوضع السياسي والأمني في السودان.
يأتي هذا التحذير وسط استمرار النزوح الجماعي للمواطنين الذين يعانون من ظروف إنسانية كارثية، حيث باتت النساء والأطفال الأكثر عرضة للخطر في ظل انعدام الأمن وتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان.
ويؤكد، الباحث السياسي السوداني محمد إلياس، أن تصاعد العنف الجنسي الممنهج في السودان يعكس انهيار النظام الأمني وتفكك بنية الدولة بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، موضحاً أن هذه الجرائم تأتي في سياق محاولة الأطراف المتحاربة فرض سيطرتها على مناطق النزاع من خلال بث الرعب في نفوس المدنيين.
وأضاف إلياس إن الوضع الإنساني في السودان بات في مرحلة كارثية، خاصة مع غياب الرقابة القانونية والانفلات الأمني الذي يوفر بيئة خصبة لارتكاب مثل هذه الانتهاكات دون أي محاسبة.
وأشار أن المجتمع الدولي لم يتعامل مع الأزمة السودانية بجدية كافية، حيث تقتصر الجهود الدولية على الإدانة دون اتخاذ خطوات فعالة لردع الأطراف المتورطة أو لحماية المدنيين. وقال: “غياب الإرادة الدولية يجعل المدنيين في السودان ضحايا لصراعات القوى المحلية والإقليمية”.