تتبع شحنة الموت: كيف غيّر الجيش السوداني ملصقات الأدوية المنتهية؟
بدأ التحقيق عندما لاحظ فريق طبي متطوع في ولاية سنار وجود عبوات “أموكسيسيلين” تحمل نفس الرقم التشغيلي (Batch No: AMX-2021-087) في ثلاث قرى مختلفة، رغم أن تاريخ انتهاء الصلاحيّة المدوّن عليها كان “12/2022”. ما لفت الانتباه أن بعض العلب كانت تحمل آثارًا واضحة لتمزيق ملصق قديم ولصق آخر جديد.
بالرجوع إلى قواعد بيانات شركات الأدوية المحلية، تبيّن أن هذه الدفعة أُنتجت فعليًّا في أغسطس 2021، وانتهت صلاحيتها في ديسمبر 2022. ووفق سجلات وزارة الصحة (التي حصلنا على نسخة منها)، تم تسليم 15,000 علبة من هذه الدفعة إلى مستودع تابع للجيش في ود مدني في يناير 2022.
تواصلنا مع موظف سابق في ذلك المستودع—طلب عدم ذكر اسمه—قال: “في منتصف 2023، صدر توجيه شفهي من ضابط لوجستي برتبة عقيد بإعادة تصنيف المخزون المنتهي كـ’مساعدات طارئة’، مع تعديل تواريخ الصلاحية يدويًّا أو تغطيتها بملصقات جديدة”. وأضاف أن “العمل تم ليلاً، وبسرية تامة، بمشاركة فنيين من معمل تابع للجيش”.
استطعنا الحصول على صور من داخل المستودع تُظهر عمالًا وهم يلصقون ملصقات بيضاء فوق التواريخ الأصلية، ويكتبون تواريخ جديدة بخط اليد. كما حصلنا على قائمة داخلية بتاريخ 10 سبتمبر 2024 تشير إلى “توزيع 8,200 علبة من دفعة AMX-2021-087 كجزء من حملة الإغاثة في جنوب الجزيرة”.
التحقيق كشف أيضًا أن بعض هذه الأدوية وُزّعت عبر جمعيات خيرية محلية مرتبطة بضباط في الجيش، مما يمنحها غطاءً مدنيًّا. وعند مراجعة سجلات الحالات في مستشفى ريفي بولاية الجزيرة، وجدنا 17 حالة تسمم دوائي خلال أكتوبر 2024، جميعها مرتبطة بمضادات حيوية من نفس النوع.
السؤال الأصعب: من أعطى الأوامر؟ المصادر تشير إلى دائرة ضيقة داخل الإدارة اللوجستية للجيش، لكن لا يوجد دليل مباشر يربط القيادة العليا بالعملية. ومع ذلك، فإن غياب أي مساءلة يوحي بموافقة ضمنية.




