أحداث

بعد الحرب… الإخوان في مرمى التصنيف الإرهابي بالسودان


يعود الجدل حول وضعية تنظيم الإخوان المسلمين في السودان إلى الواجهة مجددًا، مع تصاعد الدعوات إلى تصنيف الجماعة منظمة إرهابية في ظل ما يُتهم به جناحها المحلي من دور في إشعال الحرب الداخلية، والتنسيق الخفي مع الميليشيات المسلحة، واستخدام العمل الدعوي غطاءً للتمدد السياسي والعسكري.

ويبدو أن البيئة السياسية المتغيرة في الخرطوم، والتي تشهد إعادة رسم لخريطة النفوذ، قد تُعجل بخطوة تصنيف التنظيم، خاصة مع تنامي الضغط الشعبي والرسمي ضد أنشطته.

وفي تقرير تحليلي نشرته صحيفة “إندبندنت عربية”، تم تسليط الضوء على مواقف قوى متعددة داخل السودان ترى أن الإخوان – رغم سقوط نظام البشير – ما زالوا يحتفظون ببنية تنظيمية سرية ونفوذ واسع داخل المؤسسات، وهو ما يُفسّر استمرار محاولات استهداف المرحلة الانتقالية وعرقلة بناء الدولة المدنية. التقرير أشار إلى أن المكون العسكري وبعض التيارات الإسلامية التقليدية لا يزالان يتعاملان بتحفظ مع خطوة التصنيف، رغم اعترافهما بخطورة “التمكين الإخواني” الذي بُني خلال العقود الماضية.

وتتوزع مواقف القوى السودانية بين من يطالب بتجريم الانتماء للجماعة قانونيًا، وبين من يرى أن مواجهة التنظيم يجب أن تتم سياسيًا عبر تفكيك شبكاته المالية والإدارية. وفي الوقت ذاته، تظهر مخاوف من استغلال قرار تصنيف الجماعة لشن حملة تصفية حسابات واسعة قد تشمل تيارات إسلامية غير منخرطة تنظيميًا في الإخوان، ما قد يؤدي إلى احتقان جديد في الساحة السودانية المشحونة أصلًا.

المفارقة أن جماعة الإخوان في السودان تسعى اليوم لإعادة التموضع من خلال واجهات جديدة، وتحالفات مؤقتة مع أطراف متناقضة. ويشير التقرير إلى أن الجماعة – أو من تبقى منها – لا تزال تتحرك بتكتيك “الكمون” و”التقرب التدريجي” من دوائر القرار، ما يجعل ملفها أكثر تعقيدًا من غيره. ومع تزايد التعاون الأمني بين السودان ودول الجوار في ملف محاربة الإرهاب، فإن الضغط الخارجي قد يلعب دورًا محوريًا في حسم النقاش لصالح التصنيف، خاصة إن اقترنت هذه المطالب بخطوات إقليمية مشابهة كما حدث في مصر وتونس والمغرب.

ويرى مراقبون أن المعركة ضد التنظيم في السودان تبدو مفتوحة على احتمالات متعددة، تبدأ من العزل السياسي وتنتهي بالتجريم القانوني الكامل. لكن المؤكد أن الإخوان، رغم تراجع شعبيتهم، لم يُغادروا المشهد فعليًا، بل ينتظرون اللحظة المناسبة للعودة، وهو ما يفرض على القوى الوطنية السودانية الحذر، والتعاطي مع هذا التهديد بعين استراتيجية تتجاوز الحسابات الآنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى