المجزرة المخفية: وثائق وصور تكشف جريمة الجيش السوداني ضد نازحي الأبيض

في ظل تصاعد الصراع السوداني واتساع رقعة النزوح، ظهرت إلى العلن معلومات صادمة تهزّ أركان السلطة في بورتسودان، وتضع الجيش السوداني في مواجهة اتهامات خطيرة بارتكاب مجزرة وحشية ضد نازحين في غرب البلاد.
وثيقة مسرّبة وصور أقمار صناعية حديثة تكشف – لأول مرة – عن عملية إعدام ميداني طالت 27 نازحاً قرب مدينة الأبيض، تبعتها عملية دفن سرية، مع أوامر مباشرة من جهات عليا بالتعتيم الكامل ومنع أي توثيق طبي أو حقوقي.
الوثيقة المسرّبة: أوامر بالتصفية والتعتيم
التسريب الذي وصل إلى السودان ليكس، يتضمن نسخة من وثيقة يُعتقد أنها صادرة عن جهاز استخبارات تابع للجيش السوداني.
الوثيقة تحمل تاريخاً حديثاً وتوقيعات مسؤولين عسكريين بارزين، وجاء فيها نصاً:
“تنفيذ عملية التصفية الميدانية لعدد 27 من العناصر النازحة المشتبه في ارتباطها بأنشطة معادية، بمنطقة (و.غ.أ) غرب مدينة الأبيض.
يتم دفن الجثث في موقع غير مصنف بعيداً عن القرى، دون إجراء أي فحص طبي أو تشريح، حفاظاً على الأمن الوطني ومنع استغلال الحدث إعلامياً.”
لغة الوثيقة المباشرة، والتعليمات الصارمة بإخفاء الجثث، تشير إلى أن الحادثة لم تكن اشتباكاً عشوائياً، بل عملية ممنهجة ذات غطاء رسمي.
صور الأقمار الصناعية تكشف القبور الجماعية
إلى جانب الوثيقة، حصل موقع السودان ليكس على صور ملتقطة بالأقمار الصناعية بتاريخ قريب من الواقعة.
التحليل المبدئي للصور أظهر ما يلي:
-
سبع حفر جديدة متفاوتة الحجم في منطقة صحراوية تبعد نحو 15 كيلومتراً غرب الأبيض.
-
تغير واضح في لون التربة، ما يعكس نشاط حفر وردم حديث.
-
وجود آثار لعربات وآليات عسكرية في محيط الموقع، بعضها لا تزال ملامحها واضحة في الصور.
مقارنة هذه الصور مع أرشيف صور المنطقة قبل أسبوعين، أكدت أن الحفر لم تكن موجودة سابقاً، ما يعزز فرضية ارتباطها بالمجزرة المزعومة.
شهادات ميدانية: الخوف من الكلام
في اتصال هاتفي مع أحد سكان القرى القريبة، والذي طلب عدم كشف هويته خوفاً من الانتقام، أكد أن المنطقة شهدت تحركات غير عادية لقوات مسلحة في الأيام التي سبقت الواقعة. وأضاف:
“كنا نسمع أصوات إطلاق نار ليلاً، وبعدها بيومين أُغلقت الطرق المؤدية إلى الغرب، ومنعونا من الاقتراب بحجة أن هناك عمليات عسكرية.”
شاهد آخر، وهو عامل إغاثة، قال إن فرقته تلقت بلاغات عن مفقودين من معسكر نازحين قريب، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول للتحقق بسبب القيود الأمنية.
دور المخابرات العسكرية: التغطية على الجريمة
المعلومات المسرّبة تكشف أيضاً عن دور المخابرات العسكرية في إحكام التعتيم على الحادثة، عبر:
-
تهديد الشهود وعائلات الضحايا بعدم الإدلاء بأي تصريح.
-
منع الصحفيين المحليين والدوليين من الوصول إلى المنطقة.
-
إعداد تقارير داخلية تُصوّر الحادثة كـ”اشتباك مع عناصر مسلحة” دون ذكر هوية القتلى كنازحين.
ردود الفعل الدولية المتوقعة
منظمات حقوق الإنسان الدولية، مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، لم تصدر بيانات بعد، لكن مصادر دبلوماسية رجحت أن يؤدي نشر هذه المعلومات إلى:
-
المطالبة بتحقيق عاجل تحت إشراف الأمم المتحدة.
-
فرض ضغوط على السلطة في بورتسودان لفتح المجال أمام لجان تقصي الحقائق.
-
تزايد حملات الضغط الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام وسم #HiddenMassacre.
جريمة تُدفن في الصحراء
سواء كانت هذه الوثيقة والصور دليلاً قاطعاً أو مجرد بداية لكشف سلسلة من الانتهاكات، فإنها تضع الجيش السوداني أمام اتهامات خطيرة لا يمكن تجاوزها.
المجزرة ليست مجرد رقم في تقارير حقوقية، بل جرح مفتوح في الذاكرة الجماعية للنازحين، ورسالة مرعبة لكل من يعيش في مناطق النزاع.
في ظل الصمت الرسمي، تبقى الحقيقة رهينة جهود التحقيق المستقلة، بينما تتزايد الشكوك حول حجم الجرائم التي لا تزال مطموسة تحت رمال الصحراء.
