أحداث

بين الإنكار والكارثة.. مؤشرات على استخدام أسلحة كيماوية تهدد سكان الخرطوم


 تتزايد المخاوف في الأوساط الحقوقية والطبية من تأثيرات محتملة لاستخدام أسلحة كيميائية في مناطق مأهولة بالسكان في العاصمة السودانية الخرطوم، وسط تقارير دولية ومحلية تشير إلى وجود تسريبات كيماوية خطيرة في وقت يعاني فيه السكان من ظروف صحية وبيئية متدهورة.
وبحسب مختصين في الصحة العامة والبيئة، فإن أي استخدام محتمل لمواد كيميائية في مناطق سكنية قد يُحدث أضرارًا واسعة على المستوى البيئي والصحي، مع آثار تمتد لسنوات.

وحذر عبدالماجد مردس، عضو الجمعية الملكية لتعزيز الصحة، وفق موقع “اخبار شمال افريقيا “من أن “التسريبات الكيميائية في المناطق السكنية تعتبر من أخطر الحوادث البيئية والصحية، حيث تؤثر بشكل مباشر على الإنسان والنظام البيئي المحيط به، بما في ذلك الهواء والتربة والمياه”.
وأشار مردس إلى أن تأثير هذه المواد لا يقتصر على اللحظة الآنية، بل يمتد ليشكل خطرًا مزمنًا على الحياة اليومية للسكان وعلى فرص إعادة الإعمار لاحقًا، في حال تأكدت هذه التسريبات.
وتحدثت مصادر إعلامية محلية عن مؤشرات ميدانية تم رصدها في عدد من مناطق الخرطوم، تشمل “روائح كريهة”، و”بقايا مواد غير معروفة”، إضافة إلى حالات مرضية شملت التهابات تنفسية شديدة وأعراض جلدية غير معتادة.
وفي هذا السياق، قال الصحفي السوداني صلاح شعيب إن “بعض مظاهر استخدام أسلحة محظورة بدأت تظهر من خلال البراميل المتفجرة التي يتم إسقاطها في مناطق مأهولة”، مضيفًا أن تلك الممارسات أثّرت على مصادر المياه والزراعة والمراعي. كما أشار إلى ظهور حالات كوليرا في مناطق متفرقة من الخرطوم وأم درمان، ما دفع بعض النشطاء ومنظمات حقوقية إلى المطالبة بتحقيق شفاف في ما إذا كان ذلك مرتبطًا بتلوث كيميائي محتمل.
وبحسب مصدر مطلع، تقدم أربعة خبراء محليون بتقرير إلى منظمات دولية بينها “هيومن رايتس ووتش”، تضمن معلومات قالوا إنها “توثق لتسريبات كيميائية خطيرة” في عدة أحياء بالعاصمة، مشيرين إلى أن بعض المباني الحكومية والجامعات تأثرت بشكل مباشر.
كما أفاد المستشار القانوني السابق لدى الأمم المتحدة، إسماعيل عبد الحي مضوي، أن “خطورة الوضع دفعت إلى نقل بعض المقار الرسمية من وسط الخرطوم”، معتبرًا أن إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات على مسؤولين عسكريين سودانيين، بمن فيهم قائد الجيش، “يُظهر أن هناك معلومات بحوزة واشنطن تعتبرها ذات مصداقية بشأن استخدام أسلحة محظورة”.

خطورة الوضع دفعت إلى نقل بعض المقار الرسمية من وسط الخرطوم

وفي المقابل، نفى الجيش السوداني بشكل رسمي هذه الاتهامات، وأكد أنه لم يستخدم أي نوع من الأسلحة الكيميائية في العمليات العسكرية، واصفًا تلك المزاعم بأنها “ادعاءات لا تستند إلى أدلة موضوعية، وتهدف إلى تشويه صورة القوات المسلحة السودانية في المحافل الدولية”.
وقال متحدث باسم الجيش قبل فترة إن “السودان ملتزم بالقوانين الدولية المتعلقة بحظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وإن الاتهامات الأميركية محاولة سياسية لتبرير مواقف منحازة لطرف دون آخر في النزاع”.
وفي ظل هذه الاتهامات والنفي، يعبّر سكان العاصمة عن قلق متزايد، لا سيما في ظل ضعف الرقابة الصحية، وتراجع قدرات النظام الصحي على مراقبة أو تحليل المواد التي قد تكون ضارة أو سامة. ويشكو السكان من ظهور أمراض لم تكن شائعة سابقًا، وارتفاع عدد الحالات المصابة بمشاكل تنفسية، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
وتطالب منظمات حقوقية محلية بإجراء تحقيق مستقل ومحايد تحت إشراف جهات دولية، لتقييم الوضع البيئي والصحي في الخرطوم، والتحقق من صحة الاتهامات التي تم تداولها مؤخرًا، منعًا لانزلاق الوضع نحو أزمة إنسانية أشد تعقيدًا.
في وقت لا تزال فيه الاتهامات محل أخذ ورد بين جهات دولية والسودان الرسمي، يبقى المواطن السوداني هو الأكثر تضررًا من تداعيات الوضع القائم، سواء ثبت استخدام أسلحة كيميائية أم لا، ما يجعل المطالبة بتحقيق شفاف وعلني أمرًا حتميًا لتبديد المخاوف وإنقاذ ما تبقى من بنية صحية وبيئية مهددة بالانهيار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى