المدارس السودانية من مراكز للتعليم إلى مراكز إيواء للنازحين
تشهد المدارس في السودان تحولًا جذريًا في وظيفتها التعليمية الأساسية بعدما أضحت مراكز لإيواء النازحين الفارين من جحيم الحرب.
هذا التحول يعكس الجهود المبذولة من قبل المجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية لتوفير مأوى آمن للأسر المتضررة، وتقديم الدعم الضروري لهم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.
من ضمن هذه المدارس مدرسة “الثورة الحارة الثامنة” في أم درمان حيث تسعى لتلبية احتياجات النازحين من خلال توفير الحماية والمساعدات الإنسانية الأساسية، مع التركيز على الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الذين يعانون من آثار الصراع.
قاسم أحمد المشرف العام لمدرسة “الثورة الحارة الثامنة” لإيواء النازحين، قال إن تحويل مدارس المنطقة إلى مراكز لإيواء النازحين جاء استجابة للأعداد المتزايدة من الوافدين الفارين من العاصمة والمناطق المجاورة.
وأضاف “وجدنا الأسر في حالة ضياع، وبحكم أنني من سكان الحارة الثامنة، قررنا فتح المدارس للنازحين طالما أن الدراسة متوقفة”.
وأوضح أن المدرسة تأوي 46 أسرة تضم 163 فردًا، مشيرًا إلى أن الدعم المادي الذي يأتي من التبرعات الخيرية والمنظمات الإنسانية المحلية، مؤكدًا وجود نقص كبير في الدعم الطبي لعلاج المصابين والمرضى النازحين بالمدرسة.
في المدرسة التقت مجموعة من النازحين حيث قال أحمد عبد الكريم: “فقدنا أعمالنا، ولا يوجد لدينا ما نفعله هنا، لكن أتمنى أن يحصل الأطفال على دورات أكاديمية بدلًا من الجلوس بلا عمل”.
أما وفاء يوسف فأكدت أنها وصلت إلى المدرسة بعد رحلة نزوح شاقة، وأردفت: “أصابتني شظايا القذيفة في رجلي وظهري، ولا تزال بعض الشظايا في ظهري وتتطلب عملية جراحية، لكن الوضع الطبي متأزم”.
من جانبها، قامت المعلمة تيسير خليل بتأسيس فرقة استعراضية للأطفال بهدف إدخال البهجة وتخفيف صدمات الحرب، حيث قالت: “بدأنا العمل على هذه الفرقة منذ عام، ودربنا الأطفال على الرقصات الاستعراضية والتراثية حتى أتقنوها”.
وأضافت: “العلاج بالموسيقى حقيقي، حيث تخلق الموسيقى جوًا مختلفًا للأطفال والناس”.
وعبّرت الطفلة حنان عارف -أحد أعضاء الفرقة- عن سعادتها قائلة: “نحن نرقص لننسي الناس جو الحرب، ونرقص كل الرقصات التراثية ونذهب إلى المراكز الأخرى لنهوِّن على النازحين والمرضى”.
ومنذ منتصف إبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) حربًا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتزايدت دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.