أحداث

بعد الانتكاسات العسكرية.. الجيش السوداني يلجأ للخطاب الديني لدعم صفوفه


رجّح خبراء أن يلجأ الجيش السوداني إلى توظيف الخطاب الديني من أجل حشد أنصاره للاستمرار في حربه ضد قوات الدعم السريع، المندلعة منذ أكثر من عام ونصف العام.

وأكدوا أن وعي الشعب السوداني سيقف عائقًا أمام استغلاله عبر الخطاب الديني. لافتين إلى أمل الشعب، الذي يعيش غالبيته أوضاعا إنسانية متدهورة. يكمن بوقف الحرب وعودة النازحين إلى ديارهم.

وباءت محاولات الجيش السوداني باعتماد خطاب “تغريب” قوات الدعم السريع (تضم أجانب غير سودانيين) بالفشل، بل انعكس عليه بشكل عكسي بعد أن جلب عليه غضب الكثيرين. خصوصًا المجموعات السكانية التي يقاتل أبناؤها في صفوف “الدعم السريع“.

لن ينجح

يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبوعبيدة برغوث. أن الجيش السوداني خسر بشكل كبير جراء توظيفه الفترة الماضية للخطاب القبلي والعرقي واستهداف مكونات قبلية عريقة لها تاريخ طويل في البلاد، إذ وجد الجيش نفسه بعدها كأنه يمثل مجموعة صغيرة في مواجهة الأغلبية التي تم استهدافها بالخطاب العنصري.

وتوقع أن يلجأ الجيش السوداني إلى الخطاب الديني لحشد أنصاره للاستمرار في الحرب، لكن ذلك لن ينجح لأن المجموعات التي يستهدفها هي الأكثر تدينا. وأن عددا كبيرا منها ينتمي للحركة المهدية والطرق الصوفية.

وأضاف برغوث أن “هؤلاء الناس خسروا كل شيء ولم يتبقَ لهم غير الذهاب إلى طاولة التفاوض ليحافظوا على ما تبقى لهم من وجود سياسي في مؤسسات الدولة. وعليهم أن يكفوا عن هذا التفكير الأرعن، يجب أن يتحلوا بالمسؤولية والكف عن العزف على وتر الاختلافات العرقية والدينية. لأن كل السودانيين أخوة على مختلف أعراقهم ودياناتهم”.

 ومنذ بداية الحرب، ركز خطاب الجيش الإعلامي على التصنيف العرقي، في محاولة لحشد السودانيين ضد قبائل محددة ينتمي إليها قادة قوات الدعم السريع. بيد أن ذلك لم ينجح بعدما انخرط الكثير من المقاتلين في صفوف “الدعم السريع“.

وخلال الفترة الماضية، حاول الجيش السوداني جر الصراع المحتدم في الفاشر  شمالي دارفور إلى أتون العرق والقبلية، من خلال حشد المقاتلين على أساس القبيلة لقتال قوات الدعم السريع. مما أثار مخاوف من انزلاق إقليم دارفور نحو الصراع العرقي.

وتقاتل حركات مسلحة في إقليم دارفور، على رأسها حركتا تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي. والعدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، إلى جانب الجيش السوداني، إذ درج قادتها على استخدام الخطاب القبلي في التحشيد ضد قوات الدعم السريع.

خطاب مُجرب

من جهته، يرى المحلل السياسي، صلاح حسن جمعة، أن الجيش السوداني سبق وجرب كل الخطابات التي يظن أنها قد تجعل الشعب السوداني يصطف خلفه في كل حروبه ضد الحركات التي تمردت عليه لأسباب تنموية تخص مناطقها.

وقال إن “الشعب السوداني كان يُفشل في كل مرة تلك الخطابات”. مشيرًا إلى “أنه سبق وجرب مع الإخوان المسلمين الخطاب الديني ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان التي كانت تقاتل في الجنوب. وكان حصاد ذلك الخطاب انفصال جنوب السودان. وتقسيم المجتمع السوداني إلى كتل طائفية ودينية وأخرى قبلية بسبب الإسلام السياسي”.

 

وبيّن جمعة أن الجيش السوداني يحاول الآن الاستثمار في خطاب الوطنية .وحرب الكرامة كما يسميها، لكنه غير مستبعد أن يلجأ إلى تجريب المجرب، وفق قوله.

 وأضاف أن “رجالات الدين يروجون الآن على منابر المساجد لخطاب قديم متجدد الاستخدام في الحرب، وذلك يعلمه الشعب السوداني، ويعلم أنه لم يعد يجدي. لأنه معلوم للجميع من يقف وراءه، وهم عناصر النظام السابق الذين ينشدون العودة إلى السلطة بالخطابات العاطفية”.

وأكد جمعة فشل الأوصاف الإقصائية التي كان يطلقها الجيش السوداني على قوات الدعم السريع بعدما تمردت عليه. رغم أنه يعلم أنها مجموعات من قبائل في دارفور دربها وسلّحها في وقت سابق لتحارب نيابة عنه التمرد آنذاك.

إرث الحركة الإسلامية

ويقول المحلل السياسي عمار الباقر إن الجيش السوداني يقرأ الآن من كتاب الحركة الإسلامية ذاته، ويستلف من إرثها في استخدام الخطاب الديني. لاستعطاف الشعب السوداني لمساعدتها على إدارة معاركها والقضاء على خصومها.

وأضاف أن الحركة الإسلامية خلال حكمها السابق وظفت الخطاب الديني ضد كل خصومها. بما فيهم الأحزاب المدنية ذات التوجه اليساري. فقد كانت تصفهم بالكفار وما إلى ذلك. في محاولة لتحقيق مكسب سياسي.

وأوضح الباقر أن الخطاب الديني نفسه استخدمه الجيش السوداني ضد حكومة الفترة الانتقالية لأجل الانقضاض عليها، إذ كان يدمغ رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بمخالفة الشريعة. وظل يؤلب الرأي العام ضد البرامج التي كانت تعمل عليها حكومة الفترة الانتقالية.

ولفت إلى أن “الجيش الآن يمضي في الطريق نفسه في محاولة لإعطاء مشروعية لاستمرار الحر. فقد ظلت الكتائب التي تقاتل معه تخرج عقب كل معركة لتصف قتلى قوات الدعم السريع بأنهم هلكى، بينما تعتبر قتلى الجيش شهداء في الجنة، وهو الخطاب ذاته الذي استُخدم في حرب الجنوب. إذ وظف فيها الخطاب ذاته ضد الحركة الشعبية التي تمردت على الجيش السوداني نفسه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى